بسم الله الرحمن الرحيم

 أمريكا وأوروبا يغمسون أيديهم في دماء السودان وأهله على مسمع الحكام

من المكونَيْن العسكري والمدني، بل وبعونهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون

استيقظ أهل السودان اليوم 25/10/2021م على تحركات مشتعلة من الجيش قامت باعتقالات لبعض الوزراء بالإضافة إلى عدد من المشاركين في الحكم الانتقالي المدني ثم باعتقال رئيس الوزراء حمدوك نفسه... وبعد ذلك ألقى البرهان كلمة متلفزة أعلن فيها حالة الطوارئ وحل مجلس السيادة ومجلس الوزراء وإعفاء مديري الولايات ثم وكلاء الوزارات وطلب من المديرين العامين إدارة شئون الوزارات... وأعلن أنه لم يلغ الوثيقة الدستورية، ولكنه ألغى منها المواد الأساسية كما جاء في خطابه، وأنه يريد تصحيح مسار الثورة وليس إلغاء الثورة!

 

أيها المسلمون: لقد أصبحت بلاد المسلمين مسرحاً يتنافس عليه الكفار المستعمرون أيهم أشد فتكاً بالإسلام وأهله، ثم يجدون أدوات لهم من أبناء المسلمين يشدون على أيديهم تأييداً كأنهم لا يعقلون بل هم فعلاً لا يعقلون. إن أمريكا وعملاءها في قيادة الجيش: البرهان وأعوانه، وأوروبا خاصة بريطانيا في وزارة حمدوك وإخوانه، يتصارعون أيهم يفوز بالسيطرة والهيمنة على السودان وأهله لامتصاص خيراته والاستيلاء على موقعه وثرواته، لا نقول على غفلة من أهلها، بل على بصيرة ممن يتحكمون في رقابها، سواء أكان برهاناً أم حمدوكاً، دون أن يستحيوا من الله ولا من رسوله ولا من عباده، وإنما يسارعون إلى ما يمهد لهما طريق الخزي في الحياة الدنيا والآخرة، وذلك هو الخزي العظيم.

 

إن الطرفين يحفرون حُفراً يوقع فيها بعضهم بعضاً! لقد اتفق الطرفان على الوثيقة الدستورية في 21/8/2019 مدة 39 شهراً ليحكم منها برهان وأعوانه 21 شهراً ثم يتلوه حمدوك ومن معه 18 شهراً تالية ومن ثم يبدأ المدنيون في شهر أيار/مايو 2021م، ولكنها عُدّلت بعد اتفاق جوبا في 3/10/2020 لتصبح نحو 53 شهراً اعتباراً من الوثيقة الدستورية، فيبدأ المدنيون الحكم في تشرين ثان 2021م، وكان معروفاً أن العسكر لن يسمحوا بذلك ومن ثم يقومون بتعطيله، ولن يمكنوا المدنيين من الحكم في تشرين ثان من هذا العام، ولم يكن هذا الأمر مجهولاً على كل واع مدرك للأمور على وجهها، وقد سبق أن أصدرنا جواباً في 23/9/2019م حول اتفاق الوثيقة الدستورية قلنا فيه:

 

[- إن الحكم في السودان وفق الوثيقة الدستورية يكاد يكون مُشكَّلاً من فريقين بصلاحيات متفاوتة وبولاءات خارجية متصارعة وسينعكس هذا الأمر على عملهما في حل مشاكل الناس وسلامة عيشهم، وسيكون هَمّ كل منهما خدمة الاتجاه الذي يواليه، ومن ثم يتربص أحدهما بالآخر ليُقصيه بوسائل داخلية وخارجية... والمعروف عن إنشاء مثل هذه المجالس في السودان أنها لم تكن تُنشأ إلا مرتبطة بالفترات الانتقالية والأزمات... وذلك إلى أن يتمكن الجيش من ترتيب أوراق الدولة وحل المجلس وفرض رئيس للبلاد من ضباط الجيش]، ثم أضفنا: [- أما المتوقع فإن أمريكا وبريطانيا لن تتعايشا معاً بهدوء، فمصالحهما مختلفة وأدواتهما المحلية تبع لهما، ولذلك فسيعمل كل من الطرفين لإجهاض تحركات الآخر! ومن متابعة الأحداث الجارية وتدبُّر متعلقاتها وتمحيص التصريحات خارجياً ومحلياً، وخاصة المسئولين الأمريكان والأوروبيين... فإنه يمكن ترجيح الوسائل التي سيستعملها كل من الطرفين لمضايقة خصمه والتمكن منه ثم إقصائه عن الحكم...]، وهذا ما كان، فافتعل العسكر أموراً مهدت إلى ما أعلنه البرهان هذا اليوم من حالة الطوارئ في البلاد ومزيد من البؤس والشقاء والعناء لأهل السودان خدمة لأسياده من الكفار المستعمرين!

 

أيها المسلمون: ليس غريباً أن يتنافس أعداء الإسلام على إضعاف البلاد والعباد، ولكن الغريب المحزن أن يتم ذلك بأيدي عملاء لهم محسوبين على الإسلام والمسلمين، ويسكت المسلمون عليهم وهم يرون ويسمعون! ثم يشكون من شظف العيش وضيق المأكل والمشرب، كأنهم لم يعلموا قوله سبحانه: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾.

 

يا أهل القوة والمنعة: أليس منكم رجل رشيد؟! إنه لا عذر لمعتذر، أفترون أمريكا وبريطانيا تصولان وتجولان في بلادكم، وأدواتهما رجال يعيشون بينكم بل قادة يقودونكم إلى الذل والهوان، ومع ذلك تقدمون المعاذير لكي لا تقفوا في وجههم؟! إن هؤلاء الكفار المستعمرين ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾، ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾، وإنَّ من يوالونهم من الحكام في بلاد المسلمين لا يجوز أن يُركن إليهم وهم فسقة ظلمة ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾، فكيف لا تتحركون؟! كيف لا تأخذكم العزة بالقوة والنصرة فتزيلوا أولئك الطغاة أعداء الله ورسوله؟! كيف لا تأخذكم عزة الإسلام فتتذكروا الأنصار في يوم العقبة الثانية لنصرة دين الله وعباد الله وحملة دعوته؟!

 

إن حزب التحرير يدعوكم لنصرته لإقامة حكم الله وإزالة الطغاة الذين يتحكمون في البلاد والعباد لمصلحة الكفار المستعمرين، هلمّ يا أهل القوة والمنعة إلى نصرة الله ورسوله لإزالة حكم الطاغوت وإقامة حكم الله فتعزوا في الدارين وذلك هو الفوز العظيم. هلم يا أهل القوة والمنعة واذكروا سعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمن لموته تكريماً لإيمانه ولنصرته دين الله، أخرج البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ»...).

 

إن حزب التحرير يدعوكم لنصرته وأن لا تخشوا أعداء الله، وتذكروا قول القوي العزيز، وقوله الحق: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

 

أيها المسلمون، يا أهل القوة والمنعة: حزب التحرير يستنصركم فانصروه، ويعتز بكم فأعزوه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

التاريخ الهجري :18 من ربيع الاول 1443هـ

التاريخ الميلادي : الإثنين, 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021م                                                                  حزب التحرير