نشرت وكالة "سي بي اس نيوز" الإخبارية تقريرا بتاريخ 1/10، تحت عنوان صعود حزب إسلامي عالمي في آسيا، واليكم ترجمة ما جاء في التقرير:

أظهر هتاف مظاهرة حاشدة لجماعة إسلامية راديكالية في اندونيسيا طبيعتها الراديكالية على الرغم من ارتدائهم ملابس رجال الأعمال والمهندسين والمحامين ومشاركة الأمهات البشوشات والأطفال المرحين. ففي الوقت الذي يبدو فيه تنظيم القاعدة متعثرا، فإنّ استقطاب مثل هؤلاء المثقفين وأتباع الاتجاه السائد إلى حد ما يثير قلقا من أنّ حزب التحرير العالمي الذي وُصف بالغامض، يمكنه إثارة تطرفاً في العالم الإسلامي بفعالية أكثر من أي جماعة إرهابية.

ينشط حزب التحرير في أكثر من 45 دولة، وينتشر الآن في آسيا، وينشر رسالته الراديكالية من اندونيسيا إلى الصين، يريد الحزب أن يُوحّد جميع الدول المسلمة في كتلة ممتدة عالمياً، تحكم بالشريعة الإسلامية وتتقيد بها، يستهدف حزب التحرير طلاب الجامعات والمهنيين ويعمل داخل الدول محاولا إقناع الناس وحثهم على الإطاحة بحكوماتهم.

إنّ دعوة حزب التحرير وتقصده الجهات المؤثرة في المجتمع تقلق الخبراء، فقد يكون هدفه لبناء دولة إسلامية بعيد المنال، إلا أنّه بإمكانه تقويض الجهود للسيطرة على التطرف والتطور الديمقراطي في دول مثل اندونيسيا التي تأمل الولايات المتحدة في أن تكون شريكا حيويا لها إقليمياً وعالمياً ومثالا للإسلام المعتدل.

صرّح مسئول في الحزب، رحمات لبيب، في مقابلة نادرة له مع صحفي غربي بالقول: "إنّ خطتنا الكبرى في الخمس إلى عشر سنوات القادمة هي توسيع الهوة ونزع الثقة بين الناس والنظام" وأضاف: "إنّ ما نقوم به الآن هو إخراج الناس من الديمقراطية والعلمانية والرأسمالية إلى عقيدة الإسلام".

يعمل حزب التحرير أيضاً على رفع مكانته في الولايات المتحدة بعد نشاطه السري منذ سنة 1990، حيث كان أول مؤتمر رئيسي له سنة 2009، والذي تبعة مؤتمر آخر في شيكاغو في شهر حزيران من هذا العام.

هناك دوامة واضحة في وجهات نظر متناقضة حول حزب التحرير، فقد وُصف بأنه حركة سلمية تعمل لإعادة بناء الدولة الإسلامية المجيدة، وفي نفس الوقت وُصف بأنه يعمل على إيجاد تربة خصبة من أجل العمليات الانتحارية في المستقبل، أي أنّه "مفرخ للإرهاب" على حد تعبير "زينو بران" الخبيرة في   "الإسلام في العالم المعاصر".

حزب التحرير حزبٌ محظور في معظم البلدان، وهو ليس محظوراً في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى واستراليا واندونيسيا، ويصرّح قادته بأنه ينتشر في كافة المقاطعات أل 33 في اندونيسيا، وهو مُراقب عن كثب في كل مكان.

قال رئيس الاستخبارات الدنمركية السابق "هانز جورجين بونيتشزين":  "إنّ خطابات الحزب تتعدى هامش الديمقراطية"، أما وزير العدل الدنمركي فقد سأل المدعي العام الأعلى مرتين إذا كان بالإمكان حظر حزب التحرير حسب القانون الدنمركي؟، فكان الجواب في كلا المرتين بلا.

صرّحت "سيدني جونز" وهي من كبار المفكرين، تعمل كمحللة في مجموعة معالجة الأزمات الدولية، وهي خبيرة في شئون الإسلام في جنوب شرق آسيا، صرحت بالقول: " إنّ حدود حزب التحرير في آسيا تتراوح بين اندونيسيا والجارة ماليزيا إلى باكستان والصين، حيث اتهمت بكين حزب التحرير بالتحريض على العنف بين مسلمي الإيغور في أقصى الغرب، وأصبح الحزب أيضا أكثر الأحزاب الإسلامية انتشارا واضطهادا في آسيا الوسطى، ويُعتقد أنّ الحزب فرع اندونيسيا الأضخم، حيث يُقدّر عدد أتباعه بمئات الآلاف، إنهم يُعتبرون قوة حقيقية هنا، إنهم يشكلون تهديدا على المدى البعيد أكثر من الجماعات التي تستخدم العنف، إجمالاً، إنّ المجتمع المدني المتشدد له قدرة أكبر على التأثير من الجهاديين والإرهابيين".

