طائرات أردوغان وبوتين.. اذ تلتقي في سماء فلسطين!!

*الدكتور مصعب ابو عرقوب

تمتد الحرائق الى انحاء مختلفة من "اسرائيل" فيما لا تزال قوات كبيرة من الاطفائية تعمل لإخماد ألسنة اللهب التي وصلت حيفا وتم اخلاء السكان وطائرات الاطفاء من عدد من الدول تصل بينها تركيا التي بادرت بالاتصال وتقديم المساعدة.

وفي هذه الاثناء يهب النظام العلماني في تركيا ويبادر لمساعدة كيان يهود في محاولة لإخماد الحرائق التي تجتاحه!!، وهو في ذلك كأمثاله من أصدقاء كيان يهود وحلفائه لا يقدر على رؤية كيان يهود مهددا فيسارع.. ويبادر.. ويحرك طائراته لنجدته ومساعدته!

فالنظام التركي كروسيا واليونان وأمريكيا وغيرها من الدول التي هبت لمساعدة كيان يهود سواء بسواء، فأي عار لحق باردوغان ونظامه العلماني الذي وضع نفسه في كفة واحدة مع اعداء الامة  وقتلة المسلمين ونصب نفسه اطفائيا للقتلة المغتصبين الذين حرقوا الارض في غزة بقنابل الفسفور، وما زالوا يحتلون الارض المباركة ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وأي خذلان معيب وشائن يقترفه النظام التركي العلماني وغيره من الانظمة في حق المسلمين في حلب والموصل وغيرهما من بلاد المسلمين وهم يرون الحمحم تتساقط على رؤوس الاطفال في المدارس والمستشفيات والبيوت دون ان يحركوا ساكنا؟!

لكن ساكنهم تحرك.. والتقت طائرات اردوغان مع طائرات بوتين لقاء الأحبة في سماء فلسطين، هبوا لنجدة كيان يهود ...مجتمعين، لتبقى الارض المباركة فلسطين كاشفة لكل العنتريات الاعلامية والبطولات الدنكوشوتية الوهمية لكل الزعماء الذين امتطوا ظهر القضية وحاولوا صنع امجاد وبطولات مدعين وصلا بالمسجد الاقصى والقدس وفلسطين، فها هي سماء فلسطين تشهد على حرص اردوغان على كيان يهود وها هي الاجيال ترى اعترافه بكيانهم وفتح صفحة جديدة معه، وتقارن من جديد ...لا لم يكن ليفعلها السلطان محمد الفاتح ..ولا صلاح الدين لم يكن ليفعلها بالتأكيد ..لا ولا قطز ولا بيبرس ..ولا خالد بن الوليد.

لكن اردوغان فعلها وهرع وقتلة المسلمين من الروس المحتلين وغيرهم في صف واحد لنجدة المحتلين لبيت المقدس، فأخرجت فلسطين كما اخرجت غيره من قبل من قائمة الشرف ...قائمة المحررين والفاتحين الابرار، لتنزله منزلة وضيعة اصر بعناده لثقافة الامة الاسلامية وعقيدتها وتجاهله للحقائق التاريخية والسياسية ان ينزل الى قعرها، ففلسطين ستحرر وسينتهي كيان يهود كما انتهت الممالك الصليبية التي زرعت في بلادنا والتي بانتهائها خلدت اسماءً كصلاح الدين وقطز وغيرهما من ابطال المسلمين ...لكن اردوغان يعاند الحقائق ويريد ان يرسم لنفسه مجدا سالكا طريق الذل والخنوع والتبعية للغرب ومداهنة كيان يهود واسترضائه لعل الغرب يرضى عنه ويثبت اركان حكمه ويحفظ له تركيا مملكة لسلطانه الواهم.

وهمٌ بمجد لن يصله اردوغان وان حاول تضليل الملايين بخطاباته وعنترياته الاعلامية الفارغة، فالأرض المباركة وسماؤها تنظم المسلمين بمنظومة استشعار للبطولة والصدق والانتماء لهذه الامة ولدينها، وما دامت القدس ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم تحت الاحتلال فمئات الخطب والتصريحات النارية لن تصنع منه بطلا ولن تقربه حتى من قائمة المحررين والفاتحين الابطال حيث سلك طريقا معاكسا لطريقهم المضيء.

