هذه قصة الشاب إبراهيم، أحد شباب حزب التحرير الذي أرى الله من نفسه ما يحب، وجهر بالحق في وجه الظلمة دون أن يأبه بالعواقب، خشي الله وأحسن الظن به فكان الله عند حسن ظنه.
وعلى الرغم من قصر القصة إلا أنّها تستأهل أن تسطر بماء الذهب. نترككم لقراءة تفاصيلها.
 
المكتوب واضحٌ من عنوانه
يتفق الجميع على ضرورة الانطباع الأول الذي يتركه المرء في أول لقاء له أو مواجهة أو اجتماع أو غير ذلك، فالانطباع الأول يبقى حاضراً في الذهن لدى الطرف الأخر في الجولات التالية.
 
والبداية عادة ما تكون عنواناً للتالي، ولذلك قيل بأن المكتوب واضح من عنوانه، وهذا أخونا إبراهيم الذي أوجد الانطباع الأول عنه، على نحو يليق به، وحافظ على تلك الصورة حتى أخر المشوار.
 
فما أن وصل إبراهيم إلى مقر المخابرات العامة حتى أخذ المسئول هويته فكتب على لوح أبيض اسمه ورقم هويته ومكان سكنه وذلك تحضيرا ليصور إبراهيم بجانبها، ولكنه تفاجأ أنّ إبراهيم رفض التقدم لالتقاط صورة له، وخاطبه قائلا: لست مجرما لأقف هذه الوقفة!!
 
أجابه المسئول بأنّه يجب أن يتصور لأنّ قانون الجهاز يلزمهم بذلك، فما كان من إبراهيم إلا أن قال له: قانون الجهاز لا يعنيني ولن أتصور.
 
عندها خرج المسئول من الغرفة، وكان هناك اثنان محتجزان في الغرفة فطفقا يقولان لإبراهيم: تصور الصورة ولا تعمل لنفسك مشكلة ولا تعقد الأمر.
 
أما جواب إبراهيم فكان أحد من السيف: أنا لست أرنباً لأجيب طلبهم وأنا لا أقيم للظالمين وزناً.
 
التحايل والترغيب
لما لاحظ جهاز المخابرات صلابة وعزة إبراهيم، توقع أنّه من النوع الصعب الذي من الأفضل معه التحايل والترغيب بدلاً من المواجهة والترهيب، فبعثوا له بأحد موظفيهم ممن يعرفون إبراهيم على اعتبار أنه "واسطة خير".
فأخذ يحاول إقناع إبراهيم بالترجي والتسول قائلاً له:
من أجل الله ومحمد(صلى الله عليه وسلم) دعهم يأخذون لك الصورة حتى نخلص وتروح.!!
برحمة والدك دعهم يأخذون لك الصورة ليطلقوا سراحك.!!
فجاء رد إبراهيم ليزرع اليأس في قلوبهم منه:
أنا جئت إلى هنا ولا أريد الخروج من السجن.
يئس المحقق فخرج من عنده ليأتيه محقق أخر بعد فترة وأخذ يكمل مسيرة التحايل مع شيء من التنازل.
المحقق: نحن جيرانك وأصحاب والدك ونريد منك صورة، فاذهب وتصور الصورة في أي محل تشاء لتنتهي القصة حتى لا تغيب عن أهلك وزوجتك وأولادك.
أما إبراهيم فكما بدأ المشوار يريد أن يكمله.
فقال: أنا اتخذت قراراً لا أتراجع عنه.
 
المحاججة والثبات على الحق
عند ذلك أخذوا إبراهيم إلى المدير والذي كان عنده مسئول المساجد في دائرة المخابرات.
المدير: نريد منك أن تجيبنا على ثلاث قضايا في الخطبة التي خطبتها.
القضية الأولى، ماذا تقصد بقولك (إنّ رهن قضايا المسلمين بيد الكافر صار عملاً وطنياً)؟
ظن المدير أن إبراهيم قد يحابي أو يوارب أو يجبن ولكن إبراهيم جاء على غير ما توقعه.
إبراهيم: قضية فلسطين صارت رهناً بيد أمريكا والغرب واليهود حتى أنّ رئيسك محمود عباس لا يستطع الخروج من منزله إلا بتنسيق أمني وإذن من اليهود كما صرح هو.
المدير: القضية الثانية، ماذا تقصد بقولك (نقل أخبار المساجد /التجسس على المسلمين صار عملاً وطنياً)؟
إبراهيم: إنّ أكبر دليل على تجسسكم على المسلمين وجودي معكم الآن.
المدير: ماذا تقصد بقولك (صار من يصلي الفجر في المسجد في بلاد المسلمين إرهابياً)؟
إبراهيم: هذه بلاد المسلمين شاهدة على ذلك.
حينها جن جنون المدير من إجابات إبراهيم التي لم تحفظ للمدير ماء وجه، فتلفظ بلفظة نابية على الأمة وقال: هل من يصلي الفجر في بلدنا يعتبر إرهابياً؟
أعطني مثلاً أننا اعتقلنا شخصاً بسبب صلاة الفجر في المسجد؟.
 
