لم تعد حوادث اعتداءات السلطة على الصحافة والإعلام وعلى صحفيي فلسطين حدثاً بارزاً أو فريداً من نوعه، وذلك بسبب تكرره واعتماد السلطة لنهج تكميم الأفواه وطمس الأخبار والمغالطة في الحقائق، ولعل الاعتداء على الصحفيين في بيت لحم بصورة همجية بتاريخ 29-3-2010 أثناء تغطيتهم لمسيرة سلمية دعت لها لجان المقاومة الشعبية السلمية وخرجت احتجاجاً على اعتقال يهود لعضو اللجنة المركزية لفتح عباس زكي تعطي مثالاً صارخاً على كيفية تعامل السلطة وأجهزتها الأمنية مع الصحفيين والإعلاميين المحليين، ولم تتلاشى من الذاكرة بعد حادثة اعتداء السلطة على الصحفي وائل الشيوخي بالهراوات وكسر يده، واعتقال العديد من الصحفيين وزجهم في السجون بمبررات واهية أو بدون مبررات، ناهيك عن سياسة التهديد والتهديد المبطن التي تمارسها الأجهزة الأمنية على وسائل الإعلام.
وفي ظل هذه السياسة القمعية التي تمارسها السلطة على الصحفيين المحليين يبزغ حدث اعتقال السلطة لمراسل القناة العاشرة "الإسرائيلية" في رام الله أثناء تصويره لمقر رئاسة الوزراء حيث تم التحقق من هويته وتمت إعادته للجانب "الإسرائيلي" معززاً مكرّما، ليكشف هذا الحدث عن المفارقة العجيبة في تعامل السلطة مع الصحافة "الإسرائيلية" والصحافة الفلسطينية أو العربية، فالصحفي "الإسرائيلي" يُعزز ويُكرم ولا يهان برغم أن قناته قد عرّت السلطة من قبل في نشرها لملفات الفساد، وبرغم أن هذا الصحفي ضبط يصور مقرات حكومية يفترض أن تكون مواقع حساسة، بينما الصحفي الفلسطيني أو حتى المواطن العادي الذي استهوته رغبة تصوير حدث ما يُهان ويُذل ويشتم ويُزج به في السجون وتصادر أو تكسر معداته بل وحتى عظامه خاصة إذا كان التصوير لحدث يمس السلطة، ألا ساء ما يصنعون!
إن السلطة في تعاملها مع الصحافة كالمجرم الذي يخشى انكشاف أمره على الملأ، فالسلطة لو لم تكن تمارس الإجرام والقمع بحق أهل فلسطين لما ضرها صحفي هنا أو هناك؟! ولو لم تكن السلطة وأجهزتها الأمنية تكدّ وتسهر على حماية أمن يهود على خلاف الجعجاعات الإعلامية التي يتفوه بها رجالاتها، لتركت الإعلام يصف الحوادث والوقائع ويتعامل معها بمهنية وأمانة صحفية بعيداً عن سيف التهديد أو حتى جزرة السلطة.
إن السلطة في فعالها القبيحة قد أعيت الأقلام وصفاً وأعجزت الأوصاف تعبيراً عن مدى سوء فعالها وتخاذلها وخيانتها وتآمرها على أهل فلسطين مع يهود، فلا تكاد تجد وصفاً يعبر عن حقيقة فعالها. فإلى هؤلاء نبرق رسالة؛ إن ظلمكم لن يدوم وكل قمع أو بطش تمارسونه سيعجل في نهايتكم وسيزيد من وعي أهل فلسطين على دوركم الخياني والتآمري، ولا يغرنكم التفاف بعض المنتفعين ممن أغرقتموهم بأموالكم المشبوهة حولكم ولا دعم يهود والغرب لكم، فأنتم بمناصبتكم أمتكم العداء كالشجرة بلا أصل أو جذر سرعان ما يقتلعها نسيم عابر لا إعصار.
(أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ).
8-4-2010