تعليق صحفي

العفة والفضيلة توجدها وترعاها الدول ولا تنبت إلا في الأرض الطيبة

قبل أيام أثارت مجموعة من المنظمات الأهلية الفلسطينية ظاهرة التحرش الجنسي الآخذة في الازدياد في الآونة الأخيرة، لا سيما في المدن مثل رام الله والخليل، حيث قال النقيب عطا جوابرة مدير دائرة حماية الأسرة في شرطة محافظة الخليل "إنّ المجتمع ذاهب للهاوية إذا لم يتم التوقف بجدية أمام هذه الظاهرة"، مشيرا إلى أنّ كل المؤشرات تشير إلى تعاظم المشكلة، وأضاف: أن التشريعات والقوانين غير رادعة ولا تتناسب مع حجم انتشار هذه الحالات المتزايدة. وأشارت فطنة خليفة من جمعية الإرشاد إلى أنّ التحرش تزايد في أماكن العمل والمدارس والجامعات، ويتزايد بشكل كبير في مواسم الأعياد والمظاهرات، وهو يتراوح بين التحرش اللفظي ولمس الجسد.

صحيح أنّ هذه الظاهرة أخذت في الازدياد وهذا يلمسه من يغشى الأسواق، إذ يقوم بها سقط المتاع من الناس من الذين تخلوا عن قيم الإسلام والفضيلة وانساقوا وراء الشهوات وسُبل الشيطان، ولكن من المهم بمكان أن ندرك أنّ هذه المشكلة سببها الأنظمة والسياسات التي تطبقها السلطة الفلسطينية، وليس فقط القوانين والتي هي تعبير قانوني عن فلسفة السلطة، بل نهج السلطة وسياستها يدعمان ويرعيان الفساد بكل وضوح، فالسلطة التي تشجع الحريات الشخصية واختلاط الجنسين في وسائل الإعلام ومناهج التعليم ونشاطاتها المسماة بالثقافية والرياضية، والتي ترعى الفساد بأشكاله المتنوعة من مثل مسابقات ملكات الجمال والمباريات النسوية أمام الجماهير والحفلات الراقصة والاحتفالات المختلطة وعروض الأزياء، وتفتح الباب على مصراعيه أمام المؤسسات الغربية والأجنبية المشبوهة التي تمارس النشاطات الإفسادية وتعمل على تغريب المجتمع، كل هذا وغيره من ممارسات وسياسات وقوانين، لا يمكن أن يساهم إلا في المزيد من الانحلال والفساد للمجتمع، إذ لولا رحمة الله تعالى وبقية ما تبقى في نفوس المسلمين من احترام وتقدير لقيم وأخلاق الإسلام لكان حال مجتمعاتنا أسوء وأسوء.

فالفضيلة والأخلاق الحميدة لا تحتاج إلى وقف حملات وسياسات الإفساد التي تنظمها السلطة أو ترعاها فحسب، بل تحتاج إلى سياسات توجدها وترعاها وتنميها، فالفضيلة والأخلاق لا توجد لوحدها، بل الدول من خلال وسائل إعلامها ومناهج التعليم ومراكزها الثقافية ونشاطاتها المتعددة وسياساتها الهادفة توجد الفضيلة وترعاها، وبعد ذلك تأتي القوانين الزاجرة.

فكيف لسلطة تحارب دين الله ومن على منابر رسول الله، وتلاحق العاملين للإسلام، وتحتفي بكل فاسق وفاسد لتضعه في المناصب العليا، ويمارس قادتها العهر السياسي والأخلاقي أن ترعى الفضيلة أو تساهم في نشرها!! وكيف لمؤسسات تُمول من الغرب الحاقد أو تعيش في كنفه وتحمل فكره أن تساهم في حماية المرأة والأخلاق في المجتمع؟!!

الإسلام ونظامه وخليفته هو القادر على إيجاد الفضيلة في المجتمع ورعايتها، وبدون أحكام الإسلام ودولته سيبقى حال المسلمين من تراجع إلى أخر، وستبقى الأخلاق الحميدة والقيم الرفيعة عملة نادرة يتحسر عليها المتحسرون، هذا إن لم يكن تحسرهم غطاءا لمزيد من السياسات الهادفة إلى الترويج لأفكار الغرب الفاسدة.

13/12/2012