تعليق صحفي

القوة العربية المشتركة في خدمة المخططات الأمريكية الاستعمارية!

صرح الرئيس الأمريكي في لقاء مع صحيفة نيو يورك تايمز أنه سيبلغ زعماء دول الخليج أن عليهم أيضا أن يكونوا أكثر نشاطا في مواجهة الأزمات الإقليمية. وتابع أوباما قائلا "في رأيي أنه عندما ننظر إلى ما يحدث في سورية على سبيل المثال، لوجدنا أنه كانت لدى الولايات المتحدة رغبة كبيرة للدخول إلى هناك وعمل شيء". وتساءل أوباما عن السبب الذي لا يجعل العرب يكافحون هذه الانتهاكات المريعة لحقوق الإنسان التي ارتكبت، أو مكافحة ما فعله الأسد. واعتبر أوباما أن المصلحة الأميركية الأساسية في المنطقة لم تعد النفط أو الأرض بل أن يكون هناك سلام دائم وأن لا يتم الهجوم على حلفائنا. وأن الاتفاق الإيراني هو خطوة البداية.

تصريحات واضحة –لا تخفيها العبارات المنمقة والتباكي على حقوق الإنسان- تكشف عن توجه أمريكا في عدد من قضايا المنطقة، وتكشف لكل مبصر ما تكيد به أمريكا ضد المسلمين وتحيك من مؤامرات ترمي إلى الهيمنة على المنطقة وإفشال مسعى الأمة من التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار.

فمن جهة تكشف هذه التصريحات أن القوة العربية المشتركة التي أقرت الجامعة العربية انشاءها في قمتها الأخيرة، وكان يقف خلف مشروعها أتباع أمريكا كالسيسي والعربي، ليست سوى مشروعاً أمريكياً خالصاً هدفه أن تكون تلك القوة هي اليد "الشرعية" التي تبطش بها أمريكا أهل المنطقة، وهي الأداة التي تستخدمها لحسم قضايا ساخنة عجزت عن السيطرة عليها أو احتوائها كما في ثورة الشام الأبية.

فأوباما بحديثه عن الشام وضرورة تدخل الحكام العملاء في التصدي للإرهاب وإجرام الأسد يمهد الطريق لبدء التحضير "لعاصفة حزم" سورية تقوم بها القوات العربية وتسعى لتجهز على الثورة السورية ولضرب المخلصين في الشام ولتفرغ مطالب الثورة في التغيير والتحرر من مضامينها، وهو ما عجزت عنه أمريكا طوال أربع سنوات بكل خططها ومكرها ودهائها.

أما حديث أوباما عن جرائم الأسد فهو المهزلة بعينها وضحك مفضوح على الذقون، فالأسد كان ولا زال موظفاً أجيراً عند أمريكا، ومجرد تابع عميل لها يأتمر بأمرها، وأمريكا عبر النظام العميل لها هي من تلغ في دماء المسلمين في الشام ولم يشبع حقدها بعد، فهل يظن أوباما أن دموع التماسيح هذه تخدع عاقلاً؟!

وتلقي تصريحات أوباما الضوء على جزء من أهدافها من الاتفاق النووي الإيراني لكي يتسنى لأتباعها في ايران القيام بالمهام القذرة التي أوكلت لهم في التصدي لثورات الأمة وتثبيت أقدام المستعمرين في بلاد المسلمين والتآمر مع اعدائهم.

إن أهداف أمريكا من كل أعمالها السياسية في المنطقة هي المحافظة على نفوذها وبقاء الهيمنة على بلاد المسلمين لتبقى نهباً لها، وحفظ أمن يهود، والحيلولة دون الأمة وتحقيق مشروعها الحضاري التحرري.

لكن مَثلُ أمريكا كمثل العنكبوت، تنسج خيوط مؤامراتها وهي واهنة لا تقوى على الصمود، فلقد سقط القناع عن الحكام العملاء ولن تفلح هذه الأعمال في نفخ الروح فيهم، وبمجرد تدخلهم في الشام سيفتضح أمرهم أكثر وأكثر وسيبوؤون بالفشل، فهم الذين أسلموا أهل الشام للمجرم بشار من أول يوم حتى هذا اليوم، وهم الذين تآمروا على هذه الثورة المباركة وأنفقوا أموالهم ليجهضوها، فأنّى لهم أن يلعبوا دور البطل المنقذ؟!

إن الأمة اليوم وصلت درجة من الوعي ما عادت معها تُخدع بالألاعيب أمريكا وأدواتها وهذا مكمن فشل المستعمرين، وهي بإذن الله تذلل العقبة تلو العقبة للوصول للغاية المنشودة بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، ولئن غرّ أمريكا وحلفها وأدواتها تعثر الأمة وضعفها وتفشي القتل فيها فلقد أخطأوا، فتلك المحن هي بوابة الفرج والنصر والظفر بإذن الله، وهي العسر الذي يسبق اليسر والمخاض العسير قبل بزوغ الفجر الجديد، وهذه سنة الله التي لا تدركها أمريكا وتعيها كل أذن واعية.

(لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)

6-4-2015