albo3bo371123

 

قال وزير التراث بالحكومة "الإسرائيلية" عميحاي إلياهو إن إلقاء قنبلة نووية على غزة هو حل ممكن، مضيفاً أن قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض، وقبله بأيام فقط دعا سياسيون آخرون إلى استخدام السلاح النووي ضد قطاع غزة منهم عضو الكنيست السابق، موشيه فيغلين، الذي نشر في تغريدة له على حسابه بمنصة "إكس" صورة لمدينة هيروشيما اليابانية بعدما دمرتها القنبلة النووية الأميركية عام 1945، وكتب باقتضاب: "كم عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في معركة هيروشيما؟"، وسبقه بذلك تالي غوتليف وهي نائبة في الكنيست عن الليكود حيث كتبت "صاروخ أريحا! صاروخ أريحا! إنذار استراتيجي، قبل التفكير في إدخال القوات"، وصاروخ أريحا هو صاروخ قادر على حمل رؤوس نووية ويصل مداه إلى أكثر من 6500 كيلومتر.

وقبل الخوض في الموضوع لا بد أن نذكر أن هذا الأمر متكرر وليس جديدا، ففي عام 2008-2009 طالب النائب في ذلك الوقت أفيغدور ليبرمان بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة لإيقاف إطلاق القذائف الصاروخية، وفي عام 1973 في عهد رئيسة الوزراء غولدا مائير تم الحديث عن الخيار النووي واستخدام أسلحة الدمار الشامل إذا تحولت الحرب إلى خطر وجودي على كيانهم، وكذلك الحال في كل حرب صعبة وقاسية يخرج من يطالب بهذا الخيار.

ونأتي الآن إلى تصريحات وزير التراث عميحاي إلياهو التي أحدثت زوبعة كبيرة في الإعلام العربي والغربي، والقصد من ذلك في كثير من الأحيان ليس إظهار مدى إجرام كيان يهود وعقليته القائمة على الإبادة الجماعية والمجازر والتمادي في ذلك، وإنما بهدف تخويف الشارع العربي والإسلامي بالقوة النووية التي يدعيها كيان يهود وإيجاد ذريعة الخطر النووي للأنظمة الخائنة التي باتت تلعنها الشعوب ليل نهار على خيانتها وصمتها وعدم تحريكها للجيوش خاصة وقد أصبحت المطالبة بتحريكها رأيا عاما في كثير من بلاد المسلمين.

والناظر إلى ملف كيان يهود النووي يجد أنه ملف فارغ لا يشكل خطرا في حال قررت الأمة تحرير هذه الأرض المباركة، وذلك لأسباب كثيرة منها أن جيوش المسلمين على مرمى حجر من الأرض المباركة وهجوم مباغت وسريع كفيل بإنهاء المعركة سريعاً قبل أن يجتمع مجلس حرب كيان يهود ليقرر ماذا يفعل بالسلاح التقليدي وليس النووي، وقد شكلت ضربة السابع من أكتوبر نموذجا قريبا، وكذلك عدم وجود عمق إستراتيجي لاستخدام هذا النوع من السلاح سواء بواقعه الإستراتيجي -نووي إستراتيجي- أو التكتيكي -نووي تكتيكي- فعامل الإشعاعات المنبعثة ومدى انتشارها وضررها الهائل هو المعيار الذي يقيد مدى ومجال استخدامها وليس فقط قوة الانفجار وموجة الضغط العالية المدمرة والموجة الحرارية الهائلة وذلك القيد الإشعاعي هو الذي يحد من استخدامها في فلسطين صاحبة العرض الجغرافي القصير خاصة من جهة الأردن بحيث يحول دون استخدام بعض الأسلحة التقليدية وليس النووية!

وهذا كله على فرض امتلاك كيان يهود لهذا السلاح وسماح الدول الكبرى له بامتلاك هذا السلاح وهو المعتمد بطبيعته المحدودة عسكرياً وسياسياً وجبراً عنه في كثير من الأحيان على السلاح الجاهز الذي تعطيه له الدول الكبرى وخاصة أمريكا من الطائرات المروحية إلى الطائرات النفاثة ومن القنابل التدميرية إلى الفراغية  وتحرمه في بعض الأوقات من النفوذ المباشر على بعض الأسلحة التقليدية، ولولا هذا الحال من الاعتماد على الغرب ما تمكن إلى الآن بمخزونه من الصواريخ والقنابل بالمضي قدماً في حربه على قطاع غزة، فكيف الحال والحديث عن دول وجيوش!

