التاريخ: 6 من ذي القعدة 1430 هـ                                                                                  الرقم:ص/ب ن35/009
   الموافق: 24/10/2009م      
بيان صحفي
إعلان إجراء الانتخابات الفلسطينية هو استمرار لمسيرة التضليل السياسي
و"التحرير من البحر إلى النهر" هو العنوان الصحيح للمصالحة
  بعد ثلاث ساعات من اتصال هاتفي من الرئيس الأمريكي لرئيس السلطة الفلسطينية في رام الله، أصدر الأخير - مساء أمس الجمعة- مرسوما رئاسيا، يقضي بإجراء الانتخابات الفلسطينية (الرئاسية والتشريعية) في 24/1/2010، وظهر القرار إعلاميا كردة فعل على "تعثر جهود المصالحة" مع سلطة غزة، ونتيجة "فقدان الأمل" من تحقيقها. وتبيانا لموقف حزب التحرير في فلسطين من اتخاذ هذا القرار في سياق التجاذبات والمشاحنات حول المصالحة نقول:
إن هذا القرار "الرئاسي" يأتي ضمن مسيرة التضليل السياسي وحرف القضية الفلسطينية عن سياقها الشرعي والمبدئي، وهو يسير على نفس النهج من تفريغ القضية من محتواها، والانشغال بانتخابات ليس لها أثر فعلي في ساحة الصراع بين المسلمين وكيان يهود المغتصب لأرضهم، اللهم إلاّ أن تكون الانتخابات مقدمة لإفراز من يوقعون ليهود على عقد التنازل النهائي عن معظم فلسطين، فهي لن تجري إلاّ بموافقة ساسة يهود ورضاهم عنها.
إن التجاذبات والمشاحنات السياسية حول الانتخابات وشروط المصالحة تؤكد أن الصراع على السلطة وعلى مكاسبها قد صار العنوان الأول لكل حراك سياسي بين المتنافسين في رام الله وغزة، بينما تتلاشى قضية تحرير فلسطين في عوالم النسيان الفصائلي، أو تُلقى على رفوف مكاتبهم، لتنفض عنها الغبار ساعة يفرض عليهم السجال السياسي التلويح بها يوما أو بعض يوم.
إن قضية فلسطين – كما يدركها كل صاحب لب سليم وقلب مخلص- هي قضية أرض مغتصبة لا تعود دون جيوش تجاهد في سبيل الله لخلع الاحتلال من جذوره، وأما ما يُطرح من مشاريع للمصالحة تدمج "شكلياً" ما بين سلطة (في كنف الاحتلال وتحت وصايته) وبين المقاومة ضد هذا الاحتلال، فإن هذه المشاريع ما هي إلا خلط للماء بالنار! فكما أن الماء لا يمكن إلا أن يطفئ النار، فإن السلطة التي يرضاها الاحتلال لا يمكن إلا أن تقمع المقاومة، بل لا بد أن تلتزم بالقضاء على المقاومة، والشواهد على ذلك صارخة واضحة، فالسلطة تحت الاحتلال لا يمكن أن تقوم أو أن تستمر إلا بعد الاستسلام للاحتلال، مهما تغيّرت الألفاظ ومهما تبدلت التعبيرات في الأوراق، والاتفاقات والمصالحات.
وبما أن المزاوجة بين السلطة والجهاد والمقاومة أمر غير ممكن، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل بموجب التوقيع على الورقة المصرية للمصالحة، ستتنازل سلطة رام الله عن التبعية لكيان يهود وخدمتهم أمنياً وتنحاز إلى المقاومة والجهاد، أم أن سلطة حماس في غزة ستتنازل عن خيار المقاومة والجهاد المعلن، وتلحق بالخط السياسي لسلطة رام الله؟
إن الخيار الشرعي الصحيح هو أن يتحول المتنافسون على السلطة في الضفة وغزة من البحث عن المصالحة على أساس تقاسم السلطة والانتخابات، إلى المصالحة على أساس التعاهد على "مفهوم تحرير فلسطين من البحر إلى النهر" والتوافق على رفض كل عمل سياسي يسير ضد هذا المفهوم، سواء أكان انتخابات أم غيرها.
ومن هنا فإن الحل الوحيد للخروج من حالة الصراع على السلطة هذه هو أن ينبذ كلا الفريقين المتخاصمين مشروع السلطة الهزيلة، ومن ثم أن ينحازا إلى الشعار الذي نشأت عليه الفصائل الفلسطينية أصلا: وهو التحرير من البحر إلى النهر، والعمل على إعادة بلورته كمفهوم أصيل في أذهانهم. وعندها يكون التنافس صحيا محموداً، لا يؤدي إلى الصراع على المصالح بل يؤدي إلى التعاون على التحرير، فالناس لا يتصارعون على التحرير، بل يتصارعون على المصالح والمكتسبات والحقائب الوزارية، وبهذا فقط تخرج قضية فلسطين من مستنقع الحلول السياسية الآثمة، ويرجع أبناء التنظيمات إخوةً ورفاق سلاح، لا شركاء متشاكسون يقتل بعضهم بعضاً. هذا ما يوجبه الإسلام وهو خير من ورقة مصر ومدير مخابراتها.
(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)