فبدل ان تقصف الطائرات التركية كيان يهود في عملية واسعة لتحرير فلسطين وبيت المقدس، وبدل ان تتحرك قواته لنجدة المسلمين المظلومين في حلب والموصل التي لا تبعد عنهم إلا القليل، تتشارك الطائرات التركية مع الطائرات الروسية التي تقصف حلب لإطفاء حرائق كيان يهود، وكأنهم في غرفة عمليات مشتركة لإنقاذ كيان يهود، فبأي عيون سينظر الطيار التركي للأرض المباركة وهي محتلة، وبأي قلب سيشارك طيار تركيا الروس في اطفاء حرائق كيان يهود وهو يراهم يحرقون المسلمين في حلب؟! وبأي وجه سيقابل ربه اردوغان وهو سائله عن حلب والموصل وغيرهما من بلاد المسلمين؟! لا شك أنها عيون المرتزقة الاذلاء التي ترى الارض المباركة من نوافذ اطفائية هرعت لإخماد حرائق الاعداء المحتلين القتلة، ولا ريب انها قلوب العصاة المنسلخين عن أمتهم تلك التي تقدر على مشاركة القتلة الروس في سماء فلسطين لإخماد حريق كيان يهود، وقد يكون وجه اردوغان عليه غبره ترهقه قترة ان ساءله المولى عن أهل حلب والموصل.. ومساعدته كيان يهود وهبته لنجدتهم وقبل ذلك التطبيع معهم والاعتراف بهم.

فكيف انقلبت موازين النظام العلماني في تركيا فهب لنجدة كيان يهود وصمت عن المذابح والحرائق التي تنهش أجساد المسلمين في غزة وحلب والموصل وغيرها من مدن المسلمين وحواضرهم؟! وكيف يستطيع التعايش والتشارك مع الروس الذين يحرقون المسلمين ليل نهار في سماء الارض المباركة لانجاز مهمة انقاذ كيان يهود الذي حرق غزة وقتل من هبوا لنجدتها ومحاولة لفت الانظار الى معاناتها من الاتراك على سفينة مرمرة؟! وكيف انسلخ عن امته  وثقافتها ؟!...أحجية لا يحلها  الا تفسير واحد هو غياب تحكيم شرع الله والعمالة للغرب والانسلاخ عن ثقافة الامة والاعتقاد بالعلمانية التي تفصل الدين عن الدولة والحياة، فأصبحت مرجعية النظام التركي مشوهة ممسوخة لا تمت إلى الاسلام وتعاليمه بصلة ولا الى تاريخ الامة وأبطالها من العثمانيين بأي وشاج او علاقة.

ان اردوغان بفعلته تلك يسير في طريق الخذلان والهزيمة بعد ان امتحنه الله وأنجاه من عتاة العلمانيين الذين حاولوا الانقلاب عليه في صراع مقيت على السلطة، فعن جابر وأبي أيوب الأنصاري قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم " :ما من امرئ يخذل مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته . وما من امرئ ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته" . .

وأخيرا، فان الاحداث اليومية تشير وبكل قوة الى ذلك الحل الذي يجب ان تسعى اليه الامة الاسلامية والى ذلك الواجب الذي يقع على العلماء والمثقفين والثوار وأهل القوة والعشائر، واجب يحتم عليهم التخلص فورا من الانظمة التابعة للغرب والخاضعة لنفوذ المستعمرين واملاءاتهم وأحلافهم والعمل على انشاء كيان موحد للأمة يقوم على عقيدتها، ويعيش همومها ويعمل لتحقيق احلامها في التحرر والتخلص من العبودية وارجاع امجاد الامة الاسلامية.

واجب يحتم على أهل القوة والضباط الغيورين على الاسلام وأمة الاسلام ان يخلعوا انظمة الضرار ويخلصوا الامة من الكيان التركي العلماني وأمثاله في العالم الاسلامي، ويقيموا دولة الخلافة التي تحرك الجيوش والطائرات لتحرق كيان يهود عن بكرة ابيه وتخلع نفوذ المستعمرين وجيوشهم من بلادنا وتعيد الامور الى نصابها فيحمل الاسلام رسالة نور ورحمة ليطفئ الحرائق والحروب التي اشعلها المستعمرون في بلادنا والعالم.

 

*عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير في فلسطين