الحوار مع الإدارة الأمريكية وقبول السلام الحقيقي مع كيان يهود
منكران لا يصدران عن سياسي يلتزم الإسلام
 
في إطارالمحاولات المتكررة والتصريحات المتنامية والهادفة إلى إرسال رسائل إيجابية نحو الإدارة الأمريكية، أكد رئيس وزراء سلطة غزة إسماعيل هنيةوفق ما نقلته وكالة معا-  عدم وجود إحراج في إجراء حوار مع الإدارة الأمريكية برئاسة باراك أوباما، مشيرًا إلى ترحيبهم باللغة الجديدة لأوباما.
يبدو أن رئيس وزراء سلطة غزة لازال يرقب تحركات الإدارة الأمريكية ظاناً أنها في مستهل عملها، ومتناسياً الأيام والأشهر العجاف التي مرت على الأمة الإسلامية وعلى أهل فلسطين في ظل حكم هذه الإدارة، ومتناسياً السياسية الأمريكية التي أودت بحياة الآلاف من المسلمين وشردت مئات الآلاف منهم في كل من باكستان والعراق وأفغانستان، بل متناسياً الموقف الأمريكي من حرب غزة ودفاع إدارة أوباما عن كيان يهود في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
إن التعلّق بحبال الإدارة الأمريكية، وخطب ودها عبر التصريحات والمواقف المداهنة، والتعلّق بوجود أمل بدعم أمريكا لمطالب أهل فلسطين كما يتحدث رئيس وزراء السلطة في غزة، هو نهج فيه تملق للكفار، وهو يُغفل حقيقة لا مفر لمؤمن نزيه من أخذها بعين الاعتبار وهي أن أمريكا، ومن قبلها بريطانيا والغرب قاطبة، هي من زرع كيان يهود في فلسطين، وهي من مكّن يهود من أرض فلسطين، وأمدهم ولا وزال بالمال والسلاح والعتاد، ولولا شريان الحياة الذي يغذي كيان يهود ولولا حماية الغرب لهم عبر جيش العملاء من حكام الأنظمة المحيطة بهم لما استطاع يهود أن يمكثوا في هذه الديار أياما لا أشهر ولا سنوات.
وإن الحديث عن "السلام الحقيقي" الذي ذكره رئيس وزراء سلطة غزة، بقوله "أن حركةحماس مع السلام الحقيقي العادل؛ الذي يُعيد للشعب الفلسطيني حقوقه ويُنهي الاحتلال عن أرضه" فيه مغالطة وتجاهل لبديهيات قضية فلسطين، فالسلام إما أن يكون بين طرفين متخاصمين، اليهود والمسلمون، أي أن يعترف المسلمون بما احتله اليهود من أرضهم قلّ أم كثر، وإما أن يكون السلام تحريراً لفلسطين بكامل ترابها من نهرها إلى بحرها وحينئذ لن يكون هناك كيان يسمى "إسرائيل"، أي لا يكون هناك سلام مع "إسرائيل" لا عادل ولا ظالم لأن "إسرائيل" لم تعد موجودة، وهذه العمليةللتوضيح - تسمى تحريراً وليست عملية سلام.
إن الذي قاد رئيس وزراء سلطة غزة، وقادة حماس إلى هذه المواقف والتصريحات هو خوضهم غمار اللعبة السياسية الغربية والتي تدار دفتها من واشنطن ولندن وباريس، فلم يبق مجال أمامهم -والحال كذلك- سوى التقرب للقوى الغربية بإطارات معينة، بحيث تنتقل حماس من مربع المقاومة إلى مربع الحلول السياسية انتقالاً وئيداً لا انتقالاً سريعاً مفاجئاً، وهذا عين ما سارت عليه فتح التي كانت تطرح التحرير من البحر إلى النهر، ثم غرقت (تدريجياً) في بحر الحلول الأمريكية.
وإن الواجب على قادة حماس، كان ولا وزال منذ اللحظة الأولى التي زلت فيها قدمها فدخلت وشاركت في مشروع السلطة، أن تتبرأ من هذا المشروع الغربي، وأن تستمر في تلبسها بأعمال المقاومة وان تنبذ كل المشاريع الاستعمارية، وسواء أكانت برعاية دول الموالاة أم دول الممانعة فكلهم في الخيانة والتآمر على المسلمين سواء.
إن الوقت لم يفت، وإن حماس تستطيع ان تتدارك أمرها، وحتى تعلم حماس ما عليها أن تفعله فإن عليها أن تحاول أن تقدم تعريفات واضحة لكثير من العبارات التي أصبحت تتكرر على ألسنة رجالها، ومن هذه العبارات التي تبحث عن تعريف: "السلام العادل" ، "الحقوق الفلسطينية"، "الحوار مع أمريكا".
 
"إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"
30/10/2009