إن هذه الفقاعة النووية التي يتحدث عنها كيان يهود تظهر مدى شعوره بالخوف على وجوده في قلب الأمة الإسلامية، وهي فقاعة فارغة بدأت بمفاعل ديمونا أو ما يسمى "مركز الأبحاث النووية" أهم منشأة نووية "إسرائيلية"، وهو الذي من المفترض أن عمره الافتراضي وفق تقرير أوردته الجزيرة عام 2015 قد انتهى قبل 22 سنة من ذلك التاريخ وتحوله من مفاعل لتنضيب  البلوتونيوم إلى مصدر محتمل لكارثة إشعاعية وإنسانية استناداً إلى التقارير العلمية وصور الأقمار الصناعية الفرنسية والروسية التي نشرتها مجلة "جينز أنتلجنس ريفيو" المتخصصة في المسائل الدفاعية والصادرة في لندن عام 1999، فقد تآكلت جدران المفاعل العازلة لقدمه، ويرى الخبراء أن إصابة الكثير من سكان المناطق المحيطة بالمفاعل والعاملين فيه أيضاً بالأمراض السرطانية كان بسبب تسرب إشعاعات منه والمطالبة بوقف العمل به على الرغم من استبدال بعض الأجزاء من المفاعل، وانتهاءً بعدم وجود عمق جغرافي يمكنها من إجراء التجارب التي تلزم كل دولة تريد أن تصنع السلاح النووي لا أن تأخذه جاهزا من دولة نووية، وكيان يهود لا يمتلك تلك الأماكن اللازمة للتجارب النووية وفي ذات الوقت يدعي أنه صنع السلاح النووي، والجواب المشكوك به هو تجربة عام 1966 في نفق أرضي متاخم للحدود مع مصر وتجربة في المحيط الهندي عام 1979 قيل إنها لكيان يهود بالمشاركة مع جنوب إفريقيا! وأيضاً كيفية الحصول على اليورانيوم والماء الثقيل اللازم لإنتاج البلوتونيوم اللازم لتصنيع السلاح النووي، ومن باب الموضوعية في الطرح فإن كيان يهود يدّعي أنه حصل على الماء الثقيل من النرويج -صفقة الماء الثقيل 20 طناً عام 1958- واليورانيوم من بلجيكا -20 طناً مترياً عام 1968- إضافة إلى كميات مستخرجة من صحراء النقب!

 على كل الأحوال فإن السلاح النووي هو سلاح ردع أمام الدول النووية الأخرى، وهو سلاح هجوم ضد الدول غير النووية في حال وجود قيادة جريئة قادرة على اتخاذ قرار سيكون له ارتدادات عالمية، وعلى مستوى الدول والشعوب والرأي العام العالمي هو قرار لم تجرؤ عليه روسيا رغم تعرض عاصمتها ورمزها الكرملين للهجوم، فكيف الحال بكيان قزم إن أعطي هذا السلاح لا يمتلك قرار استخدامه وإن امتلكه وصنعه لا يوجد عمق جغرافي كافٍ لضربه دون التأثر بإشعاعاته -إلا اذا كان خيار الهلاك الجماعي البعيد كل البعد عن طبيعة يهود المتشبثة بالحياة- وإن خزّنه في مستودعات كفار زكريا القريبة من الخليل أو عيلبون -شرق قرية عيلبون في الداخل- كما تذكر التقارير كان غنيمة لمن سوف ينال شرف تحرير هذه الأرض المباركة فيعيد التاريخ نفسه عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حصون يهود بعد استسلامهم فوجد فيها من المؤونة والسلاح ما يكفي للقتال والصمود لأشهر ولكنهم رغم ذلك جبنوا عن استخدامه واستسلموا وتركوه غنيمة للمسلمين وجيشهم.

إن الوعي السياسي يوجب عدم الالتفات لهذه الادعاءات النووية والتهديدات التي يطلقها حمقى كيان يهود ويسمونها بخيار شمشون -وهو الهلاك الجماعي للمنطقة على غرار ما فعله بطل يدعى شمشون وفق أساطيرهم- بل ويقرأون ذلك من زاوية الضعف والخوف الذي يعيشه الكيان المهتز، ولكن الإعلام المحلي والعالمي المدافع عن وجود هذا الكيان يضخم هذه الادعاءات ويضعها في قالب نشر الخوف والرعب في المنطقة وطمأنة مواطني كيان يهود الذين يشعرون بالرعب المستمر وهو الذي دفع قادتهم منذ الستينات بالادعاء بامتلاك السلاح النووي والتهديد به، وهو ذات الرعب الذي يدفعهم للمعارضة الصارمة لمحاولة أي دولة في الشرق الأوسط امتلاك هذا السلاح، ولذلك تم ضرب المفاعلات في العراق وسوريا وإيران وهذا يفسره تصريح الجنرال إفرايم سنيه (وكان نائباً لوزير الحرب الإسرائيلي) حيث قال إنه "في حال طوّر العرب سلاحاً نووياً فإنهم لا يحتاجون إلى أن يستخدموه ضدنا لكي ننهار، فبمجرد أن يعرف مواطنونا أنه قد أصبح للعرب سلاح نووي فإن أكثر من ثلثهم سيغادرون إسرائيل على الفور".

وفي الختام إن ما يحمي كيان يهود ليس البعبع النووي، ولكن هي الأنظمة العميلة الخائنة في بلاد المسلمين وعملها في حماية هذا الكيان يفوق في مفعوله عشرات المرات السلاح النووي المزعوم، وهذا الدور القذر والخطير في تقييد الأمة وجيوشها عن نصرة أهل غزة في هذه الأيام واضح وجلي، ولذلك كان واجباً على الأمة وجيوشها عدم الالتفات إلى البعبع النووي وإنما الالتفات إلى الأنظمة العميلة الجاثمة على صدور البلاد والعباد والعمل على إسقاطها وتنصيب قيادة مخلصة واعية تقود الأمة وجيوشها للصلاة في المسجد الأقصى قبل البحث عن مخازن الأسلحة المزعومة عند كيان يهود لإضافتها إلى ترسانة الأمة العسكرية!

د. إبراهيم التميمي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين

7/11/2023