الحمار هو من لا يستثار
لما سمع إبراهيم تطاول المدير على الأمة الإسلامية وتلفظه بلفظة نابية بحقها، انفعل وقال للمدير: تدعي أنّك مدير وتتلفظ بهذه الألفاظ النابية!! فأنت لا تصلح أن تكون مديراً.
وأنتم تحسبون كل صيحة عليكم،
قاتلكم الله أنا تؤفكون،
حينها غضب المدير وعبس وقال: إما أن تتصور أو أن تذهب وتأتي بالصور.
إبراهيم: لا هذه ولا تلك.
المدير: أنت موقوف على ذمتي الآن.
وأمر الحارس بأخذه إلى غرفة الحجز.
وبعد ساعات دخل عليه محقق ليقول له: هؤلاء رؤوسهم قاسية ويجيزون الصور العارية.
عندها انفعل إبراهيم وصرخ في وجهه قائلا: أنت شخص وقح... إن كنت أنت وأولادك معتادون على هذه الأفلام الوقحة فهل تظن أنّ حزب التحرير مثلك!!
عندما تتحدث مع شباب حزب التحرير فيجب أن تتكلم مثل البشر وتضع يدك فوق رأسك وتتأدب في كلامك.
على إثر الصراخ والصوت العالي دخل عدد من المحققين إلى الغرفة وبدؤوا بتهدئته قائلين نحن نحترمكم ونقدركم.
 
وبلغت الأزمة ذروتها
رجع المحقق الأول ليقول لإبراهيم: نريد كتابة الإفادة يا شيخ.
إبراهيم: اكتب ما تشاء.
فكتب المعلومات الشخصية الموجودة في الهوية وموضوع الخطبة وموقف إبراهيم من السلطة والذي كان بكل صراحة وجرأة : (خائنة لله ولرسوله وللمؤمنين وباعت أرض فلسطين وصارت خادماً للكافر ولحرب الإسلام والمسلمين).
وكذلك موقف إبراهيم مما جرى في المساجد من أنها أصبحت بوقاً للسلطة.
فاستفز ذلك المحقق ليقول لإبراهيم: نحن نحافظ على الأمن.
فكاشفه إبراهيم بالحقيقة ليقول له: أنتم تضحكون على أنفسكم، فأنتم لا تملكون شيئاً ولستم إلا محافظين على أمن يهود.
المحقق:هذا كلام غير صحيح.
إبراهيم: من أصدق أنت أم الله؟
المحقق: الله.
 إبراهيم: الله تعالى يقول (إنّ الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ..........) وأنتم كسلطة، أمريكا توظفكم وتدربكم وتنفق عليكم ليس لخدمة الإسلام بل لحرب الإسلام والمسلمين.
 
الرهان الخاسر
دخل محقق آخر على إبراهيم ليقول له: هذه أول مرة وآخر مرة ... نريد أن نخرجك... ولكن ممنوع سب السلطة لأنّ هذه فتنة ولا نريدها.
فرد عليه إبراهيم بما لم يكن يتوقعه خاصة وأنّه جاء ليبشره بالإفراج فقال له:
أليس سب الذات الإلهية في الشارع والنساء الكاسيات العاريات والتفاوض على أرض فلسطين ورهن قضايا المسلمين بيد الكافر، أليس كل ذلك فتنة؟
فبهت المحقق وقال: نريد أن نخرجك من هنا وقد راهنت على إني سأخرج معك بنتيجة ولكنني خسرت الرهان لأن رأسك يابس...
إبراهيم: هل ترى الحائط؟ رأسي مثله لا تكسره إلا بالشرع.
بعدها خرج المحقق من عنده وعاد بعد قليل وأحضر أمانات إبراهيم وطلب منه التوقيع على استلامها.
وحتى هذه رفض إبراهيم التوقيع عليها، ولكن الله هو المنجي والحافظ، فكان نصيب إبراهيم الإفراج دون أن يمسسه ضرر.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل (...واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).
 
11-1-2011