وصف مسئول فلسطيني رفيع الوضع الفلسطيني بأنه صعب بل في غاية الصعوبة. وقال المصدر إن انطلاق المفاوضات المباشرة مع "إسرائيل" ليس أكثر من مسألة وقت رغم التعنت "الإسرائيلي" ورفض أي مطالب فلسطينية. وحسب المسئول فإنه يجري الآن البحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه لا سيما للطرف الفلسطيني، الذي لا يزال متمسكا بضرورة الحصول على ضمانات ولو كانت على نحو بيان من اللجنة الرباعية يؤكد ما جاء في بيانها الذي صدر في موسكو في 19 مارس (آذار) الماضي، على أن يصدر هذا البيان بعد استئناف المفاوضات.
وأضاف المسئول في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" نشر في عدد اليوم السبت: "إن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) يتعرض لضغوط أميركية وغير أميركية، غير مسبوقة وغير محتملة، لإرغامه على الجلوس على طاولة المفاوضات المباشرة، رغم أن الطرف "الإسرائيلي" يرفض إلزام نفسه بأي شيء".
وللتعليق على هذا الخبر نتناوله من زوايا ثلاث:
أولاً: لم يعد خافياً على أي مراقب أن الطرف الفلسطيني لم يكن في يوم من الأيام يملك قراره، وأنه يتلقى التعليمات من واشنطن أو الإتحاد الأوروبي المانح، فقرار الذهاب إلى المفاوضات غير المباشرة كان قراراً أمريكياً خالصاً وإن سعت الجامعة العربية لتجميله وإضفاء المسحة العربية عليه، كما أن قرار الذهاب إلى المفاوضات المباشرة كذلك هو قرار أمريكي أوروبي أعلنت عنه كل من كلينتون وأشتون من قبل، وكل الذي يدور-كما وصفه المسئول الفلسطيني- مخرج لحفظ ماء الوجه، إن بقي في الوجه ماء أو حياء!!
ثانياً: يلاحظ تدهور اشتراطات المفاوضات في كل مرة ونزولها من حادر إلى حادر، ففي كل مرة بدل أن تتحسن شروط المفاوضات-التي تعد بجملتها وتفصيلاتها وصمة عار ومخزية ومخالفة للإسلام- نراها تنحدر كل مرة، فمن شرط الموافقة على إقامة الدولة الفلسطينية إلى حدود الرابع من حزيران لعام 67، إلى وقف الاستيطان إلى تجميده بل إلى تجميده مدة 10 أشهر إلى العودة غير المشروطة إلى المفاوضات وفق ما أعلنت عنه صحف "إسرائيلية" من أن نتنياهو سيذهب إلى المفاوضات المباشرة دون أن يلتزم بأي شروط مسبقة، مما يعطي انطباعا صارخاً عن مدى الهوان الذي وصل إليه المفاوضون ومدى تهالكهم على المفاوضات طاعة للسيد الأمريكي مهما كان الثمن.
ثالثاً: إن الحديث عن الضغوط الأمريكية على الطرف الفلسطيني، ومجاملته للطرف الآخر بل والذهاب بعيداً في العلاقات الوطيدة معه، وليس آخرها تعزيز التعاون العسكري إلى أبعد حدوده وفق ما نشرت صحيفة "وول ستريت جيرنال بناءً على تعليمات أوباما، يفند طرح المفاوضين أنفسهم من أن الطرف الأمريكي يعد وسيطاً نزيها، فمن كان هذا حاله فإنه بلا شك لا يوصف بالمنحاز فحسب بل بالعدو ذاته، وإن التعلق بوعوده بإقامة الدولة الفلسطينية "العتيدة!" هو تقديم لفلسطين لقمة سائغة لهذا العدو، وربط لمصير هذه الأرض المباركة بخطط هذا العدو ومكائده لفلسطين والمنطقة بأسرها.
من ذلك كله يتضح لنا أن المفاوضات باتت هي الفاضحة الكاشفة، وأن السلطة بإقدامها على هذه المفاوضات، في ظل تعنت يهود واستمرار جرائمهم التي لم يكن آخرها الاعتداء على مقبرة مأمن الله، تلقي بنفسها إلى الهاوية وتزيد الفجوة المتسعة أصلاً بينها وبين أهل فلسطين، بل وترسخ نظرة أهل فلسطين لها من أنها دمية بيد يهود والقوى الغربية الاستعمارية من أمريكان وأوروبيين.
إن فلسطين كانت عبر تاريخ الأمة محور تحركها ووحدتها، وإن استمرار المنبطحين في التآمر على فلسطين لن يضيعها ولن يمحي عكا وصفد واللد والرملة وتل الربيع علاوة على القدس وبقية الضفة والأغوار من ذاكرة الأمة، وسيخرج من صلب الأمة من يوحدها في دولة واحدة (الخلافة) ويتحرك بها تحرك الرجال الرجال في جيش تهتز لزمجرته الدول، ليحرر فلسطين ويطهر المسجد الأقصى من رجس يهود، وساعتئذ ولات حين مندم، وستلاحق الخلافة كل من فرط بفلسطين أو باعها بثمن بخس وقدمها لقمة سائغة للكافرين. إن ذلك وعد حق وإن غداً لناظره قريب.
(فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا)
14-8-2010م