في الذكرى ال99 لهدم الخلافة الإسلامية

بقلم المهندس باهر صالح*

هي ذكرى حزينة مؤلمة لفاجعة أصابت الأمة الإسلامية فتركتها فريسة سهلة لكل طامع لئيم، فشتتوا شملها ومزقوا جسدها وأكلوا ضعيفها وأضعفوا قويها، وساموا أبناءها سوء العذاب، فأصاب الأمة من حينها الفقر رغم تكدس الخيرات والثروات، والضعف رغم كل مكونات القوة من جيوش وأموال ومواقع استراتيجية، حتى أصبحت الأمة محل تندر من باقي الشعوب والأمم، وموضع استضعاف من أذل الخلق وأوضعهم، فدعونا في هذه الذكرى الحزينة نستحضر بعض مناقبها.

الخلافة وحدة وقوة

الخلافة هي سبيل وحدة الأمة كاملة، بعربها وعجمها، أسودها وأبيضها، ضعيفها وقويها، وهي التي تذيب الفوارق بين أبناء الأمة ليكونوا على صعيد واحد، أخوة متحابين، لا هذا سني وذلك شيعي، ولا هذا عربي وذاك كردي، ولا محل بينهم لذكر الأوطان والبلاد إلا في سياق العناوين الجغرافية التي لا تحمل في طياتها سوى الإشارة إلى مكان التواجد أو النشأة، فتعود بذلك الأمة الإسلامية أمة عزيزة قوية لا تطالها يد لامس ولا يطمع فيها جبان رعديد.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أتاكُمْ وأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ علَى رَجُلٍ واحِدٍ، يُرِيدُ أنْ يَشُقَّ عَصاكُمْ، أوْ يُفَرِّقَ جَماعَتَكُمْ، فاقْتُلُوهُ". وما من شيء يجمع الأمة ولا يفرقها، يرضيها ولا يؤرقها سوى الإسلام ودولة الإسلام، كما عاشت من قبل قرونا مديدة تحت ظله، فلا بد أن تعود لتعيش قرونا طويلة تحت ظله من جديد.

الخلافة سبيل تحرير فلسطين وباقي بلاد المسلمين المغتصبة

لم يعد يخفى على أحد بأنّ الكافر المستعمر مهما كان  دينه أو شكله لا يفرط بما اكتسبه وضمه إلى سلطانه إلا مجبورا مضطرا، فكل دعاوي حقوق الإنسان وحق تقرير المصير ومجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة، كلها دعاوي زائفة خادعة، بل صممت خصيصا لخدمة الاستعمار ومده بأسباب البقاء والحياة ونسج الحيل والألاعيب، أما ما به تسترد الحقوق والبلاد والمقدسات فهو قوة الجند وعزم الرجال، والخلافة هي السبيل إلى توحيد الأمة وجيوشها لتدك حصون المستعمرين، وتحرر بلاد المسلمين المغتصبة وأولها فلسطين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالخلافة هي التي ستحرك جيش الأردن ومصر وتركيا والجزائر وباكستان والحجاز وباقي جيوش المسلمين لتحرر فلسطين وكشمير والشيشان وأفغانستان والعراق والشام وباقي بلاد المسلمين المحتلة.

فلن يحرر فلسطين مفاوضات السلام والاستسلام، ولا مشاريع ترامب وقرارات مجلس الأمن، بل تحررها جحافل الأمة وجيوشها.

جيوش المسلمين أهل نصرة وجهاد

إن الواجب يقع في المقام الأول على أهل النصرة والقوة في جيوش المسلمين لينصروا الإسلام ويعيدوا سيرة الأولين الفاتحين، فالجيوش وأهل القوة هم أبناء الأمة الذين يخشاهم الغرب ويخاف تحركهم لأنه يعلم أنه ومهما بذل معهم من برامج ومخططات لإشغالهم عن هموم أمتهم، ولحرف بوصلتهم عن الانتماء لقضايا أمتهم، إلا أنه يعلم أن القضية مسألة وقت وساعة من نهار يغمض فيه الكافر جفنه فيرى بعدها الأرض رجت من تحت أقدامه رجا.

فالجيوش هم جزء أصيل من الأمة، ولولا حالة العداء التي صنعها ويغذيها الكافر المستعمر بين الجيوش والأمة، لكان قادة الجند وقواد الجيوش أقرب إلى الناس من أبنائهم وبناتهم. فالأمة الإسلامية أمة واحدة وهي كالجسد الواحد.

وكما خرج من أهل القوة ومن بين براثن الجاهلية أمثال سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسعد بن زرارة، سيخرج من جيوش الأمة امثالهم عما قريب لينصروا الإسلام والعاملين للإسلام فيقيموا صرح الخلافة ويعلوا شأن الدين بإعلانهم رفع الجهاد الذي به تفتح الفتوح وينشر الإسلام في ربوع العالمين.

وما النصر إلا من عند الله

إن الثقة بالفرج والنصر والتمكين هي من الثقة بالله العظيم الذي وعدنا ولا يخلف وعده سبحانه: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، والثقة بأن الغلبة والعاقبة ستكون لنا لا تزعزعها نوائب الدهر وملماته. (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وقوله: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ). فالأمة الإسلامية على موعد قريب إن شاء الله مع خلافة راشدة ثانية تعز المؤمنين وتنصر الدين.{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

فكونوا من العاملين لها، الساعين لإيجادها ليكون لكم نصيب وأجر فيما ستحققه على يديها من خير عميم ونصر عظيم.

 

* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين

 

7/3/2020