لقد لقيت كلماتها صدىً من قبل الخبير في مناهضة الإرهاب "زانج جيادونج" من جامعة "فودان تشاينا"،  الذي قال: "أنّ حزب التحرير أكثر أذىً من التنظيمات الإرهابية، لأنّ له تأثير على الناس العاديين"، وأضاف أنّه يُقدّرْ عدد أعضاء حزب التحرير في الصين ب 20000 عضو، وأنّه على الأرجح أن تكون لديهم القدرة على إثارة الشغب أو الثورات أكثر من القيام بهجمات إرهابية.

أصرّ المتحدث باسم الحزب في اندونيسيا إسماعيل يوسنتو بالقول: "نحن جماعة إسلامية سلمية"، وأضاف، "نعتقد أنّ الناس يمكن أن يتأثروا بالوسط الذي يعيشون فيه، لذلك فإنّ الإرهابي قد يتأثر من أي شخص وليس فقط منا نحن، لكن حزب التحرير نفسه ملتزم بعدم تبني العنف"، وعندما سُئل فيما إذا كان بعض أتباعه انحرفوا وأصبحوا يستخدمون العنف، أجاب بالقول: "إنّه لا يوجد دليل".

الادعاء بأنّ الحزب لا يتبنى العنف يتناقض مع الخطابات النارية للحزب التي تدعو لإبادة إسرائيل -وهذا ما قاد ألمانيا إلى حظر الحزب في سنة 2003- وحضّ المسلمين على قتال قوات التحالف في العراق وأفغانستان، وهناك نشرة تُظهر تمثال الحرية مقطوع الرأس ومشتعل في مدينة نيويورك.

تقول وزارة الخارجية الأمريكية أنّ الحزب "قد يولّد بطريقة غير مباشرة دعما للإرهابيين، لكن لا يوجد هناك دليل على أنّه ارتكب أية أعمال إرهابية".

قد يتحول أتباع حزب التحرير لاحقا وتدريجيا إلى إرهابيين، تحت رعاية جماعات أخرى، مثل عاصف حنيف وعمر خان شريف أول الانتحاريين الذين ذُكرت أسماؤهم في الهجوم على ملهىً ليلي في تل أبيب في سنة 2001 وكان لهم صلات ماضية بحزب التحرير، وهناك صحفيون أيضاً ربطوا العقل المدبر لأعمال 11/9 خالد شيخ محمد وأبو مصعب ألزرقاوي مسئول القاعدة السابق في العراق بحزب التحرير، إلا أنّه لم يثبت ذلك قط.

يدعو حزب التحرير لإقامة خلافة وتوحيد الأمة الإسلامية تحت حكم إسلامي مركزي، على غرار الخلافة السابقة، لتحقيق ذلك يعمل الحزب على تغيير أفكار المسلمين، ليفكروا في ما وراء الحدود الوطنية وإظهار أهمية وخطورة ذلك بين القادة السياسيين والقوات المسلحة وأصحاب النفوذ حتى تنهار الحكومات.

أسس تقي الدين النبهاني حزب التحرير في سنة 1953، الذي لم يستبعد أعمال العنف خلال المرحلة الثالثة من استلام الحكم، أو إمكانية قتال الدول الغربية لحماية الخلافة أو توسيعها لتشمل دول غير إسلامية، حيث قام حزب التحرير في وقت سابق بعدة انقلابات فاشلة في الأردن وسوريا ومصر، والآن الحزب محظور بشكل كبير في الشرق الأوسط.

وذكرت "جونز" إنّ حزب التحرير يطعن في حكم الدكتاتوريين السابقين والديمقراطيين الحاليين، وأنّ الحزب استطاع أن يتغلغل في مجلس علماء اندونيسيا، أعلى هيئة رجال دين، وتمكن من عرض قضايا بقوة مثل قضية تطبيق الشريعة وحظر الطوائف والتيارات المسلمة الغريبة ومعارضة حملات الشركات الغربية في اندونيسيا.

