من الواضح أن الموقف الأمريكي من الملف النووي الإيراني أقل تشدداً من الموقفين البريطاني والفرنسي فضلاً عن موقف دولة يهود الذي يمارس دور المحرض الرئيسي على ضرب إيران.

فرئيس دولة يهود شمعون بيريس ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو لا حديث لهما مع الدبلوماسيين الغربيين والروس والأجانب إلا فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، ومدى خطورته ليس على كيان يهود وحسب بل وعلى دول العالم أجمع.
لقد تحولت سياسة دولة يهود في الفترة الأخيرة إلى سياسة ضد إيران بشكل خاص وضد برنامجها النووي بشكل أخص، وانحصرت في هذا الموضوع فقط، ولم تعد تُعنى بالمشكلة الفلسطينية ولا بغيرها من المشاكل، فكل همها أصبح منحصراً في كيفية القضاء على قدرة إيران النووية.
وقد ظهر من خلال الاجتماعات الأخيرة للزعماء الكبار على هامش الأمم المتحدة توافقاً ملفتاً بين الموقفين البريطاني والفرنسي مع موقف دولة يهود من الملف الإيراني، بينما كان الموقف الأمريكي مغايراً لتلك المواقف وأقل عداءً تجاه إيران.
ولعل الخبير اليهودي بنحاس عنباري قد عبَّر بدقة عن شكوك دولته إزاء الموقف الأمريكي من البرنامج النووي الإيراني فقال: “إن الموقف الرسمي الذي تتبناه أجهزة الاستخبارات الأمريكية لا زال منحصراً في أن إيران ليس لديها برنامج نووي للأغراض العسكرية، وأن هذا الأمر يولد شعوراً بأن هناك شكاً في مدى صرامة وإصرار أمريكا على التعامل مع الملف النووي الإيراني”.
وكشف عنباري عن التباين بين الموقف الأمريكي والموقفين الفرنسي والبريطاني فقال: “من الممكن ملاحظة التباين الواضح في موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما من جهة وموقف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني جوردن براون من جهة أخرى، حيث تحدث كل من ساركوزي وبراون عن الخطر الإيراني وما تقوم به طهران من مناورات هدفها تضليل الجميع، في الوقت الذي تحدث فيه الرئيس أوباما عن إمكانيات التوصل مع إيران لتفاهمات أو اتفاق بشأن الدخول في حوار معها"، وأضاف عنباري قائلاً: “إنه ليس لدى أوباما أي رغبة في زيادة الضغوط التي تمارس ضد إيران أو فيما يتعلق بقرار شن حرب عليها”.
إن هذه التوجسات لدى الخبراء وصُنّاع القرار في دولة يهود جعلتهم يستقبلون لأول مرة منذ أكثر من خمس سنوات رئيس أركان الجيش البريطاني ويبحثون معه سبل مهاجمة إيران بدون تنسيق مع الأمريكان، وجعلتهم هذه التوجسات يشدون الرحال إلى لندن ويعقدون الاجتماعات مع مدير المخابرات البريطاني MI6، ويبحثون نفس الموضوع بعيداً عن العيون الأمريكية.
غير أنهم لا يستطيعون ولا تستطيع بريطانيا معهم أن تقوم بأي تصرف انفرادي بمعزل عن الموقف الأمريكي. فالفيتو الأمريكي يبقى حاضراً ومسلطاً على أي قرار مستقل عن أمريكا تتخذه دولة يهود أو الدول الأوروبية الكبرى كفرنسا أو بريطانيا بخصوص الملف النووي الإيراني.
 الباحث السياسي أحمد الخطواني - القدس
 3/10/2009