الدفاع عن الأعراض واجب ووسام شرف على صدور الأحرار

بقم المهندس باهر صالح*

إنّ ما يدور حوله الحديث والحراك المجتمعي والعشائري والسياسي حول رفض اتفاقية سيداو وما قامت وتقوم به السلطة من تشريع قوانين وفتح للباب على مصراعيه لنشاطات الإفساد وبرامج نشر الفاحشة والرذيلة وتعبيد للطرق أمام المرتزقة من الجمعيات النسوية والأبواق والمضبوعين بالغرب، إنما في الحقيقة صراع حضاري بين حضارة الإسلام وثقافة الأمة وبين حضارة الغرب وثقافة الفجور لديها، فالصراع صراع هوية وثقافة ووجود، والغيورون الذين ينافحون عن أعراضهم وهويتهم وثقافتهم إنما هم أبطال يلبون واجبهم تجاه دينهم وأمتهم وأعراضهم، في مقابل الغرب المستعمر الذي جند جنوده من الأنظمة والحكام والمرتزقة لنشر ثقافته وعهره في بلاد المسلمين، ولمحاربة الفضيلة والعفة في بلادنا الإسلامية.

فدعاة حقوق المرأة وفق الفكر الديمقراطي والرأسمالي إنما هم دعاة تغريب وارتماء في أحضان الغرب المستعمر، وما من أحد منهم إلا ويهاجم الفكر الإسلامي ورؤية الشرع الحنيف للحياة إما ظاهرا أو باطنا، وهم من حيث يعلمون أو يعلمون إنما يحاربون دينهم الإسلام الذي استقر في قلوبهم بألسنتهم وأقلامهم وأفعالهم، ولو تدبروا ما يقومون به ولو قليلا لأدركوا كيف أن الغرب يستعملهم لإدامة استعمارنا وبقائنا تحت أقدام الغرب ويهود، وأنّ الغرب إنما يروج لنا أفكاره وحضارته لا لنكون له ندا بل لنبقى لهم تبعا وخداما.

فقبل الخوض في تفاصيل ما ينصف المرأة أو ما يظلمها، وقبل محاولة قراءة المشهد الدرامي السوداوي الذي تحاول أبواق المضبوعين وأدوات الغرب في بلادنا تصويره للمرأة في مجتمعات المسلمين، رغم أن الظلم الذي تتعرض له المرأة في بلاد المسلمين لا يبلغ عشر معشار مأساوية حال المرأة في الغرب حيث قبلة المضبوعين الفكرية، قبل الخوض في كل ذلك ينبغي أن نحسم أمرا جوهريا يشكل بوصلة للبحث، ألا وهو موقع الإسلام من دعاة حقوق المرأة، هل يرون أنه دين حق أم دين باطل؟ وهل يرضون بأحكام الله فصلا للخصام أم لا؟ وهل يعتبرون ما جاء به الإسلام للمرأة وللرجل هو العدل والخير أم لا؟ وهل يتهمون الإسلام أم المجتمع بظلم المرأة وما حل بها؟

لا شك أن الإجابة على الأسئلة أعلاه ستكون محرجة جدا لتلك الأقلام والأبواق، فإن هم أجابوا بأنهم يؤمنون بالإسلام دينا ويرون الحق والعدل والخير هو ما جاء به الإسلام، وأن الظلم الذي قد تتعرض له المرأة إنما هو بسبب الأنظمة وغياب تطبيق الإسلام، فحينها ينبغي عليهم أن ينادوا قبلنا بضرورة السعي لتطبيق الإسلام ومحاربة كل أفكار الاستعمار والكفر وعلى رأسها اتفاقية سيداو ومقررات المنظمات الأممية ذات العلاقة. وإن هم أجابوا بعكس ذلك فحينها يكونون قد فضحوا أنفسهم بأنهم مع من يحاربون الإسلام ويسعون لهدمه في نفوس المسلمين وبيوتهم ومجتمعاتهم، وبالتالي حينها لا داعي للنعرات الوطنية الكاذبة أو الشعارات الحقوقية والقانونية البالية، أو للعبارات المزخرفة المبهمة الخالية من الروح والمضمون.

فلن ينفعهم حينها الادعاء بأنهم أنما يريدون دولة المؤسسات أو دولة الحقوق أو استحقاق الدولة الورقية الموهومة، أو محاولة استدرار العواطف الكاذبة نحيبا على نساء هن بالأساس ضحايا الاستعمار وفكره وأنظمته في بلاد المسلمين.

فالمسألة في حقيقتها هي صراع هوية وثقافة وحضارة، بين ما يتمسك بدينه ويدعو إلى إعادته دستورا للحياة وبين من يرى في واشنطن وباريس ولندن قبلة له بدلا من الكعبة المشرفة، ويرى في الدساتير الغربية والاتفاقيات المشؤمة مرجعية له بدلا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا داعي للتستر خلف شعارات براقة أو استغلال عذابات المظلومين لتحقيق غايات خبيثة في بيع الأوطان والأعراض من أجل دراهم بخس معدودة.

إنّ توقيع السلطة اتفاقية سيداو هو حلقة في مسلسل التآمر على المرأة في فلسطين، لها ما قبلها ولها ما بعدها، فمن قبلها قامت السلطة بإطلاق العنان لمؤسسات نسوية وبرامج ونشاطات وإعلام يوطد لتشريع قوانين تبارز الله بالعداوة وتناقض الإسلام العظيم تحت حجج ومبررات واهية يكذبها الواقع ويدحضها كتاب الله المقدس، وما بعدها فإنهم يريدون محاربة الإسلام وأحكام النظام الاجتماعي صراحة دونما مواربة، فيريدون اباحة الزنا واللواط والشذوذ وجعل ذلك حرية، ويريدون مساواة المرأة في الميراث مع الرجل وإلغاء قوامة الرجل على المرأة والغاء الولي، والغاء عدة المرأة المطلقة وإباحة الاجهاض واختلاط الأنساب، وغير ذلك مما يغضب الله ويستدعي الرذيلة.

لذا فإن التصدي لسيداو ولمخططات السلطة ومَن وراءها من دول الاستعمار إنما هو واجب ودفاع عن الأعراض، وهو وسام شرف وفخر لكل حر غيور على دينه وعرضه، أما ممالأة السلطة وأبواقها ومسايرة دعاة الحضارة الغربية وثقافة الفحش والرذيلة فهو جريمة وعار وإن تستروا خلف شعارات مهتوكة مفضوحة يدرك كذبها القاصي والداني.

وليعلم فاقدو الهوية أو مبدلوها بأن هوية الأمة وأهل فلسطين ما زالت هي الإسلام وما زال أهل فلسطين يقدسون الفضيلة والعفة والطهارة ويمقتون الرذيلة والفاحشة ودعاتها وأدواتها وكل من أعان عليها، وأن مصيرهم الخسران وإن زين لهم الشيطان أعمالهم : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ).

 

•        عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين

23/12/2019