تعليق صحفي

معركة الموصل، حمام دم ومئات الآلاف من النازحين من أجل عيون أوباما

 

حذرت منظمات وهيئات دولية وحقوقية عديدة من حصول "حمام دم" للمدنيين في الموصل، وبينما أبدى بعضها مخاوف من استخدامهم دروعا بشرية، وحذر البعض الآخر من "تطهير عرقي" لأهل السنة فيها. في حين أعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الثلاثاء 18/10/2016 عن ثقته بإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية في الموصل رغم إقراره بصعوبة المعركة، وقال إنه جرى التخطيط للتعامل مع أزمة إنسانية محتملة مع بدء نزوح آلاف المدنيين.  كما اعتبر أن عملية الموصل ستكون معلما أساسيا من معالم التزامه بهزيمة تنظيم الدولة. هذا وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الثلاثاء 18/10/2016 أن طائرات حربية تركية شاركت في العمليات التي ينفذها الجيش العراقي والتحالف الدولي في الموصل، معقل تنظيم «الدولة الإسلامية» في شمال العراق.

إنّ العملية التي يشارك فيها 45 ألفا من القوات التابعة لبغداد وقوات الحشد الشعبي، وقوات حرس نينوى، إلى جانب دعم التحالف الدولي والبشمركة والقصف التركي، لا شك أنّها من غير الممكن أن تكون عملية محلية أو إقليمية، فحجم الاهتمام والحشد كبيران ويدلان على أنّ هناك ما هو مقصود أكثر من مجرد العملية بذاتها بأهدافها المعلنة.

ولا شك أنّ كل المشاركين المذكورين هم لا يساوون وزن أمريكا، فهم إما تحركوا بأمر من أمريكا أو شاركوا بموافقة من أمريكا، فالمشاركون هم أدوات وأتباع لأمريكا، وإن ظهروا بمظهر أصحاب القرار وألقوا الخطب والشعارات، ولذلك يجب النظر إلى العملية على أنها عملية أمريكية بأهداف أمريكية.

وبالنظر إلى الأهداف التي قد تقف وراء قرار أمريكا شن هذه الحرب، نجد أنّ ما صرح به الرئيس الأمريكي من أن عملية الموصل ستكون معلما أساسيا من معالم التزامه بهزيمة تنظيم الدولة، هو أبرز ما يرشد إلى الغاية الأمريكية من العملية، ألا وهي تحقيق إنجاز للرئيس أوباما يساهم في تعزيز موقف كلينتون في الانتخابات الأمريكية كمرشحة للحزب الديمقراطي، وما يدلل على ذلك حجم التضخيم الإعلامي لأكثر من أسبوع من الحديث المتواصل عن العملية والاستعداد لها، وكأنه سيناريو لإخراج عمل تريد الإدارة الأمريكية أن يبدو كبيرا.

وحين ملاحظة المأزق الأمريكي في الشام وعجز أوباما عن تحقيق شيء يُذكر رغم كل صنوف الوحشية التي مارسها النظام والتحالف وروسيا في الأسابيع الأخيرة من أجل الخروج باتفاق أو تحقيق إنجاز يُحسب لأوباما قبل مغادرته للبيت الأبيض، وكذلك عجز الإدارة الأمريكية عن تحقيق تقدم في القضية الفلسطينية، وفي ظل فشل أوباما على المستوى الداخلي في مشروعه الصحي "أوباما كير"، كل ذلك دفع بالإدارة الأمريكية إلى خوض هذه الحرب، وإذا ما أضيف إلى هذا الهدف الانتخابي غاية بسط حكومة بغداد العميلة لأمريكا سيطرتها على الموصل وتقوية نفوذها في العراق تكون الأهداف قد اتضحت.

فالحقيقة أنّ تنظيم الدولة لا يمثل ذلك التهديد الذي تروج له أمريكا ولا أتباعها، بل إنّ وجوده في كثير من المناطق يمنح أمريكا والحكومات الغطاء اللازم لفعل الأفاعيل بأهالي المنطقة والمخلصين فيها.

وأمريكا بالطبع وخلفها حكام العرب والمسلمين وعلى رأسهم أردوغان والعبادي لا يكترثون لدماء المسلمين التي ستراق أو لمئات الآلاف الذين سيشردون في العراء، وسيعانون صنوف العذاب، فهم مجرمون لا يرف لهم جفن وهم يتسببون بالعذابات للآخرين ما دامت في سبيل تحقيق مصالحهم.

فما أحوج الأمة إلى خليفة يحنو عليها ويضمد جراحها، وينتقم من أعدائها. فاللهم نصرك الذي وعدت.

20/10/2016