الحروب التجارية وأبعادها السياسية

بقلم : د. إبراهيم التميمي*

 

عن الوعي

لا يخرج الصراع الدولي منذ فجر التاريخ وحتى قيام الساعة عن أحد دافعَين؛ إما حب السيادة والفخر (سواء سيادة الأمة أو الشعب، أو سيادة المبدأ) أو الركض وراء المنافع المادية، وبقي هذان الدافعان هما المحركَيْن للصراع الدولي، ولكن بعد زوال الدولة الإسلامية وسقوط الاتحاد السوفياتي وتفرد المبدأ الرأسمالي في السيطرة على العالم، وهو المبدأ الذي يقدِّس المصلحة والمنفعة ويدفع باتجاه السيطرة المالية والاقتصادية، تنحى الدافع الأول وأصبح الدافع الثاني هو المحرك والمؤجج الرئيسي للتنافس الاستعماري بين الدول الكبرى.

وتحوَّل هذا التنافس بين الدول الكبرى للسيطرة على الموارد والمنافع في العالم إلى سياسة خبيثة يتم تنفيذها من خلال أدوات عدة أبرزها: المؤسسات الدولية التابعة للدول الكبرى مثل منظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والاتفاقيات السياسية والعقود التجارية والشركات العابرة للقارات، إضافة إلى الحكام العملاء والوجود العسكري في الدول العميلة.

أما بين الدول الكبرى، فقد أدى التقدم العلمي الهائل والتطور الملحوظ في علم الاقتصاد وزيادة الإنتاج والصعود الاقتصادي السريع لبعض الدول مثل ألمانيا والعملاق الصيني، وما يتطلبه ذلك التقدم الاقتصادي من تنافس في السيطرة على الأسواق العالمية لمواكبة التطور في الإنتاج، أدّى كل ذلك إلى شعور الدولة الأولى بالانزعاج والخوف من أن يتبع هذا الصعود الاقتصادي الكبير والسريع لتلك الدول صعودٌ سياسي يهدد مركز الدولة الأولى ونفوذها السياسي في العالم، ومع اندلاع الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالدولة الأولى وزلزلت اقتصادها قبل عقد من الزمن، وما تبع تلك الأزمة من آثار سلبية قاسية على الاقتصاد الأميركي، تعزز هذا الهاجس لدى الدولة الأولى وتنامى، واتخذت منه مبررًا لإطلاق العنان لنفسها لسلوك كل سبيل من شأنه مساعدتها في التخلص من الآثار السلبية لتلك الأزمة الاقتصادية، وأعطت الضوء الأخضر لسياسييها في اتباع أساليب ووسائل كانت في الماضي تعتبر من المحرمات التي يمنع استخدامها في التعامل والتبادل التجاري مع دول العالم، حتى وصل الأمر في عهد الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب إلى تجاوز قوانين منظمة التجارة العالمية وسياسة حرية التجارة التي شكلت أسس التبادل التجاري في العالم خلال العقود الماضية، وكانت فيما مضى تعتبر المرجعية المقدسة للدول الكبرى في حل الإشكاليات التجارية والمشاكل الاقتصادية ولا يجرؤ أحد على تجاوزها، وهو ما أشعل بحسب مراقبين واقتصاديين فتيل ما يسمى بالحروب التجارية، فما هي الحروب التجارية؟ وما هي الدوافع الحقيقية لهذا النوع من الحروب؟ وما هي الأبعاد السياسية لهذه الحروب؟ وهل من الممكن أن تؤثر على الموقف الدولي؟.

الحروب التجارية:

هو مصطلح تداولته وسائل الإعلام وتكرر على لسان السياسيين والاقتصاديين بعد الإجراءات التي قامت بها الولايات المتحدة ضد الاتحاد الأوروبي والصين وكندا ودول أخرى عدة، وما تبع تلك الإجراءات من ردود أفعال وإجراءات مضادة.

وتمثلت هذه الإجراءات بالأمور التالية:

فرض رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة من بعض صادرات تلك الدول حيث تم فرض:

10% رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة من الصلب، و25% على وارداتها من الألمنيوم، ومن الدول التي شملتها الرسوم الجمركية الاتحاد الأوروبي، وكندا، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، والصين.

25% رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 50 مليار دولار في السنة.

التهديد بفرض المزيد من الرسوم الجمركية في حالة الرد على الرسوم التي تم فرضها حيث تم التهديد بفرض:

10% رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار ردًا على اتباع الصين سياسة الرد بالمثل، وفرضها رسومًا جمركية على واردات أميركية تقدر بـ50 مليار دولار، وهو ما يساوي قيمة المنتجات الصينية التي فرضت عليها الولايات المتحدة رسومًا جمركية.

رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة من السيارات القادمة من الاتحاد الأوروبي في حال فرضه رسوم جمركية على المنتجات الأميركية الواردة لدوله كنوع من الرد على الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة على الألمنيوم والصلب، وجاء ذلك التهديد عقب إعلان كل من كندا والاتحاد الأوروبي عن عزمهما مواجهة الإجراءات الأميركية بإجراءات مماثلة، وفرض ضرائب على المنتجات الأميركية الواردة إليهما، وشروعهما في تطبيق تلك الإجراءات.

رفض ترامب التوقيع على البيان الختامي للدول الصناعية الكبرىG7 بعد شدٍّ وجذب من قبل زعماء الدول المجتمعة لثني الولايات المتحدة عن إجراءاتها الاقتصادية ضد تلك الدول، وبذل الجهد في محاولة إقناع الرئيس دونالد ترامب بالعدول عن سياسة الحمائية وفرض الضرائب والجمارك.

الدوافع وراء هذه الإجراءات (الحروب التجارية):

في ظل المديونية الفلكية للولايات المتحدة والتي بلغت ما يزيد عن 20 تريليون دولار، وعدم القدرة على تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية التي حصلت عام 2008م إلى الآن، وفشل الإدارة السابقة في ذلك، والرغبة الجامحة لدى الإدارة الحالية الفظة في معالجة تلك الآثار، تم اتباع هذه السياسة لتحقيق أهداف عدة منها:

جلب المزيد من الأموال إلى ميزانية الدولة بكل الطرق، سواء أكانت بشكل دبلوماسي يليق بدولة من خلال توقيع اتفاقيات تجارية جديدة وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها، أم بشكل إجباري يليق بعصابة ومافيا كما حصل في التعامل مع النظام السعودي، أم بفرض الضرائب والرسوم الجمركية كما حصل مع الصين والاتحاد الأوروبي، ومن ثم استخدام هذه الأموال لدعم الاقتصاد الأميركي وتوفير فرص عمل.

التأثير بشكل سلبي على النمو السريع في اقتصاديات بعض الدول خاصة الصين وألمانيا التي يمثل لها السوق الأميركي المستهلك الأكبر لمنتجاتها في محاولة لضبط الصعود الاقتصادي والسياسي لتلك الدول، وفي المقابل دعم الشركات المحلية في الولايات المتحدة وتحفيزها على الإنتاج مثل شركات استخراج الصلب والألمنيوم بما يدعم اقتصاد الدولة.

والأمر الذي شجع الولايات المتحدة على القيام بمثل هذه الإجراءات هو إدراك الولايات المتحدة مدى الحرص الصيني على عدم تضرر المصالح التجارية مع أميركا، وهو ما دفعها في السابق إلى إخضاع حليفتها كوريا الشمالية للإملاءات الأميركية، وإدراك الولايات المتحدة أن الصين لن تستطيع مواجهة تلك الإجراءات بإجراءات مماثلة؛ لأن حجم الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة تفوق نسبة الواردات بكثير ما قد يدفع الصين إلى القبول بالابتزاز الأميركي من منطلق الحسابات الصينية التي أظهرت سابقًا مدى ضيق أفقها ووعيها السياسي على السياسة الدولية، وكشفت مدى ضعف إرادتها السياسية، فوفق نظر الأميركان من يضحي بالحلفاء مقابل المال يضحي ببعض المال من أجل الحفاظ على بقية المال، وكذلك ترى الولايات المتحدة أن الاتحاد الأوروبي أضعف من أن يدخل في مواجهة مع أقوى اقتصاد في العالم.

فبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي تبحث عن شريك اقتصادي جديد، وهي تمارس سياسة اللف والدوران والإبقاء على رِجل مع أميركا ورجل مع الاتحاد الأوروبي بشكل يضعف مواقفها السياسية ومواقف الاتحاد الأوروبي.

أما ألمانيا فرغم تغير مواقفها السياسية ومعارضتها للولايات المتحدة في كثير من المسائل، خاصة في عهد الإدارة الحالية؛ ولكنها ما زالت غير قادرة على مواجهة الولايات المتحدة لافتقادها القوة العسكرية والنفوذ السياسي الكافي لذلك، وفي الوقت نفسه فإن المصالح الألمانية مع الولايات المتحدة ليست بالشيء القليل؛ حيث تصدر ألمانيا ما يعادل 111 مليار دولار سنويًا، وهو ضعف ما تستورده من الولايات المتحدة، ويعتبر السوق الأميركي من أهم الأسواق المستوردة للسيارات المصنعة في ألمانيا حيث يستورد 15% من إنتاجها، هذا عوضًا عن السيارات التي تصنعها الشركات الألمانية داخل الولايات المتحدة، وبالتالي إن خاضت هذه الحرب في الوقت الحالي فستخرج منها خاسرة.

