مواقف عزة وتضحيات
أبو حذيفة: لا نعترف بسلطتكم حتى نوقع على تعهداتكم!!
 
هذه قصة الشاب أبي حذيفة الذي لم يمض سوى ثلاثة أيام في سجن السلطة الفلسطينية، ولكنها كانت أياما مليئة بالعزة والثبات الذي اعتاد عليه شباب حزب التحرير في مواجهة الحكام الظلمة، دون أن يحسبوا حسابا إلا لله الواحد الأحد.
نترككم مع القصة لتعيشوا أحداثها وتروا بأنفسكم عزة شباب الحزب.
 
 
السلطة تخشى أن ترى نشاطات الحزب النور!!!
كانت مهمة أخينا أبي حذيفة أن يقوم بتصوير أحد المسيرات التي نظمها الحزب في مختلف مدن وقرى الضفة الغربية وذلك ردا على منع السلطة لمؤتمر الخلافة الذي كان ينوي الحزب عقده في رام الله وذلك في تموز 2010. فبينما كان أبو حذيفة يصور النشاط في بلدته في محافظة بيت لحم، شاهده اثنان من جواسيس السلطة، وما أن انتهي أبو حذيفة من تصوير النشاط تحرك مبتعدا عن جواسيس السلطة الذين لاحظ تعقبهم له حتى وصل سيارته، وبمجرد أن ركب سيارته هو وأخوه وأراد التحرك فإذا بسيارة لمخابرات السلطة تركن أمامهم وتمنعهم من الحركة.
يترجل أحد رجال المخابرات مسرعا ويقترب منهما ويقول لأبي حذيفة: أعطني الكاميرا!!
أبو حذيفة وبعد أن كان قد استبدل بذاكرة الكاميرا التي تحوي التصوير ذاكرة أخرى فارغة قبل وصول رجل المخابرات، أعطاه الكاميرا وهي لا تحوي تصويرا !!
رجل المخابرات: هل الذاكرة موجودة بداخلها؟
أبو حذيفة: نعم، ولكن ماذا تريد؟ وماذا حصل؟
رجل المخابرات: تصور نشاط حزب التحرير وتسأل ماذا حصل!!
حينها حصلت ملاسنة بين أبي حذيفة ورجل المخابرات أنكر فيها أبو حذيفة عليهم جرأتهم على الباطل ووقاحتهم.
وانتهى الأمر باعتقال أبي حذيفة وأخيه، واصطحبوهما إلى مقر المخابرات، وتهمتهم تصوير نشاط سلمي لحزب التحرير، ليبدأ معهما مشوار التحدي والثبات.
 
 
المحققون يحاولون إيجاد ضالتهم
لما لم يجدوا في الكاميرا شيئا مصوراً، جن جنونهم، فعادوا إلى سيارة أبي حذيفة وبدؤوا بتفتيشها تفتيشا دقيقا حتى وجدوا الذاكرة التي تحوي التصوير.
في هذه الأثناء كان عند أبي حذيفة وأخيه عرسا لإبنتهم يريدون زفافها إلى بيت زوجها، وهو ما استدعى تدخلا من الأقارب والأصهار من أجل التوسط لإخراجهما من الاحتجاز لحضور الزفاف.
وهو ما رفضه أبو حذيفة قائلا لهم: إما أن أخرج بلا عودة وإما أن لا أخرج.
ولكن تدخل أحد الأقارب والضغط الشديد عليه دفعه إلى الموافقة على الخروج والعودة بعد انتهاء الزفاف.
فخرج أبو حذيفة وأخوه ليزفا ابنتهما إلى بيت زوجها، وبعد انتهاء الزفاف أعاد الأقارب أبا حذيفة إلى الاحتجاز.
 
