تعليق صحفي

أمريكا تكفر بما صنعته بينما السلطة تواصل الإيمان به وتدعو العالم لتقديسه!!

أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يوم الاثنين أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات (الإسرائيلية) في الضفة الغربية المحتلة مخالفة للقانون الدولي. وقال وزير الخارجية الأمريكي في خطابه إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تخلت عن موقف إدارة سلفه باراك أوباما بشأن المستوطنات. من جانبها، نددت السلطة الفلسطينية بموقف واشنطن، إذ اعتبر الناطق باسم رئيس السلطة نبيل أبو ردينة الإعلان الأمريكي باطلا ومرفوضا ومدانا ويتعارض كليا مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية الرافضة للاستيطان. وقال صائب عريقات بأنه يجب مساءلة الإدارة الأمريكية دوليا لدفاعها عن الاستيطان، ومن جانبه قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي إن المستوطنات في فلسطين المحتلة خرق للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وإجراء يقتل حل الدولتين ويقوض فرص تحقيق السلام الشامل. (الجزيرة نت ووكالة معا).

صحيح أنّ الإعلان الأمريكي جاء بعد أيام من قرار المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي وأقر قانونية وسم البضائع التي تنتج في المستوطنات المقامة في الأراضي المحتلة عام 1967، والتي يتم تصديرها إلى دول الاتحاد، وهو ما دفع البعض إلى تفسيره بالرد على خطوة الاتحاد الأوروبي، ولكن الحقيقة أنه موقف ينسجم تماما مع رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة منذ مجيء ترامب إلى الحكم، وهي خطوة تأتي في سياق الخطوات المماثلة السابقة من مثل إعلان القدس عاصمة لكيان يهود ونقل السفارة وإعادة تعريف معنى اللاجئين وإلغاء حق العودة، وهي لا تكشف سرا حول نوايا وشكل الحل الأمريكي المطروح لقضية فلسطين.

فأمريكا ماضية بإصرار نحو تصفية قضية فلسطين أو التهيئة لذلك، سواء تحت مسمى صفقة القرن أم تحت أي مسمى أخر، وهي لا تترك فرصة لمساندة كيان يهود أو تعزيز وجوده إلا وتسلكه إلى درجة تبجح فيها ترامب قبل أيام قائلا مستهزئا بخصومه الديمقراطيين بأنه إذا ما تم عزله من رئاسة الولايات المتحدة فإنه سيذهب مباشرة لتولي رئاسة كيان يهود فهو محبوب لديهم وشعبيته عالية.

وفي المقابل نرى السلطة الهزيلة ومعها بعض الحكام الأقنان وعلى رأسهم حكام الأردن ما زالوا يتشبثون بقرارات ومنابر صنعتها لهم أمريكا نفسها من قبل ليعبدوها ويقدسوها لتضيّع بذلك أمريكا فلسطين وقضيتها وتجعلها حجر القوانين والمواثيق والقرارات الدولية المصممة لهذا الغرض ابتداء، ثم لما كفرت أمريكا بتلك القرارات والمواثيق وابتدعت غيرها، وهذا أمر طبيعي فيمن يتخذ إلهه هواه ويصنع بيده عجلا ليعبده، واصلت السلطة والحكام الأقنان التمسك بتلك الأصنام والمخططات الخبيثة، بدلا من أن تفكر بها وتعود إلى رشدها، وتدرك أنّ كل من يسير خلف أمريكا والغرب راجيا شيئا منهم إنما يسير خلف سراب ووهم سيرديه ولو بعد حين.

ولكن أنى لسلطة مجرمة جيء بها لتصفية قضية فلسطين وحكام نُصبوا ليكونوا أعداء للأمة أولياء للكفر ومخططاته، أنى لهم أن يخرجوا عن المسار المرسوم لهم والمسارب التي صنعت لهم! رغم كل الصفعات واللكمات التي توجهها لهم أمريكا مرة تلو المرة، ولكنهم فقدوا الإحساس بالحرية والكرامة.

إن حل قضية فلسطين لا يمر عبر قرارات الأمم المتحدة ولا المواثيق الدولية ولا عبر أمريكا وأوروبا، فكلها أبواب للشر، بل الحل يمر عبر الأمة وجيوشها، فالأرض المباركة فلسطين حلها أن تعود كاملة إلى حضن الأمة الإسلامية عبر الجيوش التي يجب عليها أن تتحرك لتحريرها وباقي بلاد المسلمين المحتلة.

22/11/2019م