الدكتور ماهر الجعبري
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير فلسطين
 شهد التاريخ عن اليهود أنهم أهل صغار وذلة، فهل يتغيّر التاريخ اليوم ونحن نسمع أصواتا رجولية تصدر من قاعة الكنيست ؟ فاليوم يتجرأ قادة دولة يهود على تحدي مشاعر المسلمين بصلف عندما يعلنون بشكل استفزازي عن خطط لضرب المسلمين في إيران لمنعهم من امتلاك القوة النووية. وكانت دولة يهود قد تجرأت قبل أشهر على ضرب المسلمين في غزة تحت عين وبصر الأنظمة العربية المجاورة، وجابت حينها طائراتها سماء غزة جيئة وروحة وهي تقصف الأطفال والنساء مطمئنة بأن تلك الأنظمة تحرس من تحتها الأرض والسماء.
التاريخ اليوم ونحن نسمع أصواتا رجولية تصدر من قاعة الكنيست ؟ فاليوم يتجرأ قادة دولة يهود على تحدي مشاعر المسلمين بصلف عندما يعلنون بشكل استفزازي عن خطط لضرب المسلمين في إيران لمنعهم من امتلاك القوة النووية. وكانت دولة يهود قد تجرأت قبل أشهر على ضرب المسلمين في غزة تحت عين وبصر الأنظمة العربية المجاورة، وجابت حينها طائراتها سماء غزة جيئة وروحة وهي تقصف الأطفال والنساء مطمئنة بأن تلك الأنظمة تحرس من تحتها الأرض والسماء.
وفي ظل الصمت المطبق من الدول التي فقدت معاني العزة والإباء في العالم الإسلامي، لا يأبه قادة الاحتلال لأية ردة فعل من أولئك القادة، فهم مجربون: والمجرب لا يُجرب. وينطبق هذا الحال على دول تسمّى زورا دول الممانعة كما ينطبق على الدول المعتدلة.
 
 
 صحيح أن تلك التهديدات يحملها البعض على محمل الجد، فيما تُحمل في معترك المسرح السياسي الدولي على محل الطلب من صاحبها لا محل الفعل الجدي، وكأن لسان حاله يقول "امسكوني وإلا تهورت". وخصوصا وأن قادة الاحتلال في الحكومة الجديدة يُبدون الرفض الواضح في التقدم في مشروع حل الدولتين، ويدفعون الأعمال السياسية نحو "سلام اقتصادي" ونحو تحقيق الأمن، دون القبول بإعطاء الفتات لتلك القيادات الفلسطينية التي لا تعرف خيارا غير خيار الخنوع الكامل، وهي ترجو أن يتصدق عليها الاحتلال يوما بشيء من الأرض فيما يشبه الدويلة، مما يحفظ لها بقية من ماء الوجه أمام الناس. وبغض النظر عن الهدف السياسي لدولة يهود من وراء تلك التهديدات، وبغض النظر عن مستوى الضغط السياسي التي يتعرض له قادة تلك الدولة وعن واقع تجاذباتهم السياسية مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهي تصرح بما لم تصرح به سابقتها من ضرورة إيقاف الاستيطان، وأيضا وهي تدرك عظم الخدمات التي يحتاجها الأمريكيين من النظام الإيراني لتحقيق مصالحهم في المنطقة، وخصوصا والصورة الأخيرة للرئيس الإيراني "الممانع" وهو يمسك بيدي الكرازايين في أفغانستان وباكستان تحمل أكبر تعبير عن مدى التقارب الإيراني الأمريكي، وبغض النظر عن تلك التحليلات السياسية وموقع تلك التهديدات في سياقها، فإن مجرد وجود خطاب تحد صارخ من قادة الاحتلال اليهودي في مقابل لهجة الاستسلام والخنوع من قبل الأنظمة المتسلطة في بلاد المسلمين مدعاة للأمة أن تستفيق من خديعة وجود دول للممانعة، ومن خديعة إمكانية أن يتحرك هؤلاء الحكام لنصرة قضية فلسطين، فلا أمل ممن تعود الخنوع والركوع أمام الأعداء، ولا أمل ممن يرد على لغة الحرب بمبادرة السلام.   لقد علا صوت الرئيس السوري كأحد رموز "الدول الممانعة" في مؤتمر الدوحة قبل أشهر، يقول بأن المبادرة العربية لن تبقى مطروحة على الطاولة للأبد، أما اليوم فيعلو صوته نحو السلام، وكأن الأمة ألعوبة بأيدي هؤلاء الحكام! ولقد استمر النظام السوري "الممانع" يزمجر طيلة العقود الماضية دون أن يحرك ساكنا حتى عندما تحلّق طائرات العدو فوق قصور دمشق، بل وتضرب ما تدعي أنه مفاعلا نوويا سوريا. ليس ثمة شك أن الواجب في مثل هذه الحالة من التحدي معروف للعامة والخاصة، فهذا الفعل الاستفزازي له ردة فعل واحدة: وهي هبة عزة تلقن قادة الاحتلال درسا يعلمهم مبلغ أقدراهم. لا شك أن الواجب على حكام المسلمين، وخصوصا في إيران، أن تردّ على جرأة وصلف قادة الاحتلال بخطاب عزة يماثل خطاب الرشيد لنكفور: "من هارون الرشيد خليفة المسلمين إلى نكفور كلب الروم"، ومن ثم تحرك نحوها جيش يكون أوله في طهران وآخره في القدس. ولكن قادة يهود يوقنون أن معنى "الحاكم المخلص العزيز" مفقود من أدبيات هذه الأنظمة، وبالتالي فهم آمنون من أن يوجه لهم خطاب عزة مشابه لخطاب الرشيد، ولذلك فليس عجبا أن يتمادوا في غيهم وفي وتحديهم رغم مهانتهم ووهن دولتهم، وليس عجيبا أن تصمت الأنظمة المستبدة في بلاد المسلمين رغم وجود أسد الجهاد في هذه الأمة. بل وليس عجيبا أن تُكبِّل تلك الأنظمة تلك الأسود. ومن ثم فليس عجيبا عندها أن تستأسد النعاج. ولكن المتابع للتحولات التي تشهدها أمة تمتد من اندونيسيا إلى المغرب، يدرك أن زمان الصمت لن يطول، وأن بشائر دولة العزة تلوح في الأفق، وأن أبطال الجهاد تتأهب لاجتثاث هذا الكيان وقادته. ساعتها لن تحتاج الأمة إلى خطاب كخطاب الرشيد، لأن أفعالا كأفعال صلاح الدين ستسبق كل الأقوال.