كرر رئيس السلطة الفلسطينية -في تصريحاته للصحفيين في عمان- تحذيراته مما أسماه "الحرب الدينية"، كما نقلت القدس العربي في 1/3/2010. وقال "أعلنت بصراحة في أوروبا كأن إسرائيل تريد أن تشعل حرباً دينية في المنطقة".
 
وبينما تعلن دولة الاحتلال اليهودي أنها دولة يهودية مستندة إلى دين اليهودية، وفيما قامت أصلا على هذا الأساس، وفيما تحارب على هذا الأساس، يحذّر ساسة السلطة الفلسطينية من الاستناد إلى العقائد في الصراع، وفي المواجهة، وذلك في تناقض صارخ، وانبطاح واضح. فلماذا يخشى رئيس السلطة الفلسطينية من الحرب على أساس العقيدة ؟
 
 فالحرب لدى المسلمين على أساس العقيدة تعني بث روح الجهاد والاستشهاد، وقد ثبت أن تلك الروح تلقن أعداء الأمة والمحتلين دروسا قاسية كلما تحركت في عقول وقلوب المسلمين، كما حصل في جنوب لبنان وفي فلسطين، وفي العراق وكما يحصل اليوم في أفغانستان، وخصوصا أن سلاح الاستشهاد وطلب الموت في سبيل الله هو سلاح استراتيجي خاص بالأمة الإسلامية دون غيرها من أمم الأرض.
 
وإن مجرد التلويح بالجهاد، ولو كان تلويحا زائفا كما صدر عن القذافي قبل أيام في دعوته للجهاد ضد سويسرا لمنعها بناء المساجد، يقض مضاجع الغرب، ويحتجون عليه، لأنهم يدركون تماما معنى الجهاد الذي لا يعرف إلا النصر، فقد ذاقت أوروبا طعم الهزيمة أمام المجاهدين على أساس العقيدة الإسلامية، وعلمت أوروبا معنى الدولة الإسلامية التي تقوم على الجهاد: كيف توحد المسلمين، وكيف تحرر بلادهم بل وكيف تفتح أصقاع المعمورة.
 
 
والحرب على أساس العقيدة الإسلامية تعني اشتراك أمة إسلامية تمتد على جناحي عقاب من إندونيسيا إلى المغرب في تلك الحرب، فأنّى لكيان سرطاني هزيل لا تقوم له قائمة إلا بشريان خبيث من الناس أن يصمد في حرب ضد مليار ونصف من البشر يطلبون الموت في سبيل الله أكثر مما يطلب اليهود الحياة ؟
 
ودخول الأمة الإسلامية في تلك الحرب يعني تسخير ما لدى جيوشها من أسلحة، وتسخير مقدراتها وثرواتها في تلك المواجهة، التي لا تصح أن تأخذ أكثر من جولة من الأمة، بل ما هي إلا مجرد حالة مرور لجيوش الدولة الإسلامية فوق تراب فلسطين.
 
إذاً، فالذين يخشون الحرب على أساس العقيدة هم أعداء الأمة، والأصل بالقادة -عندما يكونون مخلصين- أن يذكروا الأعداء ويتوعدوهم بتلك الحرب لا أن يعربوا عن خشيتهم منها.
 
ولكن ساسة السلطة الفلسطينية يدركون تماما أن النهوض على أساس الإسلام يعني دولة إسلامية لا سلطان فيها للموظفين في المشاريع الغربية، وهذا بالطبع يؤدي إلى سحب البساط من تحت أقدامهم، وبالتالي هم يدركون حجم الخسائر التي سيتكبدونها جرّاء ذلك، وفقدان المكاسب والامتيازات الباطلة، بل ويدركون مصيرهم في محاكم المسلمين التي ستقاضيهم على كل تفريط وظلم وتنكيل.
 
ولذلك فالتحذير من تلك الحرب منبثق عن مصلحة مشتركة لهم وللغربيين. ولذلك يصرّون دائما على ما يدعونه زورا من حصر قضية فلسطين في أهل فلسطين على أساس من الوطنية الضيقة والهابطة، ويصارعون من أجل شرعية فلسطينية زائفة، ويستندون إلى المبدأ الباطل حول "حق تقرير المصير للفلسطينيين".
 
وهم قبل كل ذلك وبعده، لا يقرؤون آية العداء الراسخ مع يهود، وإذا قرؤوها لا تدخل قلوبهم:
 
"لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ".
 3/3/2010