ما الذي يخشاه أوباما سوى التغيير الحقيقي؟!
علاء أبو صالح-عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
في خطابه يوم الخميس 19 مايو الذي تحدث فيه عن الثورات في المنطقة، وفي تصريحه بارتباط الولايات المتحدة بما يدور في منطقة الشرق الأوسط ارتباطاً مصلحياً وعقائدياً، سعى أوباما "مضللاً" ليظهر تأييد إدارته للثورات في البلدان العربية، وتطلع الشعوب للتخلص من الحكام الطغاة.
وبخصوص القضية الفلسطينية، قال أوباما "إن الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على أساس خطوط 1967 مع تبادل أراضي بالاتفاق"، وأضاف "إن الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل لا يهتز وبالنسبة للفلسطينيين فإن جهود تجريد إسرائيل من الشرعية ستنتهي إلى الفشل".
ولمعرفة حقيقة هذا الخطاب وأبعاده ولعدم الضياع في دهاليز المغالطات التي اشتمل عليها الخطاب لا بد من الوقوف على الأمور التالية:
- إن حديث أوباما عما يسمى بعملية السلام لا يخرج عن كونه مجرد مسعى لاستباق الثورات ومحاولة نزع فتيل طالما كان سببا هاماً في اشتعال الثورات واستعارها، لا سيما وقد شاهد أوباما تحرك الشعوب المجاورة لفلسطين وتطلعها لتحرير فلسطين كل فلسطين مما دب الرعب في قلوب المستعمرين، ومع ذلك أبرز أوباما اتحاد جبهة أمريكا بالكيان اليهودي والتزامها بأمن هذا الكيان الغاصب، وما حديثه عما يسميه بدولة فلسطينية في حدود عام 1967م سوى مخطط أمريكي دولي يراد منه حماية أمن هذا الكيان الغاصب وإضفاء "الشرعية" عليه، أي أن الدولة التي يتحدث عنها أوباما هي صورة مكبرة قليلا عن واقع السلطة اليوم، بل إن أوباما ناقض كلامه عن حدود عام 1967م عندما تحدث عن مبادلة الأراضي وفتح الباب مشرعا لضم المستوطنات.
- إن مما لا شك فيه أن نظرة أوباما والإدارة الامريكية للمنطقة هي نظرة استعمارية واضحة لا تخفى إلا على أعمى البصر والبصيرة، وهذا ما يشرح تصريح أوباما بارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة ارتباطاً مصلحياً، حيث تنهب أمريكا ثروات البلاد وتستعبد العباد وتخشى زوال هذا الكنز من بين أيديها.
- إن الإدارة الأمريكية تضلل في خطابها السياسي للحفاظ على وجودها ونفوذها الاستعماري، فمن جهة تزعم وقوفها بجانب الشعوب في مسعاها التغييري، ومن جهة أخرى تدعم الحكام في السر والعلن وتسعى لإطالة عمرهم، وأمريكا والدول الأوروبية من نصب هؤلاء النواطير على رقاب المسلمين ليحرسوا لهم نفوذهم الاستعماري في المنطقة.
- إن خشية أوباما والإدارة الأمريكية وتطلعها لسياسة جديدة تواكب التغيرات في المنطقة وسعيها لركوب موجة الثورات عبر المليارات التي تلوح بها، مردها إلى الخوف من التغيير الحقيقي الذي سيقتلع نفوذها من المنطقة، وهو ما يفسر اصطفاف الإدارة الأمريكية بجانب النظام السوري البعثي القمعي –وإن أظهرت للإعلام خلافه- وإعطائه الفرصة تلو الاخرى ليقضي على الثورة هناك.
إن أوباما وإدارته كما الدول الاوروبية هم أعداء الأمة، فهم من يحاربون الأمة في دينها ويسعون لتضليلها لحرفها عن طريقها القويم، وهم الطامعون في خيراتها والمستعمرون لبلادها، وهم من انتهكوا حراماتها ودنسوا مقدساتها واستباحوا حماها فقتلوا أبناءها ومجاهديها وشردوا أطفالها وجعلوا من الحكام العملاء لهم سوطاً مصلتاً على رقابها، فهل يصدق عاقل أن أوباما وإدارته يصطفون بجانب الأمة ضد اتباعهم وأدواتهم؟! وهل كانت الثورات سوى للتخلص من التبعية لها وللاستعمار والتي جسدها الحكام طوال العقود الماضية؟!.
إن خطاب أوباما لن يضحك على ذقون المسلمين فهم قد خبروه وخبروا إدارته في العراق وافغانستان وفلسطين بل وفي ليبيا واليمن وتونس ومصر، وإن المسلمين لن يثنيهم عن مسعاهم للتغيير الجذري والذي سيؤول بإذن الله إلى إقامة الخلافة تضليل أو تزييف للواقع أو مغالطة للحقائق التي باتت الأمة تراها كالشمس في رابعة النهار، فالأمة قد كسرت القيد وتخطت الحكام وأسيادهم، وإن اليوم الذي ستستعيد فيه الأمة مكانتها بات قريباً بإذن الله.
21-5-2011