الهجوم على حزب التحرير
 
فيما يلي مقال للدكتور عبد الستار قاسم نشره في موقع صامدون نورده كما جاء في المصدر.
 
تقوم السلطة الفلسطينية على مدى فترة طويلة من الزمن بملاحقة حزب التحرير بهدف منعه من القيام بنشاطات سلمية تتمثل بمسيرات وعقد لقاءات ومحاضرات ومؤتمرات. ومن المعروف أن حزب التحرير قد اعتاد على قول رأيه بصراحة ووضوح سواء داخل فلسطين أو خارجها، وهو لا يخشى قوى سياسية ولا جبروت مستبدين وطغاة. وقد نختلف مع الحزب في مواقف وآراء، وقد نتفق معه، لكن موضوع الاتفاق والاختلاف يجب ألا يطال المبدأ.
 
حرية التعبير بكافة الطرق والأساليب يجب أن تكون مضمونة ومكفولة للجميع بمن فيهم حزب التحرير، وهذه حرية غير منبثقة من إرادة إنسانية أو إذن من أحد، وإنما هي عبارة عن حرية كونية طبيعية متجذرة في الإنسان خلْقا وليس تاريخيا أو ثقافيا. والحرية في الإسلام أساسا خلْقية وليست منة من أحد لأن الله قد فطر الناس على قدرة التمييز، ومن ثم على قدرة الاختيار. ولهذا لا يحق لأي جهة كانت أن تحرم أي إنسان أو حزب من هذا الحق الطبيعي.
 
إنه من العار أن يؤكد أحد على حق الإنسان بالتعبير، ويمارس شيئا مختلفا تماما، الشعارات والعبارات التي تتغنى بالحرية لا قيمة لها إن لم تجد ترجمة عملية لها، وهذا يجب أن ينطبق على أداء السلطة الفلسطينية التي تستمر بتمجيد حرصها على حرية المواطن. السلطة الفلسطينية لا تحرص على حرية المواطن، ولا هي حرة بالأساس لكي تدعي ذلك. ولهذا عليها ألا تضع كوابح وعراقيل أمام المواطنين، جماعات وأفرادا للتعبير عن أنفسهم بوضوح وصراحة، أو في التعبير عن تطلعات الناس في مواجهة الاحتلال الصهيوني الذي يحتل الأرض ويشرد الشعب.
 
يجب ألا يكون هناك خلاف حول مبدأ حرية التعبير. وإذا كانت السلطة تقول إن حرية التعبير يجب ألا تتضمن الهجوم على الآخرين، فإنها هي ذاتها مطالبة بعدم الهجوم على الآخرين أو المس بتطلعاتهم الوطنية والأخلاقية والقومية والدينية. باتفاقياتها مع الصهاينة، وباعترافها بالكيان الصهيونين وبتنسيقها الأمني معه، وبحمل رموزها لبطاقة ال VIP إنما هي تشتم الناس وتلحق بهم الأضرار المعنوية والمادية، وتعتدي على تطالعاتهم الوطنية وحقوقهم الثابتة. ومهما فعل حزب أو قال بحق السلطة الفلسطينية، فإنه لن يصل إلى الدرجة التي وصلتها السلطة في الاستهزاء بشعب بفلسطين في الداخل والخارج. وعلى المرء أن يعرف ماذا تفعل يداه قبل أن يكيل التهم للآخرين.
 
هناك فئة واحدة لا يحق لها أن تعبر عن نفسها، وهي الفئة التي تمالئ الذي يعتدي على الشعب، والذي يساعد المعتدي على الشعب، والذي أخرجنا من ديارنا وظاهر على إخراجنا من ديارنا، أو تتعاون معهم بصورة مباشرة أو غير مبائرة، أو تقيم معهم علاقات طيبة بصورة مباشرة أو غير مباشرة. أي تلك الجهات التي تعترف بالكيان الصهيوني، وتتعاون معه ومع الذين ساعدوه ويساعدونه من أهل الغرب والشرق. هذا ينطبق على السلطة الفلسطينية. والسبب أن هذه الفئة لا تعبر عن رأيها، وإنما تتعاون مع عدو يقهر جمهور الناس ويحرمهم حقوقهم، وهي لا تمارس حقا طبيعيا وإنما عدوانا على الشعب.
 
تاريخيا، غلب المقهورون القاهرين. وشعب فلسطين بكافة، ومن ضمنه حزب التحرير، سينتصر.
 
20/7/2011م