د.محمود محمد
تزاحمت على أبواب القضية الفلسطينية في العامين الماضيين أطروحات قد شاخت، ولكن قلة تحاول نفض الغبار عنها، ونفث الروح في جسدها الذي قد رم، وعبثاً تحاول. ومن هذه الأطروحات حل الدولة الواحدة، حيث تكون السيادة ليهود في دولة تتجاوز القوميات والأعراق واللغة والدين. فقد نشرت وكالة معاً بتاريخ 16/05/10 خبراً بعنوان : مجموعة (تكامل) تطلق مشروع "حلّ الدولة الواحدة"، جاء فيه: "تعكف مجموعة من الناشطين السياسيين والحزبيين الفلسطينيين، تضم أكاديميين وكوادر تنظيمية ونخبة من المثقفين على صياغة ورقة مشروع لتحقيق إقامة الدولة الواحدة كحل لنهاية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأضافت: وقال ياسر المصري المنسق العام لمجموعة (تكامل) : (إن هذه الخطوة تأتي بعد مشاورات واسعة في الداخل والخارج لوضع حدّ للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعد الشعور بفشل المشاريع المطروحة وعلى رأسها حلّ الدولتين.
وأضاف المصري أنّه بعد الإحباطات المتتالية والسياسات الإسرائيلية المتواصلة المعرقلة لأي جهد سياسي نحو إنهاء هذا الصراع بحلّ الدولتين، رأت مجموعة الناشطين الفلسطينيين أنّ طرح حلّ الدولة الواحدة هو الحلّ الأمثل الذي يمكن تقديمه لإنهاء الصراع.
وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة (تكامل) هذه الأيام في طور إعداد مشروع الدولة الواحدة لطرحه على القيادة السياسية الفلسطينية والعربية كحلّ بديل لحلّ الدولتين). انتهى .
إن محاولة إحياء هذه الفكرة السقيمة لن تعود إلا بالخزي على أصحابها وعلى من تلقفها من أفواههم وراح يروج لها، فهو يروج لأفكار خاطئة كاذبة من حيث يدري أو لا يدري. والجدير بالذكر أن هذه الفكرة السقيمة تلوكها ألسنة كتاب أمريكيين ويهود وفلسطينيين، كمجموعة (تكامل) هذه، وعلى ضوء هذه المحاولات الفاشلة في إحياء المشاريع القديمة، رأيت أن أعلق على هذه الهرطقات فأقول:
1 – لقد هدمت بريطانيا دولة الخلافة، ثم أعطت اليهود وعد بلفور المشئوم، ليصير اليهود قلعة بريطانيا وقاعدتها في المنطقة، وعبثاً حاولت هي وغيرها من الدول الكبرى أن تجعل كيان يهود جسماً مقبولاً في المنطقة، فحاولت من خلال الكتاب الأبيض سنة 1939 إنشاء دولة فلسطينية من العرب واليهود، ولكن اليهود أصروا على إقامة دولتهم فعمدت إلى ربطها بالأردن لنفس الغرض،على أمل أن تُهضم في المنطقة، ولكن دون جدوى، فجعلت تطرح حل الدولة الواحدة على غرار لبنان، كبديل وحل مقنع لمسألة فلسطين، وكان بورقيبة عرّاب الإنجليز في تمرير هذا المشروع، وكان هَم بريطانيا الأول أن تكون دولة بني يهود قاعدة للغرب في قلب المسلمين وخنجراً مغروزاً في صدروهم.
2 – بريطانيا لم تستطع أن تضع مشروعها هذا قيد التنفيذ، بل تجدها بعد أن خبت قوتها وضعف عملاؤها قد بدأت تلهث وراء المشاريع الأمريكية، عساها تجد في فتات موائد الأمريكان ما تسد به جوعتها. ولذلك ذهب هذا المشروع أدراج الرياح، ولم يبق منه إلا هرطقات القذافي و آثار (إسراطين) التي لم توجد عبر التاريخ ولن توجد كمدينة أفلاطون.
3 – إن العقلية التي تطرح مثل هذا الطرح ممن ينتسبون إلى أمة الإسلام، هي عقلية المنهزم الذي لا يقدر أن يرد يد اللامسين عن زوجته.
أيها الرهط، إذا كنتم غير قادرين على تحرير فلسطين، وأنتم كذلك، فلا تفاوضوا عليها، ولا تستجدوا عدوكم أن يمنّ عليكم بنزر يسير من حقكم.
ماذا تريدون؟ حلاً لقضية فلسطين؟ حسناً، لماذا وضعتم كتاب ربكم وراءكم ظهرياً، وتوجهتم صوب الكافر المستعمر ليحل لكم قضاياكم التي كان هو عينه سببها حين هدم دولتكم؟ ألم يذكر لكم ربكم في كتابه العزيز آيات محكمات تنير لكم طريق الحل بالجهاد؟ ألم يخبركم المصطفى عليه السلام بأنكم ستقاتلون اليهود وستقتلونهم؟ إذن لماذا تلهثون وراء مشاريع باطلة تقضي بأن تجعل للكافر عليكم كل سبيل، وربكم يحرم أن يكون للكافر عليكم أي سبيل.
4 – أما المقصود من طرحه في الأعوام الأخيرة بقوة فهو الضغط على الحكومة (الإسرائيلية) من أجل السير في الحلول المقترحة أمريكيا، فأمريكا تضغط على (إسرائيل) من أجل السير في حلولها المقترحة للمنطقة، وهي حل الدولتين، و(إسرائيل) تراوغ وتضع العراقيل أمام الحلول الأمريكية، وما عملية فضح القيادات الفلسطينية، المفضوحة أصلاً، إلا سِن في دولاب عجلة التهرب اليهودي من الضغوطات الممارسة عليه.  
5 – إن قضية فلسطين أكبر من كل اللاعبين والمتلاعبين بها، فهي قضية كل مسلم على وجه هذه البسيطة، ولن تحل مهما بذل الناس فيها من جهود مضنية، إلا بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. هذا هو الطريق الوحيد الموصل إلى تحرير فلسطين، أن تنبري البنادق والدبابات والطائرات، وكل ما أوتينا من قوة، تحملها جحافل الجند المقاتل لدولة الخلافة، وهي متوجهة صوب القدس وقد أقسمت على الله أن لا تعود إلا وقد ضربت يهود ضربات تنسيهم وساوس الشيطان، وقد ألتحم صوت النداء إلى الصلاة بالتكبير مع صوت المجاهدين بالتكبير والحمد والتهليل أن منّ الله على هذه الأمة أن تعيد إلى كنفها دولتها الرشيدة، وأن تعيد إلى كنف هذه الدولة كل فلسطين السليبة وباقي أراضي المسلمين المغتصبة. 
6 – هذا وبما أن مشروع حل الدولتين، قد أكل عليه الدهر وشرب، فلا يسعنا إلا أن نقول لمجموعة تكامل ومن لف لفها "قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا".
 
22/05/2010م