مقال: المرأة في المواثيق والقوانين الفلسطينية.. وحقوقها بين الكتابة والتطبيق

مقال نشر عبر وكالة معا قراءته يعطي انطباعاً واضحاً عمّا تتطلع إليه الجمعيات النسوية، التي تباشر مشاريع كالمشروع المذكور أدناه والتي تتلقى الدعم والتمويل الخارجي لذلك، فالمقال يعيب الواقع الحالي بوصفه ابتعد عن تطبيق القوانين الفلسطينية التي تحقق للمرأة المساواة بل ويعيب على بعض هذه القوانين بسبب ما وصفه بمساندتها "للعادات والتقاليد البالية" كما تسميها كاتبة المقال.

في هذا المقال، وعبر مغالطات مقصودة واختباء خلف شعارات براقة، تجد الشرف تهمة وسعي الرجل للحفاظ عليه جريمة والزواج "المسمى مبكراً" آفة.

 

نشر الثلاثـاء10/09/2013

الكاتب: عهد أحمد جرادات

(كتبت مقالي هذا ضمن مشروع نحو دستور فلسطيني عادل الذي يتم تنفيذه من قبل المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية ومركز القدس للنساء.)

ان احترام المرأة والاهتمام بوضعها والعمل على توفير البيئة المناسبة التي تمكنها وتساعدها على ممارسة جميع حقوقها كفكرة ومبدأ، يجب ان يكون قابلا للتطبيق باعتباره القيمة الاساسية في بناء المجتمع وتطوره الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

حيث ان عملية تقييم الدول بمدى تقدمها وتطورها مرتبط بشكل كبير بطريقة سلوكها اتجاه المراة و مدى احترامها لها، وذلك باعتبار المرأة مواطن في المجتمع الى جانب تطبيقها لمفاهيم حقوق المرأة. على اعتبار ان المرأة جزء اساسي تمثل انسان منتج قادر على المشاركة و الابداع الوظيفي في كافة المناصب مثلها مثل الرجل في جميع الجوانب الحياتية من سياسي، اجتماعي، اقتصادي، اداري.

 

لهذا يجب العمل على توسيع نطاق مشاركة المرأة الفلسطينية و توفير الحرية لها عن طريق العمل على تجديد القوانين، و وضع انظمة حديثة مدنية تحترم المرأة بغض النظر عن الدين او الطبقة الاجتماعية، يجب العمل على فتح جميع الابواب الحياتية امامها والسماح لها بالتألق بعيدا عن العادات و التقاليد البالية و الافكار التقليدية الذكورية التي تقلل من قيمة المرأة وقدراتها وامكانياتها الابداعية. فالمرأة انسان قادر مبدع يجب العمل على استغلال هذه الطاقات البشرية وتنميتها في المجالات المناسبة لها من اجل العمل على بناء مجتمع منتج.

 

هناك مجموعة من المواثيق الفلسطينية التي تم اصدارها، والتي كانت تهدف للعمل من اجل الحفاظ على الحقوق الوطنية والمدنية للمرأة الفلسطينية الى جانب تحقيق مبدا المساواة بين الرجل و المرأة باعتبارها مرجعية اساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية، و اعطاء الحقوق، و ضرورة السعي من قبل الحكومة من اجل تحقيق هذه المبادئ على ارض الواقع عن طريق التعليم، وتغيير الصورة النمطية لطريقة التفكير لدى المجتمع الفلسطيني. ومن هذه المواثيق:

1-وثيقة اعلان الاستقلال: الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1988، حيث تم وضع الاسس و المبادئ القائمة على ركيزة مبدا المساواة التي يجب ان تبنى عليها المنظومة القانونية الفلسطينية، و ضرورة ترسيخ مبدا المساواة، وعدم التحيز في الحقوق على اساس النوع الاجتماعي.

 

2-وثيقة حقوق المرأة التي تم اصدارها سنة 1993 في القدس من قبل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية و الذي صادق عليه ابو عمار، حيث قررت هذه الوثيقة على ضرورة اجراء التعديلات التشريعية اللازمة لذلك، و الاهتمام بالحقوق التي يجب على المرأة التمتع بها مثل الحقوق الاجتماعية و السياسية.

3-وثيقة حقوق المرأة الصادرة عام 2000 عن الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية مع مجموعة من المراكز و المؤسسات النسوية التي تضمنت مجموعة من المبادئ تحث على ضرورة تحقيق المساواة.

 

4-وثيقة حقوق المرأة الصادرة عام 2002 جاءت للتأكيد على الحقوق الرسمية للمرأة الفلسطينية، والتأكيد على الوثائق السابقة.

لكن الى حد ما بقيت هذه الوثائق حبرا على ورق، و لم يتم تحقيق اهدافها او نصوصها بشكل واضح و ملموس على ارض الواقع، و ربما يرجع ذاك الى البيئة الاجتماعية التي تعيش فيها النساء الفلسطينيات، و خصوصا في القرى من انغلاق اجتماعي و ثقافي، و انعدام الامن الاجتماعي بما تتضمنه هذه البيئة من افكار تقليدية ذكورية التي تقيد المرأة و تمسح مكانتها باعتبارها عورة يجب العمل على تسترها، و التي ما زالت مزروعة في عقول السكان سواء رجال او نساء انفسهم . الامر الذي يساهم في حرمانها من التعليم و تسرب الفتيات من المدارس، والزواج المبكر، وحرمانها من المشاركة المجتمعية على اساس انها ستصبح بالنهاية ربة منزل، ووسيلة للإنجاب، وليست بحاجة للتعليم و المشاركة. الامر الذي يعمل على طمس قدراتها وامكانياتها و تصبح في النهاية عالة على المجتمع.

للأسف هناك بعض القوانين في القانون الاساسي يساند بعض هذه الافكار البالية مثل سن الزواج للفتاة هو 16 عاما، وبالرغم من ان العمر صغير، حيث ان الفتاة ليست مكتملة فكريا وعقليا من اجل بناء اسرة واعية منتجة. و هذا كله يرجع الى اعتبار ان المرأة هي عورة، والشرف الذي يصان ويجب المحافظة عليه ولا يتم ذلك الا عن طريق الزواج و يحق للرجل العمل به ما يشاء، بصفته اب او اخ او زوج.

 

الى جانب ذلك لا يوجد قوانين حقيقية رادعة لقضية الضرب و استخدام العنف ضد المرأة و التحرش و الاغتصاب فلا توجد عقوبات صارمة تؤدي الى منع حدوث مثل هذه الجرائم بشكل نهائي , على عكس ذلك فهي في ازدياد ملحوظ , بالإضافة الى قوانين الطلاق و الزواج و الارث فهي الى حد ما مجحفة بحق المرأة. ولذلك من اجل بناء مجتمع متحضر يجب الاهتمام بوضع المرأة فيه فهي منشئة الاجيال و العقول .و ذلك يتم عن طريق التعليم و التثقيف الفكري للمرأة، واتاحة الفرص امامها، و تغيير الصورة النمطية التقليدية السائدة اتجاهها سواء لدى الرجل او المرأة نفسها.

والاهم من هذا وذاك ضمان حفر القوانين العادلة التي تمثل مبادئ واسس المساواة والحقوق المتساوية في الدستور الفلسطيني، حيث من المفترض انجازه الان خاصة مقومات بناء الدولة، وعلى المرأة الفلسطينية ومؤسساتها المدنية والمؤسسات والاحزاب الديمقراطية ان تساهم في عملية ضمان حقوق المرأة في العملية الدستورية.