 
التحقيق
قضى أبو حذيفة ليلته محتجزا لديهم، وفي اليوم التالي أُخذ إلى المدير فكان مما دار بينهما.
المحقق: لماذا تصور؟
أبو حذيفة: التصوير هوايتي، وما الممنوع في التصوير؟ هل أصور ثكنة عسكرية؟ لقد كان هناك أجانب أيضا يصورون.
المحقق: هذا الحدث غير قانوني ومتزامن مع أحداث أخرى في كل الضفة.
أبو حذيفة: لقد كان مدير مركز شرطة المدينة موجودا وسمع الكلمة كلها، فلو كان العمل غير قانوني لما وقف مستمعا.
المحقق: مدير الشرطة لا يفهم في الأمور الأمنية ولا دخل له بها.
ثم سأله، هل أنت من حزب التحرير؟
أبو حذيفة: نعم.
المحقق: كيف تتصلون مع بعضكم أو كيف تعرفون بعضكم بعضا؟
أبو حذيفة: من مجرد الحديث مع الشخص تعرف أنه من حزب التحرير.
المحقق: إذا كيف تتصلون بأهل الشمال؟
أبو حذيفة: لا أعرف.
المحقق: هل تعرف أحدا من بديا أو سلفيت؟
أبو حذيفة: لا.
المحقق: هناك شيخ في بلدة كذا وكذا يظل يسب ويتلفظ بألفاظ بذيئة على المنبر هل تعرفه؟
أبو حذيفة: الخطأ مردود على صاحبه ولكني لا أظن أنّ شباب الحزب كذلك.
المحقق: لماذا تصطدمون بالسلطة؟
أبو حذيفة: أنتم الذين تصطدمون بنا، فبعد مسيرات أنابوليس تغير حالكم، فصرتم تقمعون أي عمل للحزب على الرغم من أننا لا نتطلع إلى السلطة المقطعة الأوصال.
المحقق: كيف تريدون إقامة دولة وأنتم لا تفعلون شيئا، فلا يوجد لكم عمل عسكري؟
أبو حذيفة: هكذا هي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم شرح له عن ذلك بإيجاز وأعطاه أدلة من القرآن والسنة على أنّ الخلافة قادمة لا محالة وعاصمتها بيت المقدس، وبين له أنّ كل مسلم سيكون جنديا معنا والدولة القادمة ليست بحزبية ولا طائفية ولا فئوية، ولكنها دولة إسلامية لكل المسلمين بدون تفريق.
المحقق: وماذا عن النصارى؟
أبو حذيفة: هم أهل ذمتنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا من الإنصاف والانتصاف، والماضي خير دليل على العدل والطمأنينة التي عاشوا فيها بيننا.
المحقق: كيف يتحزب الواحد عندكم؟
فقام أبو حذيفة بكتابة عنوان الموقع الإعلامي الرئيسي للحزب للمحقق ليتعرف على الحزب أكثر.
ثم قال المحقق: يا أبا حذيفة أنا لا أريد منك شيئا، غدا ستُحول للنيابة العسكرية وإذا لم توقع مثل بركات (أحد شباب الحزب سبق واعتقل لديهم ورفض التوقيع) ستسجن.
أبو حذيفة: وعلى ماذا أوقع؟
المحقق: على أقوالك فقط.
أبو حذيفة: هل الشخص المدني في قانونكم يجب أن يُعرض على نيابة عسكرية؟ لماذا لا أعرض على المحكمة المدنية؟
المحقق: أنت أمن دولة.!!!!!
وبذلك انتهى التحقيق الأول.
 
النيابة العسكرية: وقع على ظهر الورقة وروح
في صباح اليوم التالي جاء السجان وأخذ أبا حذيفة إلى النيابة العسكرية، وهناك دار الحوار التالي:
المدعي العام العسكري: لماذا صورت المسيرة، ألا تعرف أنّ التصوير ممنوع؟
أبو حذيفة: صورت أناسا يقولون لا إله إلا الله ويحملون راية الإسلام هل في ذلك جرم؟
المدعي العام العسكري: لا ولكن هذا الحدث ممنوع.
أبو حذيفة: كان هناك سائحون أجانب يصورون أيضا لماذا لم تعتقلوهم؟
المدعي العام العسكري: هم أجانب بينما أنت يمكن أن تصور "للإسرائيليين".
حينها استلزم الأمر من أبي حذيفة غضبة لله بعد أن رأى تطاول المدعي العام على شباب الحزب الأتقياء فقال.
إنّ شباب حزب التحرير الأتقياء الأنقياء الذين نذروا أنفسهم لله تعالى لا يتعاونون مع اليهود وأنت تعلم ذلك جيدا، ولماذا لا يكون هؤلاء الأجانب مخابرات يهودية أو أمريكية.
حينها أجابه المدعي العام العسكري جواب الذليل الذي ينبع من الصغار الذي اعتاد عليه قائلا: لا دخل لي بهم.
وغير الموضوع فقال: لماذا تخالفون قوانين السلطة وتنظمون مسيرات بدون إذن؟
أبو حذيفة: أولاً، الإذن من الله، وثانياً فإنه في قانونكم الذي تحتجون به فقد كان يوجد هناك علم وخبر عند محافظة رام الله والبيرة بالنسبة لمكان وموعد عقد مؤتمر الخلافة في رام الله ولكنكم دستم على قانونكم فمنعتم المؤتمر.
فلم يجد المدعي العام العسكري ما يرد به على أبي حذيفة في الموضوع، فغير الموضوع مرة ثانية وقال: وقع يا بني على هذا التعهد وروح لبيتك.
أبو حذيفة: أنا لا أوقع على تعهد، أنا لست مذنبا حتى أوقع على تعهد.
المدعي العام العسكري: أكتب الصيغة التي تريحك ووقع عليها.
أبو حذيفة: لا.
ثم قلب المدعي العام العسكري الورقة وقال: وقع هنا.
أبو حذيفة: لن أمسك قلما عندكم، إنّ شباب حزب التحرير لا يعترفون بسلطتكم فكيف سيوقعون على تعهداتكم، ولو أنكم سجنتموني سنين لن أوقع.
وهو ما دفع الضابط إلى القول: والله إنّ كلام أبي حذيفة صحيح.
ثم بعد ساعتين من محاولة إقناع أبي حذيفة بالتوقيع، جاء المدعي العام العسكري إلى جانبه وقال له: اشحط شحطتين على ظهر الورقة وروح.
أما أبو حذيفة فقال: لن أمسك قلما عندكم.
ثم جاء بورقة صغيرة وقال وقع عليها.
فرفض أبو حذيفة.
ثم قال اشحط عليها.
أبو حذيفة: أبدا.
ثم بعد ساعات قال له: لا تغلبني أنا بدي أروح وصارت الساعة 1:30 بدك توقع ولا تحبس؟
أبو حذيفة: أحبس.
فقال المدعي العام العسكري: يُمدد 45 يوما.
أخذوه إلى غرفة فيها سجناء وقالوا له فكر لعلك تغير رأيك.
وفي السجن حاول السجناء إقناع أبي حذيفة بالتوقيع ولكن دون جدوى.
 
