خبر وتعليق

السلطة وكيان يهود أدركا مأزقهما

وأمريكا تتقدم نحو محاولة استغلال الأحداث الأخيرة

الخبر:

يصل إلى دولة يهود اليوم فرانك ليفينستاين المبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام مع الجانب الفلسطيني.

وتهدف الزيارة إلى بحث خطوات لبناء الثقة بين الطرفين ولترتيب زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لدولة يهود الأسبوع المقبل. ومن المقرر أن يصل كيري إلى دولة يهود يوم الاثنين المقبل ليجتمع مع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ومع رئيس السلطة محمود عباس. وكالة معا الإخبارية.

وكان عباس قد شدد على ضرورة الحفاظ على الطابع السلمي للحراك الشعبي الفلسطيني خلال ترؤسه في رام الله الليلة الماضية اجتماعا للمحافظين وقادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وأفيد أن عباس وضع المجتمعين في صورة الوضع السياسي إضافة إلى استعراض الوضع الميداني. وكان قد طالب عباس قادة الأجهزة الأمنية والمحافظين بتقديم العون والمساعدة للمواطنين والتخفيف من معاناتهم جراء الأوضاع الصعبة. سما الإخبارية.

التعليق:

يأتي التحرك الأمريكي هذا بعد أن هدأت الأوضاع قليلا وأصبح لدى الأطراف أمل في إمكانية السيطرة عليها أو استغلالها في المشاريع التصفوية، حيث من الواضح أن الشهرين الأخيرين كانا من أصعب الشهور على السلطة الفلسطينية وكيان يهود، حيث استمات كلاهما في محاولة السيطرة على الهبة الشعبية التي انطلقت في فلسطين، سواء داخل ما يسمى بالخط الأخضر أم خارجه، على نحو اتخذ الطابع الفردي الجريء، وهو ما أربك حساباتهما وخلط الأوراق عليهما وأشعر كليهما بفقدان السيطرة أو احتمال وصول الأمور إلى ما لا يحمد عقباه لديهما.

فالسلطة تعرف أن أمنها واستقرارها هو من أمن واستقرار دولة يهود، وأنّه لولا الدبابة اليهودية لما كان لعباس وأزلامه مكان في فلسطين، وهي تدرك أيضا أنّ أهميتها ووظيفتها تنبع من مقدار الخدمات التي تقدمها لدولة يهود على الجانب الأمني والسياسي، ولأمريكا على الجانب السياسي.

وأما يهود فقد تعززت لديهم القناعة بضرورة السلطة وبقاء جهودها الحثيثة في الوظيفة الأمنية التي تقدمها لهم، حيث قد سارت جهود السلطة ونشاطاتها بإيقاع وانسجام عاليين مع تحركات وجهود يهود في محاولة السيطرة على الهبة الشعبية، وليس آخرها ذلك الموقف المفضوح المخزي للسلطة فيما حدث في المستشفى الأهلي في الخليل، حيث أمنت السلطة دخولا وخروجا آمنين لقوات المستعربين بأعداد كبيرة للمستشفى لاختطاف وقتل من تريد.

وفي ظل كل ما حدث، وصلت شعبية السلطة وأجهزتها الأمنية إلى الحضيض أمام أهل فلسطين، كيف لا وهم يشاهدون التنسيق الأمني وقوات الاحتلال تدخل وتضرب وتعتقل وتهدم البيوت وتسفك الدماء أمام عيون السلطة وفي أماكن سيطرتها المزعومة، دون أن تحرك السلطة ساكنا، بل وتتحرك سريعا لاعتقال العشرات مما تشك في احتمالية قيامهم بتنفيذ عمليات ضد يهود، ولو حتى من خلال كتاباتهم على الفيس بوك!! ولذلك جاء تأكيد عباس لقادة أجهزته الأمنية والمحافظين وأمناء سر الأقاليم في اجتماعهم الأخير على محاولة التخفيف من معاناة الناس، حيث يأمل عباس من خلال رتوش هنا أو هناك أن يعيد ترميم صورة السلطة المدمرة أو يحول بين الناس وبين الانفجار في وجه السلطة.

أما على الصعيد العام، فقد أكد عباس للمرة الألف على براءته هو وسلطته من أهل فلسطين وآمالهم براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، حيث أكد على ضرورة المحافظة على سلمية المقاومة، وهو ما يعني مواصلة القمع والتربص بكل من يفكر بالعمل ضد يهود، وتكثيف التنسيق الأمني معهم، وهذا ما يجعله هو وسلطته المغاير النشاز أمام أهل فلسطين وتطلعاتهم.

ولا يتصور من السلطة أن تفعل غير ذلك، فهي الخادم المطيع لأمريكا والموظف الأمني لكيان يهود، وبغير هاتين الوظيفتين لا جود لها. ولكن التعويل هو على أهل فلسطين الأبطال الذين أثبتوا أنهم عصاة على الكسر والترويض وأن الدماء التي تجري في عروق شبابهم هي دماء نقية طاهرة من اتفاقيات العار ومسيرة السلام المخزية، وهو ما يضع أهل فلسطين أمام تحد جديد بضرورة رفع وتيرة البراءة والانفصام عن السلطة وحكام المسلمين، ليدرك العالم وأمريكا على رأسه أن كل مبادراتها وتحركاتها لا مكان لها إلا في عقول وأذهان الخائنين، وأروقة وغرف الحكام المنفصلين عن الأمة وفكرها وشعورها.