تعليق صحفي

لا خير في مصالحة تسير وتتوقف بناء على موافقة أمريكا أو رفضها وتتعثر حرصا على المحاصصة لا خوفا على ثوابت الأمة

بينما قطعت الفصائل الفلسطينية شوطا في اجتماعاتها بخصوص موضوع المصالحة، وذلك بعد الأخبار التي تتحدث عن موافقة أمريكا على المضي بتلك المصالحة كما توصف، إذا بتلك المصالحة تتوقف بقرار أمريكي كما أفادت بعض المصادر، بحجة إعطاء فرصة لوزير الخارجية الأمريكي الجديد للسير قدما في تحريك قضية فلسطين والمفاوضات، وسط أخبار تتوارد بخصوص اتفاق مقايضة بين يهود وأمريكا حول قضية فلسطين ووقف الاستيطان من أجل المضي قدما في المفاوضات.

كان الأولى بتلك الفصائل أن تعمل على إفشال المشاريع الغربية التي تهدف لإحياء منظمة التحرير لا أن تعززها بدخول من لم يدخل بها وترميم شرعية تلك المنظمة من خلال انتخابات جديدة، فذلك هو الأولى بالخلاف بين تلك الفصائل وليس أن تتنافس تلك الفصائل حول نسب تمثيل كل واحد منهم.

لقد كان الأولى بتلك الفصائل وقادتها أن يجتمعوا على ميثاق يعيد قضية فلسطين إلى حضن أمتهم التي وجب عليها أن تحرك جيوشها لتحرير فلسطين، بدلا من أن تحرك أجهزة مخابراتها لتكون وسيطا بين تلك الفصائل من أجل إحياء منظمة بالية تختطف قضية فلسطين وأهلها من أجل حماية يهود والإقرار بشرعية كيانهم تحت سقف القبول بحل الدولتين.

فهل يفرح القادة عندما يهيمون في كل مرة على وجوههم في بحث تفاصيل كيفية محاصصتهم في كل من المجلس الوطني في منظمة التحرير التي يراد إحيائها وهي التي ماتت وحل دفنها، أو في نسبهم للتحاصص على مجلس تشريعي يقاد نوابه من قبل يهود ويعتقلون ويرحلون من منطقة لأخرى بلا حول ولا قوة لهم.

ألم تتعلم تلك الفصائل التي يتبارى قادتها في التصريحات أمام الكاميرات، أن الأولى بها أن توجه خطابها للأمة وجيوشها محملين إياهم مسؤولية تحرير فلسطين وقطع العلاقات القائمة بين وسيطهم "النظام المصري" وبين يهود، وأن تتفق على إلغاء كافة الاتفاقيات التي أقرت يهود كأوسلو وأخواتها، أم أن تلك الفصائل لا ترى نفسها إلا جزءا من مشروع السلطة الفلسطينية البائسة، والتي مهما تشدق أصحابها بالمقاومة والنضال فإنها تظل خادمة للمحتل.

إن الانصياع للقرارات الأمريكية ببدء المصالحة وبوقفها يكشف أن تلك المصالحة أن تكون بصيغة تخدم المصلحة أمريكية ومخططاتها بالدرجة الأولى، و محاولة لابتزاز المواقف وقهر الإرادات، من خلال دمج بقية الفصائل غير المنضوية في منظمة ضيعت فلسطين، والعمل على إحياء تلك المنظمة التي وجدت من أجل تضييع فلسطين بتحميل أهلها لوحدهم مسؤولية تحريرها، فإذا ما فشلوا انصاعوا لرغبة الغرب في قبول المحتل، ليتحول نضال أهل فلسطين من محاولة تحريرها إلى محاولة تحسين ظروف العيش والتعايش مع المحتل.

إن تلك الفصائل لا تمثل طموحات أهل فلسطين وقضيتها، التي أرادوا اختزالها في منظمة عفا عليها الزمن وهي تعدل ميثاقها وتقدم التنازلات ليهود،  لتكون ثمرتها الفاسدة سلطة بائسة تحفظ للمحتل أمنه وتقر له بشرعيته.

فكيف بمن يريد تحرير فلسطين أن يرهن إرادته لسيد المحتل أمريكا، أم أن تلك الفصائل بحاجة لمن يحررها أولا قبل أن تنادي بالتحرير.

10-2-2013