الأستاذ إبراهيم الشريف

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين

بينما كان أوباما يلقي علينا كلماته المعسولة المسمومة، كان جيشه يلقي حممه وقذائفه على المسلمين في أفغانستان وفي باكستان وفي العراق، وقد ذكرني هذا الموقف بقصيدة أحمد شوقي الذي بدأها بـ:

برز الثعلب يومًا في ثياب الواعظينَ فمشى في الأرض يهدي ويسب الماكرينَ

وأنهاها بقوله: مخطئ من ظن يومًا أن للثعلب دينًا.
 

 

لقد أدركت الولايات المتحدة بعمق مدى الفشل الذي سربلها إلى أسفلها في كل من أفغانستان والعراق، وأدركت كذلك خطورة ردة فعل المسلمين على مجاهرتها بعداوتها إياهم وأن لو استمرت على سياستها هذه قدمًا لأنتجت سقوط أنظمة الطغيان والفساد التي تحمي مصالحها وتسهر على تنفيذ خططها، ولقام على أنقاضها نظام واحد يجمع شملهم ويوحد طاقاتهم ويطوي عصرًا رأسماليًا متوحشًا قام على النهب والقتل تحت شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان..

 

 

فكان لابد من العودة لسياسة قفاز الحرير أو الذئب في جلد الضأن، وعلى الفور بمجرد فوز أوباما بدأت الأنظمة بالتهليل والتسبيح بحمد أوباما المنتظر الذي استهل فترته بقتل عشرات المسلمين الآمنين بالطائرات بدون طيار، وضاعف أعداد جنوده في أفغانستان استعدادًا لقتل المزيد من المسلمين، واستمر جيشه على جرائمه في العراق، ودفع حكام باكستان لمحاربة المطالبين بتطبيق الشريعة وتهجير مئات الألوف عقوبة لهم على تأييدهم لتطبيق الإسلام، ثم يموت النظام المصري غيظًا لأن أوباما هذا ألقى خطابًا مسمومًا موجهًا للمسلمين من تركيا قبل حوالي شهر، فيقرر أوباما مكافأته على الخدمات التي قدمها في حرب غزة بأن يشرفه ويشرف الأزهر ببث سمومه من مصر!

لن أدخل في تفنيد مفصل لخطاب رأس الكفر فلا يتسع المقام لذلك، ولكن يكفي أن نعرف أن مضمون الخطاب لا يختلف البتة عن مضمون خطابات سلفه بوش إلا في الأسلوب والألفاظ، فليس هناك من جديد أتى به، فعلى صعيد الإسلام ما زال يقسمه لمعتدلين ومتطرفين ويتعهد بمحاربة المتطرفين، وما زال يدعو حماس للاعتراف الصريح بحق كيان يهود بالوجود، وموقفه من الملف النووي الإيراني هو هو، وموقفه من مشروع الدولتين هوهو، ..

إن أميركا دولة عدوة محاربة للإسلام والمسلمين، لا يجوز التعامل معها فضلاً عن خدمة سياساتها، وتغيير الرئيس فيها لا يغير من أصل نظرتها للمسلمين، ولا يغير من حقيقة عداء الكفار الرأسماليين للإسلام والمسلمين مهما اختلفت الوجوه والألفاظ.

ولو كان يقود المسلمين أو بعضهم اليوم خليفة لأنزل أوباما هذا منزلة يستحقها كعدو مخادع، لا كما تنزله الأنظمة اليوم منزلة السيد الذي يزور مزرعته.