بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال

تعجيل الزكاة

إلى حسام ابو عصب

 السؤال:

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل ينطبق حكم دخول الوقت إن جاز التعبير بكلمة الوقت في حكم الزكاة. السؤال: إذا أخرجت زكاة المال دون أن يحول عليه الحول، فهل يعتبر ما أخرجته بنية الزكاة زكاة أم أنه يعتبر صدقة ولا يسقط الفرض إلا بدخول الحول على المال؟ وهل حال الزكاة كحال الصلاة والصيام والحج مرتبط بوقت معلوم لا تجوز في غيره، فإذا كان وجوب الزكاة قد ارتبط بوقت وهو الحول، فهل وجب الالتزام بالحول ولا يجوز لنا أن نخرج الزكاة قبل ذلك لما يترتب عليه من زيادة في المال؟ جزاك الله خيرا ونفعنا بعلمك، أرجو الإجابة للضرورة.

 الجواب:

 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 أولاً: موضوع تعجيل الزكاة... إليك ما يلي:

 

1-إن حلول الحول هو شرط في سبب الزكاة "النصاب"، فإذا تحقق الشرط أي حال الحول على السبب "النصاب" دون نقصانه، فقد وجبت الزكاة... لكن الزكاة لو أُخرجت قبل وجوبها فإن هذا الإخراج جائز للأدلة الشرعية الواردة ومنها:

 أخرج البيهقي في السنن الكبرى عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِr فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ» ... وأخرج الدارقطني في سننه عَنْ حُجْرٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِr لِعُمَرَ: «إِنَّا قَدْ أَخَذْنَا مِنَ الْعَبَّاسِ زَكَاةَ الْعَامِ عَامِ الْأَوَّلِ«.

 

وبناء عليه فتعجيل إخراج الزكاة قبل وجوبها هو أمر جائز، ويكون ما يخرجه المعجل زكاة مسقطة للفرض وليس صدقة مندوبة...

2-- ومعنى التعجيل للزكاة هو أن يزكى المال قبل نهاية الحول، فإذا بلغ النصاب في محرم هذه السنة فنهاية حوله محرم من السنة القادمة وعندها تجب الزكاة، لكن يجوز تعجيل تلك الزكاة الواجبة في نهاية الحول بأن تدفع في رمضان من هذه السنة مثلاً، أي قبل موعدها بنحو أربعة أشهر... وفي كيفيتها خلاف عند الفقهاء، أنقل لك رأيين منها:

 يقول ابن قدامة في المغني بجواز تعجيل الزكاة قبل مضي الحول على النصاب ويرد على من يقولون بعدم الجواز بالقول: (ولنا ما روى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، «عَنْ النَّبِيِّr : أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: إنَّا قَدْ أَخَذْنَا زَكَاةَ الْعَبَّاسِ عَامَ الْأَوَّلِ لِلْعَامِ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: إنَّا كُنَّا تَعَجَّلْنَا صَدَقَةَ الْعَبَّاسِ لِعَامِنَا هَذَا عَامَ أَوَّلَ». رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ عَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ النَّبِيِّr مُرْسَلًا،) ولكنه يرى التعجيل فقط لمال النصاب حيث يقول:

(وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ وَزَكَاةَ مَا يَسْتَفِيدُهُ، وَمَا يُنْتَجُ مِنْهُ، أَوْ يَرْبَحُهُ فِيهِ، أَجْزَأَهُ عَنْ النِّصَابِ دُونَ الزِّيَادَةِ.) ويضيف (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمَا هُوَ مَالِكُهُ...). وكما ترى فإن الحنابلة يرون تعجيل الزكاة عن المال الذي بين يديه إذا كان أكثر من النصاب ولا يجيزون التعجيل عن الزيادة الناتجة من هذا المال أو عنه كالربح مثلاً أو نحو ذلك خلال المدة الباقية لنهاية الحول... وأما أبو حنيفة فيجيز تعجيل الزكاة عن كل ذلك.

 ولا أريد أن أتبنى رأياً منهما، ولك أن تتبع أي رأي تطمئن به من هذين الرأيين، فإذا امتلكت النصاب مثلاً في محرم هذه السنة وأردت تعجيل الزكاة في رمضان بدل الانتظار حتى نهاية الحول في محرم السنة القادمة فيمكنك فعل ما يلي:

 - إما أن تعجل زكاة المال المتوفر لديك في رمضان إذا كان أكثر من النصاب، وعند نهاية الحول في محرم تحصي المال لديك الناتج عن المال الذي عجلت زكاته في رمضان كالربح الناتج عنه مثلاً أو نحو ذلك وتزكي الزيادة على المال الذي زكيته في رمضان. فمثلاً إذا كان المال الذي عجلت زكاته في رمضان "10000" وعند نهاية الحول في محرم كان هناك ربح ناتج عن المال الذي زكيته "5000" أي أن المال معك عند نهاية الحول "15000" فتزكي الـ "5000" الزائدة لأنك عجلت زكاة الـ "10000".

 - وإما أن تحصي المال المتوفر لديك في رمضان وتقدر المال الناتج عنه كالربح مثلاً حتى نهاية الحول في محرم وتخرج زكاة هذا المجموع، أي زكاة المتوفر لديك في رمضان والناتج عنه المقدر إلى نهاية الحول في محرم، وتعجل زكاة كل ذلك، وليكن 18000. وفي هذه الحالة إذا كان مجموع المال لديك "أصل المال وربحه "في نهاية الحول محرم، إذا كان أكثر من المال الذي زكيته وليكن 20000 فيجب أن تزكي الزيادة 2000.

 وأسأل الله سبحانه أن يتقبل زكاتك وأن تكون طيبة شافعة لك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

 ثانياً: موضوع الوقت للزكاة والصلاة:

 إن الوقت بالنسبة للصلاة هو سبب، والسبب يلزم من وجوده وجود ومن عدمه العدم، ولذلك يدور الحكم معه وجوداً وعدماً، فلا تصح الصلاة قبل دخول الوقت ولا بعد خروجه فمثلاً يقول الرسولr بالنسبة لصلاة الظهر كما رواه الطبراني في الكبير عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللهِr: «إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا» وأخرجه البيهقي كذلك. ويقولr في حديث أوقات الصلاة بالنسبة لصلاة الظهر الذي أخرجه مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو:

«وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ». فهذه أسباب فلا تصح الصلاة في غير وجود السبب، وكما قلنا آنفاً فصلاة الظهر لا تصح قبل الزوال ولا بعد خروج الوقت...

 أما الحول بالنسبة للزكاة فهو ليس سبباً وإنما هو شرط في السبب، ولذلك فعدم حصول الشرط يختلف عن عدم حصول السبب، وبخاصة وأن هناك نصاً يجيز تعجيل الزكاة قبل نهاية الحول. أما النصاب في الزكاة فهو السبب، ولذلك فقبل امتلاك النصاب فلا زكاة مفروضة وإنما هي صدقة. هذا هو الفرق في موضوع الحول في الزكاة وموضوع الوقت في الصلاة. وفي هذا الكفاية إن شاء الله.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

 رابط الجواب من صفحة الأمير على غوغل بلس

 رابط الجواب من صفحة الأمير على تويتر

للمزيد من التفاصيل