تعليق صحفي

الشيطان الأكبر يصبح صديقًا أقرب!

 على هامش منتدى دافوس الاقتصادي الذي عُقد قبل أيام وشارك فيه حسن روحاني وبنيامين نتنياهو، وفي مقابلة معCNN الأميركية ولدى سؤاله عن شعار "الموت لأميركا"، قال الرئيس الإيراني بأن هذا الشعار متصل بالسياسات العدائية والتدخلات للولايات المتحدة الأمريكية، ولدى وصوله إلى المؤتمر قال روحاني للتلفزيون السويسري بعد سؤاله عن إمكانية إعادة فتح السفارة الأميركية في طهران، قال روحاني بأنه: علينا أن نحول العداوات إلى صداقة، وأنه لا يستمر عداء إلى الأبد ولا تستمر صداقة إلى الأبد أيضا.

وكانت بلدية طهران قد أزالت شعارات معادية لأميركا من شوارع طهران بحجة أنها لم تأخذ ترخيصًا من البلدية، وكانت هناك لقاءات غير معلنة قبل أن توقع إيران "الولي الفقيه" مع أميركا "الشيطان الأكبر" الاتفاق النووي.

 

لقد رفع حكام إيران الكثير من الشعارات الكاذبة منها: "الشيطان الأكبر"، "الموت لأميركا" و "الموت لإسرائيل"، ومع أن السلوك الفعلي لإيران ينطق بأن العلاقة بين أميركا وإيران علاقة ولاء سرية، فإن روحاني اليوم يعلن عن هذه العلاقة السرية ويسحب شعارات المعاداة الكاذبة من مثل "الموت لأميركا" و "الشيطان الأكبر" من خلال محاولة طرح تفسير جديد يبرر إعلان العلاقات الأميركية الإيرانية.

لقد أوهم حكام إيران الكثير من الناس ومن المحللين بالعداء المستحكم مع أميركا، وأوهموا كثيرًا من الناس بأنهم رأس حربة ضد الاستكبار وضد الكفر وضد التدخل في بلاد المسلمين، والواقع أنهم كانوا ضد الأمة ومع التدخل في بلاد المسلمين، وقد شهدوا على أنفسهم بذلك على لساني رفسنجاني وأبطحي بأنه لولا الجيش الإيراني الشعبي والتعاون الإيراني لما تمكنت أميركا من احتلال العراق وأفغانستان، وانكشفت بعض أعمالهم من مثل دعم كرزاي سياسيًا وماليًا..

ولقد أوهم حكام إيران كثيرًا من الناس بأنها تريد القضاء على كيان يهود وإخراج أميركا من المنطقة، والحقيقة أن شعار "الموت لإسرائيل" عند حكام إيران يدركه حقيقته قادة يهود من أنه مؤقت إلى حين انصياع يهود للرؤية الأميركية المتمثلة بحل الدولتين، كما يدرك الواعون أن شعار "الموت لأميركا" كان ستارة لتسلل وتموضع النفوذ الأميركي في الخليج أكثر وأكثر، وما إن اقتضت السياسة الخارجية الأميركية تغييرًا حتى أزيلت هذه الستارة وبانت الكواليس.

ومجاراة لمزاعم روحاني حول تفسير شعار "الموت لأميركا"، هل خرج النفوذ الأميركي من المنطقة؟ هل توقف التدخل في شئون البلاد الإسلامية؟ هل خرجت أميركا من البلاد المحتلة؟ وبعبارة أوضح ماذا تغيّر في موقف أميركا من المسلمين؟ الجواب هو لا شيء، وإنما الذي طرأ هو حاجة أميركا لاستعمال إيران بشكل أكثر فعالية مما أوصى به تقرير بيكر-هاملتون.

إن حكام إيران مستعدون ليقوموا بدور الأداة الفعّالة للسياسة الأميركية في المنطقة خاصة في هذه الفترة الحرجة وخاصة في سوريا، وقد سبق لسفير إيران في بريطانيا محمد حسين عادلي أن قال: «إن طهران مستعدة للعمل مرة أخرى مع الولايات المتحدة لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط حينما تتلاقى مصالحهما»، فهي إذن العلاقة بين الولي والشيطان لتحقيق المصلحة الأميركية وليس المصلحة الإيرانية كما يُزعم.

 فهل احتلال أميركا "الشيطان الأكبر" لأفغانستان، وسيطرة واحتلال أميركا "العدوة المفترضة لإيران" للعراق مصلحة لإيران تفوق مصلحة بقاءها بيد طالبان وصدام الضعيف المنهك؟ وهل بقاء نفوذ النظام السوري البعثي المتسلط المجرم مصلحة لإيران "الإسلامية"؟

ولماذا تغض أميركا الطرف عن القوات الإيرانية في سوريا مع زعم الإيرانيين بأن ما يحدث في سوريا مؤامرة صهيو-أميركية؟

إن حكام إيران بدلا من أن يكونوا عونا للمسلمين في العراق وأفغانستان وسوريا، كانوا عونًا لأميركا في إبقاء بشار، وفي احتلال أفغانستان والعراق، وأعلنوا عن العلاقات السرية "الغرامية" بين "الولي" و"الشيطان"، فهل استحال الشيطان إنسانًا موادعًا أم الولي لم يكن وليًا؟

26-1-2014م