kalemabaher251023

 

لقد عززت عملــية "طـوفان الأقــصى" التي وقعت على كيـان يهـود وقع الصاعقة عدداً من #المفاهيم الإيجابية التي لطالما عمل المخلصون على ترسيخها في الأمة، واستبعدت وبددت عدداً آخر من المفاهيم والأفكار التي لطالما حرص الغرب وأذنابه على غرسها لدى الأمة.

فقد بددت تلك العملــية البطولية التي تمكن خلالها نفر قليل بسـلاح خفيف من اختــراق صفوف العــدو الأمامية ودفاعاته المتقدمة ليجول المـجاهـدون بعدها لأكثر من 24 ساعة وسط مسـتوطنات ومعســكرات هذا العــدو مرهــبين جــيشه ومستوطنيه، ومشكلين حالة من الهلع والذعر في أوساط شعبه الذي طالما تفاخر بجــيشه وقوته. بددت تلك العمــلية أكذوبة قوة كـيان يهــود وقوة جيــشه، وأظهرت كيف أن بضع مئات من المجـاهـدين كانوا قادرين، وفق حسابات معينة ومستغلين فرصة دقيقة، على التوغل في عمق هذا الكيـان على نحو غير مسبوق وغير متوقع، وشاهد #العالم مظاهر فرار جــنود العـدو وتهاوي معــسكراته الحدودية على نحو فضح هشاشة هذا الكيــان وضعفه، حتى تساءل الكثيرون، إذا كان كل هذا فعله نفر قليل من المجــاهـدين فكيف لو كان جــيش من جيــوش المسلمين هو من تحرك لنصــرة فلســطين وغــزو كـيان يهود؟!

كما بددت تلك العملية قوة الردع والإرهــاب التي لطالما تغنى بها قادة يهود على أنها أهم إنجازاتهم على صعيد ترويض أهل فلـسطين والمجاهــدين في غــزة والضفة، وشكلت مع أخواتها من العمـليات الفردية التي ينفذها المجـاهــدون والشباب الصغار في الضفة الغربية منذ فترة ضد كيــان يهـود، شكلت برهاناً على أن كل جهود يـهود ومن معهم من العمــلاء والمرجفين والأولياء لم تؤت ثمارها في القدرة على إرهاب أهل فلسـطين وقـتل روح النضــال والجــهاد لديهم، فبددت تلك العملية ذلك السراب الذي طالما تعلق به قادة يهـود على أنه أهم إنجازاتهم على صعيد إحكام السيطرة والقبضة على أهل فلسـطين.

كما أثبتت تلك العمـلية أن كل أولياء يهود، ومن معهم من الغرب وعلى رأسه أمريكا وبريطانيا، لم يتمكنوا عبر عقود من الزمان ومليارات من الدولارات، من صناعة تلك القاعدة المتقدمة لهم في الشرق الأوسط على النحو الذي لا يقهر، بل رسخت تلك العمـلية أن كـيان يهـود لحظة المواجهة لن يسعفه شيء من ذلك على أرض المعـركة، بل عماد قوته هو ســلاحه الذي بيد جيــشه الذي يعجز عن المواجهة ويفر عند أول وقع من الضربات القوية المخلصة.

أما المفاهيم التي أثبتتها تلك العـملية وعززتها في الأمة، فهي كثيرة؛ وأولها أن الأمة الإسلامية أمة واحدة، نبضها واحد، وفكرها واحد، وحسها واحد، إذ فرحت الأمة كلها بما حققه المجـاهــدون في ضربتهم لكــيان يهـود، وخرجت الجماهير الغاضبة والمتـفجرة من الغضب إزاء عدوان يهـود على غــزة وأهل فلسـطين، في أقاصي الأرض وأقربها إلى فلســطين، في البلاد العربية وغير العربية، وحتى في بلاد الكــفر حيث الجاليات الإسلامية، كلهم خرجوا مطالبين بفتح الحـدود ونصــرة غــزة وأهل فلسـطين، وكثير منهم من خاطب الجيــوش وطالبها بالتحرك لنصــرة غــزة ورد العـدوان وتحرير فلسـطين والمــسجد الأقصى.

فأكدت ردود فعل الأمة على العـدوان الذي تلا عملية طــوفان الأقصـى على أن الأمة الإسلامية أمة حية نابضة، وهي أمة واحدة يجمعها شيء واحد، وأن الغرب لم يتمكن، رغم كل ما بذله من جهود لتمزيق وتفريق الأمة، من تمزيق وحدتها العقدية والفكرية والمشاعرية.