على عكس جماعات إسلامية عديدة، فان حزب التحرير يرحب بالنساء.

قال محمد نواب عثمان من جامعة "سينغافورة نانينغ تيكنولوجي" وهو خبير بالحزب في اندونيسيا: إنّه خاب أمل الشباب المتشددين في ماليزيا من المواقف المعتدلة للأحزاب السياسية الرئيسية، فتحولوا إلى حزب التحرير بسبب شعورهم بتمسك الحزب وإصراره على مبادئ الإسلام، وإنّ حزب التحرير الذي ملأ غرفة اجتماعات في سنة 2004 بصعوبة، جلب مؤخرا أكثر من 1000 مشارك لحضور مؤتمر، وله وجود في جميع الولايات ما عدا ولاية واحدة.

لقد تم سجن أعضاء حزب التحرير في روسيا ودول آسيا الوسطى وأماكن أخرى، لكن بعض الخبراء يقولون أن التعريف الفضفاض للإرهاب في هذه الدول –وليس بسبب ارتكاب أفعال إرهابية- أوقع العديد منهم في السجن، وتعرضت مجموعات منهم أحيانا للإعدام.

تختلف الآراء داخل الولايات المتحدة حول الحزب، فوزارة الخارجية لا تضع حزب التحرير على لائحة الإرهاب، لكن قسم شرطة مدينة نيويورك في وثيقة تم الحصول عليها من وكالة "الاسوشييتد برس"، وصمت الحزب " بالجماعة المتطرفة في المستوى الأول" في سنة 2006.

أما الحكومة البريطانية فكانت على وشك حظر الحزب بعد تفجيرات لندن في سنة 2005، وقال المسئولون في الحكومة أنّ عدد أعضاء الحزب تقلص إلى أقل من 2000 عضو، لكن بريطانيا تبقى قاعدة مهمة للتبرعات والدعاية واستقطاب أعضاء كبار، فالعديد من القادة في اندونيسيا وماليزيا سعوا يوما للحصول على لجوء في المملكة المتحدة، حيث أكملوا تحصيلهم العلمي وتمكنوا من عمل اتصالاتهم ثم عادوا إلى بلادهم.

قال إد حسين الذي وصف وقته "بعضو بريطاني" في الكتاب الذي أصدره في سنة 2007 بعنوان "الإسلامي"، قال أنّ الحزب عالميا قوي ومتين وهو يتعاظم، وزاد على ذلك بالقول: "ما زلت اعتقد أنّ رسالة وأيديولوجية حزب التحرير قوية كما كانت دائما، وقال في مقابلة له، أنّ مناهضتهم للديمقراطية والغرب وإسرائيل وموقفهم ضد الحكومات في العالم الإسلامي ما زال ثابتا، وهكذا فإنّه زرع روح المواجهة والأفكار الراديكالية وبالتالي المواقف بين شباب المسلمين".

ملاحظة

ساهم في كتابة هذا التقرير كل من الكاتب في وكالة الاسوشييتد برس في جاكرتا "نينيك كارميني" و "سين يونج" في كوالا لامبور و"جان اولسن" من كوبن هاجن و "ديفيد رازنج" من براين و "بيزلي دودس" من لندن و "مات ابزو" من نيويورك و "تيد بريديز" من واشنطن والباحث في وكالة الاسوشييتد برس "يو بينغ" من بكين.

انتهت الترجمة

إنّه لأمر مثير للاهتمام مساهمة كل أولئك الإعلاميين والمثقفين من دول وعواصم كبرى ومختلفة من أنحاء العالم في كتابة تقرير عن حزب التحرير، لكن إذا عُرف السبب بطل العجب، فحزب التحرير أصبح الحزب السياسي الإسلامي العالمي الأضخم والأسرع انتشارا بين المسلمين، بسبب صحة الفكرة التي قام عليها منذ قيامه، من وجوب الإطاحة بالأنظمة الطاغوتية والمستبدة، ووقوف الغرب خلف هذه الأنظمة ودعمها، ولزوم إقامة حكم الله في الأرض.

فهذه التقارير وغيرها تأتي في سياق إثارة الانتباه ودق ناقوس الخطر عند السياسيين والحكام الغربيين، لوضع الحزب تحت المراقبة الشديدة للحيلولة دون وصوله إلى غايته. ولكن خاب فألهم وطاش سهمهم فالقادم سيكون في مصلحة الإسلام والمسلمين بإذن الله.

 3/10/2011