حوار ساخن تفوح منه رائحة العزة
في اليوم التالي صباحا نادى الحارس على أبي حذيفة وقال له: جهز نفسك بدك تطلع لمكتب المدعي العام.
فصعد أبو حذيفة وإذا به في مكتب المدير.
المدير: شو ما بدك توقع؟
أبو حذيفة: لا.
حينها خرج المدير من المكتب فورا، وجلس معه ثلاثة محققين جدد وصار كل واحد من جهته يتحدث، وكان أحدهم "متعنترا" ويعلي في صوته ويقول أنتم شاطرون في الكلام، ماذا عملتم للقضية؟ لم تطلقوا رصاصة واحدة. وأنتم وأنتم ... 
فتبسم أبو حذيفة وقال له: في أي سنة تأسست منظمتكم (منظمة التحرير)؟
المحقق: لا أعرف.
أبو حذيفة: من سمعك تتحدث قبل قليل يقول أنكم حررتم البلاد وما في يهود بفلسطين، أنا أقول لك متى تأسست منظمتك، تأسست سنة 1964 لتحرير فلسطين المحتلة عام 1948، والآن منظمتكم تفاوض على وقف بناء مستوطنات في أرض 67، وليس لكم أي سيطرة أمنية، لا على أرض ولا جو ولا بحر.
وأضاف: أنت يا من تكبر كلامك، هل تستطيع أن تخرج في بدلتك العسكرية إلى بلدة "أبو ديس"؟ ولو دخل جيب يهودي إلى مناطق سيطرتكم هل تستطيعون منعه؟ شو يا محترم أرى أن لا إجابة.!!!
فصار وجه المحقق يروح بلون ويرجع بلون!!
فخرج أحد المحققين وذهب إلى المدير وقال له: أبو حذيفة لن يوقع؟
فتدخل المحقق الثاني قائلا: ماذا تعمل؟ موظف أم ماذا؟
أدرك أبو حذيفة مقصد المحقق من السؤال فقال له: حتى لو كنت موظفا في مدرسة أو طبيبا سوف تقول لي راتبك من السلطة، اسمع يا أخي يوجد فرق بين من يأخذ راتبه ليخدم الناس وهو مدني وبين من يأخذ راتبه ليقمع الناس ويرهبهم ويصالح يهود وهو عسكري، ومن ثم من أين الرواتب؟ هل هي منكم، لا بل من الدول المانحة ومن الضرائب التي يدفعها الناس، وقبل أن تأتوا والرواتب كانت تدفع للموظفين لأنها وظيفة مدنية لا علاقة لها لا بيهود ولا بسلطة.
فسكت المحقق ولم يجد ما يجيب به عليه.
وبذلك انتهى التحقيق مع أبي حذيفة على ذلك.
 
وفي اليوم التالي أُطلق سراحه بفضل من الله دون أن يمسسه ضر. والحمد لله رب العالمين.
 
7/4/2011