خلافة على بعد أقل من شعرة...في انتظار جيوش النصرة (تونس وما كشفت)
بقلم: شادي عبد الرحمن
 
في إحدى مدن العالم الإسلامي المضيّعة كشفت شرارة بدأت في 17/12/2010 إهمال النظام لرعاية شؤون الناس الرعاية الكريمة التي يوجبها الإسلام بالعدل والإحسان، وما إن امتدت الأزمة لتعم تونس الخضراء حتى بدأ طاغيتهم (زين العابدين بن علي) يتزعزع، وأخذ يقطع الوعود، ويسخّر الإعلام للتغني بإنجازاته في فترة حكمه "الرشيد!"، ثم لمّا اشتدت الأزمة، ظهر مترجياً يتسول الناس للبقاء على كرسيّ الحكم.
 
نعم، فهذا همّه، وهمّ أقرانه من حكام السوء؛ تكديس الثروات، والحفاظ على ممتلكاتهم، والتسلط على رقاب الناس، وقطع الأرزاق، وتكميم الأفواه، وتسليم العباد وبيع البلاد بثمن أقل من بخس؛ كرسيّ حكم بدستور وضعه الأسياد، وتطبيق توجيهات البنك الدولي وصندوق النقد والدول الأوروبية، لترتع شركاتها في بلاد المسلمين، تستنزف الطاقات، وتنهب الثروات، وتفسد الأجيال.
 
وما هي إلا أيام حتى أطل أزلام الرئيس الهارب، صاحب النظام الفاسد، برؤوسهم من خلف جدار العار والفساد الذي بنوه هم و ابن علي سوياً، في محاولة لإعلان تطبيق "إصلاحات" وتنفيذ سياسات إصلاحية في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، وتوجهوا إلى مغازلة أقطاب المعارضة لتوريطها في لعبة تغطية العورة المكشوفة، ولكسب الوقت لتدارك ما يمكن تداركه من هول المفاجأة.
 
وبهذا ما زلنا ننتظر ما ستفضي إليه هذه الأحداث، هل ستنتهي تلك التظاهرات العارمة بتسلم أحد معاوني ابن علي زمام الأمور!؟ هل ستنتهي الأمور ببقاء هذا الدستور الوضعي الظالم والذي تمّت كتابته وصياغة مواده في أوروبا!؟ هل سيستمر تطبيقه!؟ هل ستسخر تلك الدماء الزكية التي سفكت على أيدي جلاوزة النظام لمصلحة أمريكا وأوروبا مرة أخرى!؟ هل ستسخَّرُ وتُركَبُ موجةُ التظاهرات العارمة هذه لتخدم مصالح الفاسدين والمفسدين محلياً... كما يحصل دائماً بعد كل حدث من هذا القبيل في عالمنا الإسلامي!؟
 
قد تتعدد الإجابات والتوقعات، فهذا يرى أن الأمور ستتغير نحو الأفضل بتغيير هذا الحاكم الديكتاتور، وآخر يرى أن هذه فرصة للمعارضة لتعتلي مقاعد المجلس التشريعي وتتقلد المناصب الوزارية، وآخر يرى الأيادي الخفية (فرنسا وإنجلترا وأمريكا...الخ) هي من يستغل هذه الأحداث لتصب في مصلحتها لأن بلادنا محل الصراعات، ودماءنا ثمن التنافس فيما بين هذه الدول الكبرى، وآخر يرى، وآخر يرى ....
 
ويبقى أس الداء ومصدر البلاء كامن في عدم تطبيق الإسلام في معترك الحياة في ظل حكم الإسلام العادل، كما أمر الله سبحانه وتعالى، والرضا بتطبيق دستور وضعي من صنع البشر الناقص العاجز المحتاج، وأي بشر!؟، من صنع دول الاستعمار الكافر، من صنع من يتربص بالمسلمين ويقتلهم ويحتل بلادهم وينهب خيراتهم...
 
ويبقى لنا كذلك فيما حصل ذكر حقائق لا بد أن يسمعها كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد:
أولها: أن نهاية الظالمين والطغاة خزي في الدنيا، فضلا عن عقاب الله في الآخرة، وما رفس فرنسا برجلها ابن علي إلا مثالاً سيتكرر مع حكام غيره، باعوا دينهم وأمتهم بدنيا غيرهم، عندما انتهت مدة صلاحيتهم وبطل مفعولهم تم التخلص منهم.
 
ثانيها: أنه مهما أمعن عملاء الكفار – حكام المسلمين – بإفساد الأمة، وإذلالها، ومحاولة تغريبها عن دينها، فإنها ستبقى أمة حية، لا تقبل الظلم وإن غفلت مدة، ولن تتخلى يوما عن عقيدتها وسترُجع سيرتها الأولى، والخير كامن فيها – وإلا لما هابها الطغاة وأسيادهم.
 
ثالثها: إن الأمة تغلي مشاعرها، وتنتظر بفارغ الصبر يوم خلاصها من هؤلاء الطغاة، ومعاقبتهم على جرائمهم، وظلمهم للإسلام وأهله، فقد نفذ صبرها، وتكسرت هيبة الظالمين وأزلامهم من صدرها.
 
رابعها: إن الحلول الترقيعية، ومشاركة الأنظمة القائمة الحكم بذريعة المعارضة، ومحاولات الإصلاح لهذه الأنظمة المهترئة باتت ضربا من الخيال، لا يتكلم بها عاقل، ولا يفعلها إلا متواطئ.
 
خامسها: إن الأمة جاهزة لاستقبال التغيير الحقيقي على أساس عقيدة الإسلام، وتنتظر من يعلق الجرس، ويصدر البيان رقم (1)، معلنا إقامة الدولة الإسلامية.
 
سادسها: إن أسياد الحكام من دول الكفر والاستعمار أدركوا ثقل الأمة الإسلامية، وعزمها على التغيير، وأدركوا الخطر القادم إليهم إن قامت دولة حقيقية للأمة الإسلامية، تذود عن أرضها، وتحمي بيضتها، وتنكأ عدوها.
 
سابعها: إن الأمة في واد وأن الحكام في واد آخر، فالأمة فيها من يعمل للتغيير الحقيقي، ويسقيها من أحكام الإسلام، ويكشف لها المؤامرات، ويظهر لها عورات الأنظمة البالية العميلة، وهي – الأمة- ترنو للخلاص والانقلاب على هذا الواقع الفاسد، لا إبقائه مع بعض الإصلاحات،... والحكام في وادٍ آخر، يظنون أنهم يحسنون صنعا، وهم الأخسرون أعمالا.
 
وإزاء هذه الحقائق، كان لا بد من وجود فئة من الأمة، بيدها القوة، كانت تحمل الأسلحة للاستعراضات العسكرية، ولاستقبال الوفود الرسمية، وللاحتفال بالاستقلال (المزعوم)، وللاحتفال بعيد جلالته أو سيادته أو سعادته أو سموه، وقد آن لها (جيوش الأمة) أن تحمل السلاح للذود عن مصالح الأمة، وتعطي النصرة لحزب التحرير، الذي يسعى واصلا ليله بنهاره لإيجاد الدولة الإسلامية – الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة – التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها على بعد أقل من شعرة، فيعزوا ويعيدوا سيرة الأنصار، ويعيدوا أمجاد الفاتحين ويعيدوا للأمة عزتها وكرامتها، ويخلصوها من الطواغيت الجاثمين على صدورها.
 
فهلاّ اقتعدتم مقعدكم، وناصرتم وآزرتم أمتكم، لتنالوا عز الدنيا وحسن ثواب الآخرة؟
17/1/2011