بسم الله الرحمن الرحيم
أين نصرةُ الأغْيار للأخيار ؟!
ما زالت المؤسسة العسكرية في بلاد المسلمين تلتزم الصمت، وتقف موقف المتفرج على ما يجري لخيار الناس، ممن ينشدون الانعتاق من ربقة الاستعمار، وعملاء الاستعمار من الحكام، ومن أولياء الحكام من المنافقين والمنتفعين المارقين ...
 
فلماذا هذا الصمت، ألا تكفي هذه الدماء الزكية الطاهرة علامة صدقٍ من هؤلاء الأخيار للأغيار من أهل القوة والمنعة، في المؤسسات العسكرية في بلاد المسلمين ؟!..
 
ألا يكفي هذا الإجرام بحقّ المسلمين ومقدراتهم، من قبل هؤلاء الحكام لتتحرك النخوة والغيرة لنجدة إخوانهم وأهلهم وبني دينهم ؟!..
 
ألا تكفي سنوات الذلّ والهوان واستعمار البلاد والعباد من قبل الكفار، عن طريق هؤلاء الرويبضات من الحكام، لتحرّك الدماء في عروق الأغيار المخلصين؛ من قادة وضباط الجيش في بلدٍ واحد من بلاد المسلمين ؟!
 
ماذا ينتظر هؤلاء القادة الضباط، هل ينتظرون قيام الشعب بأكمله على هؤلاء الحكام، ليحاصروهم في عقر قصورهم وقلاعهم، دون أن تتدخّل المؤسسة العسكرية بشيءٍ تجاه هؤلاء الناس ؟!..هل ينتظرون قتل الآلاف من الأبرياء حتى تتحرك فيهم النخوة والغيرة؟!..
 
هل بقاء هؤلاء القادة في الذلّ والهوان والفقر، وبقاؤهم حراساً لهؤلاء الحكام، وحراسا لخياناتهم خدمةً لأمريكا وكيان يهود خيرٌ، أم انحيازهم إلى أحضان أمتهم وانعتاقهم من هذا الذل والهوان الذي يأنفه حتى الذل ؟!
 
أولستم أيها القادة أحفاد حمزة بن عبد المطلب؛ الذي وقف بسيفه يتحدّى صناديد قريش من أهل مكة، ويعلنها مدويةً بين هؤلاء الصناديد: "إنني على دين محمد، ومن يؤذيه بعد اليوم فإنه يؤذيني"، وذلك عندما آذى نفرٌ من هؤلاء السفهاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
 
أولستم أحفاد صلاح الدين الأيوبي، الذي أقسم ليذبحنّ حاكم الكرك بحدّ سيفه، عندما علم أنه قد اعتدى على نساء المسلمين في قافلة الحج، وفعلاً بر بقسمه في معركة حطين الفاصلة ؟!
 
أولستم أحفاد المعتصم بالله العباسيّ، الذي لبّى استغاثة امرأة صاحت من آخر حدود الدولة، فأثارت غيرته على بني دينه وجلدته، فلبّى نداءها بجيشٍ جرار؛ أوله عند حدود الروم وآخره في بغداد، وهو يزأر كالأسد الهزبر لبّيك أيتها المرأة ؟!
إنكم أيها القادة حراسٌ على دماء الأمة ومقدراتها وممتلكاتها، فأنتم الأغيار ممن يعينون الناس وينفعونهم وقت الشدائد، وأنتم من يغارون على أعراضهم ودمائهم، وهؤلاء الحكام ممن يُلقون إليكم الأوامر لحراستهم، والبطش بالأخيار من أهلكم هم الأشرار والفجّار !!
 
إنكم قد أقسمتم أيماناً مغلظةً أن تكونوا حراساً للأمة، خدّاماً لها ولدينها، لا تنحازون لمخططات أمريكا ولا أوروبا ولا كيان يهود، وها هو قد جاء موعد البَرّ بهذا القسم المغلّظ، وإن لم تفعلوا فإنكم ستندمون في وقت لا ينفع فيه ندمٌ ولا تندّم، وذلك عندما تجرف الأمة بسيلها العارم الحازم هذه النجاسات من الحكام، وتلقي بهم بعيداً عن طهارة الأمة وعفّتها !! ..
 
إنّ الأمة اليوم تناشدكم وتتطلع إليكم أيها القادة، وكلّها أمل في غيرتكم، وفي إخلاصكم ونقائكم وصفائكم أن تنحازوا إلى صفّها لتنقذوها مما هي فيه من ويلاتٍ وشرورٍ عظامٍ يصنعها هؤلاء الحكام غبر آبهين بالدماء الزكيّة التي تسيل غزيرةً في كل يوم !! ...
 
تناشدكم أمتكم أن تنقذوا أبناء دينكم وأبناء جلدتكم من مخططات الاستعمار الرهيبة الرامية إلى تضليل المسلمين، وحرفهم عن جادة الحق والصواب، وإشعال الفتن بين صفوفهم كما هو حاصلٌ في ليبيا واليمن وذلك لإلجائهم وإجبارهم على طلب النجدة من المستعمرين عن طريق التدخل العسكري، أو عن طريق طرح المشاريع السياسية لإنقاذهم !! ..
 
فمن أقرب ومن أولى أيها القادة الأغيار بهؤلاء الأخيار أنتم أم أمريكا ودول أوروبا ؟! إنكم أيها الأغيار من أمة الخير التي قال فيها الحق تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.. }، فأنتم أهل تغيير المنكر وأهل الإيمان، من أتباع هذه الأمة المجيدة الكريمة، وإنكم أيها الأغيار كالغيث الذي ينفع الأرض بعد طول انقطاع وعطش، لأنكم من أمة الغيث التي قال فيها رسولكم عليه السلام : " أمتي كالغيث لا يُدري أوله خير أم آخره "، فأنتم من تغيثون أمتكم وقت الشدائد والمصائب والأزمات !! ..
 
قوموا أيها القادة كما قامت أمتكم فأنتم جزءٌ منها، وما يصيبكم يصيبها ولو كان وخز شوكة تدمي منكبها ... قوموا أيها القادة وسجّلوا موقفاً يحبه الله ورسوله تماماً كموقف الأنصار وهم يؤون ويؤازرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساعة العسرة والضيق ... قوموا وحطّموا عروش هؤلاء الطواغيت فإنهم لا يرقبون فيكم ولا في الأمة إلاًّ ولا ذمّة، لأن ذمتهم وولاءهم من ولاء وذمة اليهود والنصارى!! ...
 
 قوموا وازأَرُوا وكبّروا بأعلى صوتكم "الله أكبر والعزة للإسلام ولأمة الإسلام"... وأعلنوها دون خوف ولا وجل: "أننا أتباع هذا الدين العظيم وأحفاد القادة العظام ممن سبقونا بإحسان" ...
 
أعلنوها أيها القادة ولا تخافوا ولا تهنوا ولا تحزنوا فأنتم الأعلون بإذن الله بإيمانكم، وحبكم لله ولرسوله وللمؤمنين من أمتكم ... أعلنوها خلافةً إسلامية على منهاج النبوة كما أرادها ربكم بقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ( النور/ 55) .
 
وكما أرادها رسولكم عليه السلام: "... ثم تكون خلافة على منهاج النبوة.."
إن الأخيار -لكم أيها الأغيار- سندٌ وظهر وأولياء إن أنتم صدقتم الله في دينكم وأمتكم، وأنهم لكم ناظرون منتظرون.. فهل أنتم مجيبون؟! ... فهل أنتم مجيبون ؟! ...
حمد طبيب
30/4/2011