تعليق صحفي

الإنسان الذي نسيته الحضارة الرأسمالية!!

قالت الشرطة الأسترالية إن ناتالي وود –المولدة عام 1924- أمضت سبع سنوات بعد أن وافتها المنية في بيتها، قبل أن يتم اكتشاف جثتها عام 2011...وقد غطت خيوط العنكبوت معظم أرجاء البيت، ودخلت أفرع الأشجار إلى الدور العلوي للبيت...وقالت أنيد دافيس، زوجة أخ وود، إن آخر مرة رأت فيها وود كانت في 2004 من خلال نافدة حافلة النقل العام...وتسعى دافيس وبعض أقارب وود إلى الحصول على تركتها.وقد أطلقت وسائل الإعلام على وود لقب "المرأة التي نسيتها مدينة سيدني".

حادثة بشعة تضاف لسجل الحوادث الغريبة التي يشهدها العالم الغربي، والتي تؤكد على مدى الانحدار الفظيع الذي وصل إليه الغرب بحضارته الرأسمالية اللاإنسانية.

إن الحضارة الرأسمالية قد أخرجت البشر عن فطرتهم السليمة، وقطّعت الأواصر الإنسانية بين الناس حتى أواصر القرابة إلا رابطة المصلحة والنفعية التي تحكم علاقات المجتمع وقياساً عليها تقوّم العلاقات البشرية.

فقد بات طبيعياً في المجتمعات الغربية المفككة أسرياً أن لا يتواصل الأبن مع أبيه ما لم يكن بينهما مصلحة، وأن الأب لا يعرف مصير ابنه هروباً من التبعيات المالية تجاهه، أو أن الأم لا تكترث بحياة أبنائها انشغالاً منها بملذاتها أو مصالحها.

إن الرأسمالية تنظر إلى الإنسان بوصفه ماكينة أو عبداً أو عاملاً أو سلعة أو محلاً للنزوات والشهوات البهيمية أو غير ذلك، فهي لا ترى الإنسان بوصفه إنساناً بل ترى جانب المصلحة فيه وجانب تسخيره لتحقيق الأرباح لطبقة الرأسمالين المترفين، ولا تقيم وزناً لكرامته أو إنسانيته بل لا تعترف بها، فاذا انقضت منفعته ترك وحيداً على قارعة الطريق أو في بيوت العجزة.

وهذه الحادثة مثال صارخ كذلك على الواقع "الأسوة!" الذي يتطلع إليه دعاة "حقوق المرأة" في بلادنا وينبهرون به!، فهذه الحادثة تظهر مدى اهمال الغرب للمرأة لا سيما إن بلغت من الكبر عتياً، وليست هذه الحادثة منعزلة فـ50% من النساء –في أمريكا مثلاً- اللاتي يصلن عمر 75 سنة يعشن لوحدهن بلا أنيس أو جليس، وهذه النسبة تستثني من يدخلن دور العجزة، وهو واقع مأساوي ووصمة عار في جبين الغرب والرأسمالية، بينما لدى المسلمين حتى في ظل عدم وجود الخلافة التي تصوغ الحياة وفق الإسلام وتشريعاته، فإن المرأة اذا بلغت مثل هذا العمر تجدها تقتعد مكانة لا تدانيها مكانة، والكل من الأبناء والأحفاد يسعون لنوال رضاها متمثلين قول الحق سبحانه (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) وقول الرسول الأكرم "رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ".

إن حضارة قد جعلت من الإنسانية تاريخاً قد اندثر، وقد جعلت الانسان -حتى في ظل عيشه في أكبر المدن وأكثر ازدحاماً- كأنه يعيش في صحراء خاوية هي حضارة لا تليق بالبشر ولا يصح أن تبقى.

إن الإسلام، الدين الإلهي المنزل من لدن حكيم خبير الذي خلق الإنسان ويعلم خباياه، هو الحضارة التي من شأنها أن تعيد للبشر كافة كرامتهم المسلوبة وإنسانيتهم الضائعة ومكانتهم الكريمة.

(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)

10-2-2014