أما فرنسا فإنها بدون بريطانيا وألمانيا تكون عاجزة عن مواجهة أميركا لوحدها.

الأبعاد السياسية لهذه الحروب:

وقبل الخوض في هذه النقطة، لا بد من الإشارة إلى أمر مهم، وهو الفارق الشاسع بين القوة العسكرية والنفوذ السياسي للدول الكبرى مقارنة بالدولة الأولى، ونضرب لتوضيح ذلك مثالين:

الأول: ميزانية وزارة الدفاع للولايات المتحدة لعام 2018م بلغت 715 مليار دولار وهو ما يعادل ميزانية الدفاع للدول الكبرى مجتمعة.

 الثاني: النفوذ السياسي الأميركي يفوق النفوذ السياسي لبقية الدول الكبرى مجتمعة، وهو في تزايد، والولايات المتحدة تكاد تمسك بمجمل الملفات والقضايا السياسية في العالم.

وفي ظل الهيمنة الأميركية على العالم، والتراجع الحاصل للمنافس القديم الجديد أوروبا، ومعضلة التفكير الإقليمي الذي تعاني منه الصين؛ فإن الدول الكبرى تسعى للتأثير على سياسة الدولة الأولى من خلال تأمين مصالحها في كثير من الملفات والقضايا السياسية كما حصل في الملف العراقي، والسوري، والأفغاني، والسعودي، والفلسطيني، وكوريا الشمالية، وغيرها من الملفات، وتساعدها في إدارتها وفي إبقاء سيادتها على العالم مقابل أهداف سياسية ومنافع اقتصادية وأرباح بالمليارات تجنيها وتكتسبها تلك الدول من الدولة الأولى من خلال التبادل التجاري معها والاستفادة من سوقها الضخم واستهلاكها الكبير. وفي المقابل، الولايات المتحدة كانت تتغاضى عن ميل الميزان التجاري لصالح تلك الدول وتغض الطرف عن الاستفادة من أسواقها واستهلاكها لما تقدمه تلك الدول من خدمة لها في الملفات السياسية ومساعدتها لها في إبقاء سيادتها على العالم.

 وقد أدت الضربات السياسية المستمرة التي توجهها الدولة الأولى للدول الكبرى في المناطق التي تبقَّى لها نفوذ فيها مثل النفوذ البريطاني في الخليج، والفرنسي في أفريقيا، والروسي في أوروبا الشرقية، والصين في محيطها، أدت إلى جعل المكاسب الاقتصادية هي الحائل الأخير بين الدول الكبرى وبين تغير سياستها في مساعدة الدولة الأولى في السيادة على العالم والإمساك بالملفات السياسية الساخنة. ومع الإعلان عن الحروب التجارية وسعي الدولة الأولى للسيادة مع الربح التجاري دون الالتفات إلى أهمية مساعدة الحلفاء، ودون مقابل يبقيهم تحت مظلتها ويحافظ على سيرهم خلفها؛ تكون الدولة الأولى قد سدت الباب في وجه تلك الدول وضربت مصالحها السياسية والاقتصادية، وهي بذلك تدفعها نحو تغيير سياستها تجاهها، وهو البعد السياسي الأبرز لما يسمى بالحروب التجارية.

احتمالية تأثير الحروب التجارية على الموقف الدولي:

الموقف الدولي هو الحالة التي تكون عليها الدولة الأولى في العالم والدول التي تزاحمها، وهو لا يلزم حالة واحدة، وإنما هو متغير ومتبدل في العالم حسب أوضاعه وأحواله وأحداثه.

وللتأثير على الدولة الأولى، وبذلك التأثير في الموقف الدولي يلزم تهديد المصالح الحقيقية للدولة الأولى تهديدًا فعالًا، أو تأمين مصالح الدولة الأولى عن طريق المساومة لمصلحتها، والناظر إلى الموقف الدولي هذه الأيام يجد أن الدول الكبرى بدأت تدرك خطورة وحماقة اختيار التأثير على الدولة الأولى من خلال تأمين مصالحها، وأن هذه الطريقة التي لا تليق بالدول الكبرى لما فيها من مقامرة بكيان أمة ومغامرة بمصير دولة، وإن كانت توصل إلى الغاية في بعض الأحيان، أصبحت غير فعالة وغير مجدية في ظل الإدارة الأميركية الحالية وسياستها القائمة على حماية مصالحها التجارية والسياسية دون الالتفات إلى مصالح الدول الكبرى، واستعدادها لنسف الاتفاقيات وتجاوز القوانين الدولية والتخلي عن المنظمات العالمية إذا ما وجدت مصلحة في ذلك.