كما رسخت تلك العمــلية والعــدوان الذي تلاها قناعة الأمة بأن مصيبتها الكبرى هي في الحكام الذين رسموا الحدود وخذلوا الأمة وأعانوا المستعمر، حتى خرجت الجماهير تلـعن الحكام وتحملهم مسؤولية ما يصيب أهلنا في غزة، كيف لا وقد شاهدت الأمة بعينها مدى عمـلة وخــسة الحكام الذين تداعوا إلى قمة سخيفة في القاهرة يرددون فيها عبارات السلام والتفريط والخـيانة، بينما لم يحركوا ساكنا ولا جنـديا ولا طائرة لنصـرة غـزة وأهلها المنكوبين، وحتى أقرب المقربين وأولى الناس بالفزعة والنـصرة، الأردن و مصر، انشغل حكامهما بإحكام القبضة على الحـدود ومنع الناس أو المظاهرات أو المساعدات من الوصول إلى أهل غزة، بل اقترح المــجرم السيسي بديلا للتهــجير أمام يهـود، بأن يهــجروا أهل غــزة إلى صحراء النقب بدلا من سيناء!! فقد عمقت تلك الأحداث الهوة والشرخ بين الأمة والحكام، وبرهنت على أن أولى المصائب وكبرى العقبات التي تقف بين الأمة وتحقيق ما تريد إنما هم الحكام والأنظمة، وباتت تلك حقيقة لا مجرد فرضية أو أطروحة.

وكذلك من أهم ما برهنت عليه العملية والأحداث هو أنّه ما من سبيل لحل قضية فلسطين ونصرة أهلها وتحرير أقصاها، إلا بتحرك جيوش الأمة وجحافلها، وهذا ما نطقت به الأحداث والجماهير الغاضبة التي خرجت إلى الميادين والحدود، فطالبت الجيوش بحمل السلاح والتوجه صوب فلسطين المسجد الأقصى وغزة هاشم، فقد علت الأصوات وصدحت الحناجر على نحو غير مسبوق من عموم الناس وبعض العلماء والجنود والضباط السابقين، علت أصواتهم مطالبة بتحرك الجيوش وحمل السلاح لنصرة غزة وفلسطين وتحرير المسجد الأقصى.

وباتت فكرة ضرورة تحــرك الجــيوش ووجوب ذلك حاضرة وسط كل المطالبين، وتقفز إلى الأذهان والحناجر بشكل بارز واضح أرّق الحكام والأذناب فعملوا على التعمية عليها والتغطية على المنادين بها، حتى وصل الحال بمنابر إعلامية مأجورة مشهورة أن تقصقص تلك الكلمات وتحذف تلك المطالب من الفيديوهات والمواقع و الأخبار، بكل وقــاحة وخيــانة، حتى لا تجد تلك الفكرة طريقها إلى المخلصين في الجيــوش والأمة فتنقلب الطاولة على رأس أمريكا وبريطانيا ويهــود، وتكون ساعة المواجهة الحقيقية.

نعم، لقد أثبتت الأحداث التي ما زالت مستمرة أن السبيل لنصــرة غــزة وأهلها وفلســطين كلها لا بد أن يمر من خلال الجــيوش وتحركها، فالجــيوش هي المطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى بالتحرك لقتــال يهــود وسحــقهم والثأر لأطفال ونساء وشيوخ غزة، وفي طريقهم إلى ذلك لا بد لهم من خــلع الحكام من عروشهم وقصورهم، فهم أعداء الأمة وأدوات الغــرب المــجرم.

وهذه رسالة إلى المجــاهــدين في غــزة وإلى أهل غــزة الأبطال بأن يوجهوا صرخاتهم ونداءاتهم إلى جــيوش الأمة وجنــدها ليتحركوا لنصــرتهم ونصرة فلســطين وتحـرير المســجد الأقـصى، فهم السبيل لإنهاء نفوذ لاستعمار من بلادنا وخــلع كــيان يهود من جذوره، وعليهم أن لا ينادوا الحكام المـجرمين العمــلاء وأن لا يركنوا إلى أحد منهم، فكلهم في العمــالة والخــيانة سواء وإن اختلفت أشكالهم وأساليبهم، وأن لا ينادوا بوساطات دولية خبيثة، أو مجرد مظاهرات شعبية، حتى لا تذهب الجهود سدى أو تفرغ الشعوب غضبها فيما لا يسمن ولا يغني من جوع، بل أن تنصب الجهود وتتكاتف الأيادي نحو دفع الجـيوش دفعا للقيام بواجبهم والفزعة لإخوانهم، فهذه غاية بات حصولها أقرب من أي وقت مضى.

 بقلم: المهندس باهر صالح

عضو المكــتب الإعلامي لحزب التحــرير في الأرض المبــاركة (فلســطين)

25/10/2023