علاء أبو صالح
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير – فلسطين
 
بعد حركات استعراضية قام بها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في مؤتمر العنصرية الذي عقد في جينيف في العشرين من الشهر الجاري حيث هاجم فيها دولة يهود باعتبارها دولة عنصرية واستقطب فيها مشاعر المسلمين والمستضعفين الذين يرون في يهود دولة مغتصبة لأرض فلسطين، وبعد سنين من تصريحاته الرنانة الداعية إلى إزالة دولة يهود من على الخارطة السياسية، أطلّ علينا الرئيس الإيراني بتصريحات تكشف حقيقة معاداته المزعومة لكيان يهود ومخططات الغرب الاستعماري،
 
ففي لقاء تلفزيوني أجرته معه قناة أيه بي سي الأمريكية أكدّ أنه لن يمنع الفلسطينيين من الاعتراف بالدولة العبرية في إطار حل اقليمي على اساس "دولتين"، وقال نجاد "مهما كان القرار الذي يتخذونه، لا مشكلة بالنسبة الينا، لن نحول دونه، مهما كان القرار الذي سيتخذونه فاننا سندعمه"، واضاف قائلاً "بالنسبة الينا، المسألة تتعلق بحق للشعب الفلسطيني، ونأمل ان تكون وجهة نظر الدول الأخرى على هذا النحو".
إن هذه التصريحات تكشف الحُجب التي غشّت على أعين الكثيرين فظنوا في هؤلاء الحكام خيراً أو بقية من خير، غير أنه بات واضحاً لكل ذي لُب أن هؤلاء قد كلفوا بأدوار محددة، حددها لهم الكافر المستعمر وهم يقومون بلعبها تضليلاً للأمة واحتواءاً لكل مخلص يمكن أن يفكر في الانعتاق من ربقة القوى الغربية الاستعمارية، فما دول المصالحة والممانعة سوى أحجار نرد تحركها أصابع القاطنين في واشنطن ولندن وباريس، وما خلافاتها الظاهرة وانقسامها في الآراء والمواقف سوى انعكاس لاختلاف القوى الدولية والأقليمية التي تمسك بزمام اللعبة السياسية في المسرح الدولي.
إن حل الدولتين الذي يقره نجاد ويدعو له حكام العرب عبر مبادرتهم المخزية المسماة بالمبادرة العربية مشروع أمريكي في الدرجة الأولى والأخيرة ولم يكن في يوم من الأيام مشروعاً تحررياً او "وطنياً" كما يروج له السياسيون ووسائل الإعلام فهو مخطط أمريكي تواضعت عليه الإدارات الأمريكية منذ خمسينات القرن الفائت لحل قضية الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها، لذا نجد الإدارات الأمريكية المتعاقبة تؤكد رؤيتها لحل الدولتين وتضع المخططات للوصول اليه منذ عهد كيندي الى أوباما بيد أنها عادةً ما تصطدم بعوائق سياسية وصراعات دولية ورفض شعبي يحول بينها وبين تنفيذ أجنداتها فتتلكأ في المضي قدماً في هذه المخططات وما ذلك إلا لإدراكها صعوبة هذه القضية وملابساتها الشائكة وارتباطها بعقائد شعوب المنطقة ارتباطاً محكماً، لذا كان حل الدولتين يراوح مكانه بين تحرك سياسي ضعيف وتغيير للمعالم الجغرافية وفرض للأمر الواقع الذي يمارسه كيان يهود، وعليه كانت المناداة بحل الدولتين والموافقة عليه من قبل حكام المنطقة والأطراف المتنازعة تغريداً في جوقة المستعمر الأمريكي.
إن حلّ الدولتين هو اعتراف صريح بيهودية الأراضي المحتلة عام 48، واعتراف صريح بكيان يهود سواء تلاعب البعض بألفاظ الإعتراف أم أعلنوا بها على رؤوس الأشهاد، وإن هذا الإعتراف هو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين وتفريط بأرض الإسراء والمعراج وبالأمانة التي علّقت على رقابنا، ولا يغفر هذا الجرم استفتاء أهل فلسطين أو إقرارهم له، ففلسطين أرض إسلامية ومسؤولية تحريرها أمانة في عنق كل مسلم عربياً كان أم أعجمياً.
إن حكام دول الممانعة هؤلاء لو كانوا صادقين في دعواهم لحركوا الجيوش-وهم قادرون على ذلك- فحرروا فلسطين والمسجد الأقصى الذي يئن تحت نير احتلال يهود ولكن هؤلاء الحكام من دول المصالحة والممانعة مردوا على الخيانة والخداع والتضليل، فهل آن للأمة الإسلامية أن تدرك حقيقتهم فتحث الخطى وتغذ السير نحو ازالة عروشهم وظغيانهم والإستبدال بهم خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة لتعيد لنا كرامتنا المسلوبة وهيبتنا الضائعة وبلادنا المحتلة وتدافع عن حياضنا وحرماتنا المنتهكة ؟
30/4/2009