تعليق صحفي

إبداع الشباب ليس ربطة عنق يضعها مهندس أوسلو!

نشرت وكالة وفا كلمة رئيس السلطة الفلسطينية خلال افتتاح المنتدى الوطني الأول للمبدعين في فلسطين، وأفادت أنه شدد "على ضرورة ايلاء الابداع والتميز الاهتمام الأكبر إلى جانب مجالات العمل الأخرى سواء السياسية أو الدبلوماسية، لأنه برعاية المبدعين والمتميزين نبني دولة مستقلة معاصرة تضاهي دول العالم المتقدمة"، وأشار "إلى أن الإبداع والتميز ليس غريبا على شعبنا"، وقال: "نحن لا نملك مالا ولا بترولا، نحن دولة فقيرة تعيش على المساعدات بسبب الاحتلال، لكن نملك شيئا واحدا وهو العقل نفكر وننجح".

لا شك أنه يحق للأكاديميين والشباب أن يتطلعوا للإبداع، بل يجب عليهم ذلك خدمة لأمتهم وقياما بواجباتهم العلمية، وإن المبدعين هم لبنات في صرح النهضة "المادية" للدول، ولذلك لا يمكن الانتقاص من تلك التطلعات والمحاولات من قِبلهم، ولكن السؤال هنا: هل يحق لأمثال هؤلاء السياسيين المتخاذلين أن يرعوا تلك الإبداعات؟ وهل يحاولون بالفعل أن  يوجدوا التربة الخصبة لإنبات الابداع؟

إذ إن من يرى "ضرورة ايلاء الابداع والتميز الاهتمام الأكبر" لا يستنفد ثلث موازنة السلطة لنفقات أجهزته الأمنية بينما لا يُبقي غير الفتات للتعليم، ثم إنه لا يطلق أجهزته الأمنية لاعتقال طلبة الجامعات خلال فترة الامتحانات، ليحرمهم من فرص النجاح كما تكرر في عدد من المشاهد المأسوية للطلبة، ولا يعمل على تحويل الجامعات إلى ثكنات مخترقة من قبل الأجهزة الأمنية. ولا يفسد مناهج التدريس في المدراس التي أثبتت الوقائع أنه تسهم في التجهيل والتخريب الثقافي أكثر مما تسهم في التعليم.

إن رئيس السلطة إذ يقول "برعاية المبدعين والمتميزين نبني دولة مستقلة معاصرة تضاهي دول العالم المتقدمة"، لا يفقه كيف تقام وتُبنى الدول على المبادئ السياسية العليا وعلى قيم التحرر من الهيمنة، لا على طبائع الاستبداد على الشعوب والاستخذاء أمام الأعداء كنهج الكرازايات القبيح. وهو يضلل إذ يعمل على فك الارتباط بين إبداعهم المادي وبين مسيرة التحرر والنهضة السياسية والفكرية.

ومن يشير "إلى أن الإبداع والتميز ليس غريبا على شعبنا"، فهو لا شك يستحضر كيف أبدع في فلسفة "تنسيق السجين مع محتلة وتربيع الدائرة"، وكيف تمكن هو ومنظمته من صناعة المستحيل الرياضي وتربيع الدائرة الأمنية عندما حول المناضلين القدامى إلى حرس حدود عند الاحتلال الذي كانوا يكافحونه. وهو يضلل عندما يتحدث عن إعادة "تدوير المربع "الأمني"... بعد تربيع الدائرة"، فهذه هي الإبداعات التي يتغنى به، وهي في سجلّه الذي سيحاسبه التاريخ عليها.

وهو إذ يدرك أنه يعيش وهم الدولة، بلا مال ولا بترول، بل "تعيش على المساعدات"، يدغدغ مشاعر أولئك المبدعين الذين يتطلعون إلى غد مشرق في كيان سياسي حقيقي يحتضنهم ويفتح أمامهم آفاق الإبداع، ولكنّه يعدهم ويمنّيهم بما منّتهم به منظمة التحرير من قبل: وهَمْ "دولة فلسطين: من سنغافورة إلى طورابورا!".

لذلك فإن رعاية مهندس أوسلو لهذا المنتدى قد حوّل الإبداع إلى ربطة عنق يتزين بها كرازاي فلسطين، الذي "أبدع" في تحقيق أمن الاحتلال، وفي حشر فلسطين ضمن مسار التنازلات التي لا تنتهي، وفي تحويل حلم التحرر عند الشباب إلى كابوس أمني يطاردهم!.