وكانت هذه الحروب التجارية بمثابة ناقوس الخطر للدول الكبرى دفعتها لمراجعة سياستها في التعامل مع الولايات المتحدة، وقد ظهرت بوادر لذلك حيث بدأت الدول الكبرى حديثًا وبشكل لافت بالعمل على إنشاء تحالفات سياسية واتفاقيات تجارية فيما بينها تتجاوز الولايات المتحدة كنوع من أنواع التصدي للدولة الأولى وسياستها المتعجرفة، ومن الأمثلة على ذلك التقارب الروسي الصيني كما حصل في اجتماع منظمة شنغهاي الأخير في الصين 10/6/2018م، وأيضًا التقارب بين دول الاتحاد الأوروبي التي تضررت مصالحها بشكل كبير بعد الإجراءات الأميركية الأخيرة وما حصل في قمة الدول الصناعية السبع، ويلخصه تصريح ماكرون: “إن الأعضاء الستة الآخرين بمجموعة السبع قد يشكلون مجموعتهم الخاصة إذا اقتضى الأمر”. وكان هذا التصريح ردًا على الإجراءات الأميركية وتعنُّت رئيسها، وهو ما ينبئ بتغيُّر قادم للموقف الدولي بدأت ملامحه تظهر في ظل الإدارة الحالية ورئيسها المتعجرف الذي تبجح بإعلان ما يسمى بالحروب التجارية وأن الولايات المتحدة قادرة على كسبها، فغرد على حسابه: “عندما تخسر دولة مليارات الدولارات في التجارة مع كل الدول التي تتعامل معها تقريبًا، فإن الحروب التجارية جيدة، ومن السهل كسبها”، ونذكر ما جاء في جواب سؤال لأمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة تعليقًا على الحروب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة “يعمل الرئيس ترامب صاحب العقلية التجارية على إنقاذ اقتصاد أميركا رافعًا شعاره “أميركا أولًا” مما ينذر بتفكك مؤسسات عالمية طالما استخدمتها أميركا لفرض نفوذها عالميًا، وبالتالي تفكك النظام العالمي وظهور موقف دولي جديد حيث لم تعد أميركا تضحي من أجل أن تبقى سيدة العالم بمساعدة الدول الأخرى، والتسامح بجعل ميزان التجارة يميل إليها، بل أصبحت تفكر فقط في السيادة مع الربح التجاري من دون مساعدة للحلفاء لتبقيهم تحت مظلتها وتسيّرهم خلفها”.

إن ما يحدث في العالم هذه الأيام من حروب تجارية بين الدولة الأولى والدول الكبرى ينبئ بتفكك أحلافها، ونشوء أحلاف جديدة، وتغير الموقف الدولي، وظهور موقف دولي جديد، وصعود دول جديدة إلى سلم الدول الكبرى مثل ألمانيا التي من الممكن أن تبدأ بعملية تسلح من العيار الثقيل، بل قد يتم جر العالم إلى مواجهات عسكرية على غرار الحرب العالمية الأولى والثانية في المنظور البعيد؛ وبهذا يبقى العالم غارقًا في دوامة الصراع بين ذئاب الرأسمالية، وتبقى الدول الكبرى والدولة الأولى تنهب العالم وتطور بلادها على حساب قارات بأكملها، ويبقى الصراع لأجل المادة والمكاسب التجارية دون الالتفات إلى قيم أخلاقية أو إنسانية هو المسيطر، ويبقى العالم يكتوي بنار الدول الكبرى سواء اتفقت على التقاسم أم اختلفت وتصارعت، ولا خلاص للبشرية من النظام الرأسمالي وصراعاته القذرة إلا بقيام دولة الإسلام التي تزيح المبدأ الرأسمالي ونظامه الظالم الذي وضعه عقل البشر الناقص والعاجز؛ فأدى إلى شقاء البشرية وتعاستها وعجزها عن تنظيم شؤون حياتها، وتضع مكانه النظام الإسلامي الذي وضعه خالق البشر، وهو يعلم ما يصلح حالهم وينظم شؤون حياتهم، فيتحول الصراع من صراع يسبب شقاء البشرية إلى صراع لإنقاذها وتخليصها من شرور الرأسمالية وتأمين العيش الرغيد لها.

 

•        عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين