انتقد حزب التحرير بشدة استعمال الكثير من الحركات والسياسيين لمصطلحي حق العودة والحق التاريخي في إطار الحديث عن احتلال كيان يهود و جرائمه في فلسطين، معتبرا أن تأطير الأعمال والأفكار في إطار النظرة الوطنية الضيقة لقضية فلسطين، إنما هو خطأ فكري يقوم به الكثيرون من أهل فلسطين بحسن نية أو بسوء نية، وظهر ذلك بشكل كبير من خلال الفعاليات التي قامت بها كثير من الحركات والنخب فيما يسمى بذكرى النكبة.
وجاءت هذه الانتقادات في سياق الندوة الفكرية السياسية والتي عقدها حزب التحرير يوم الجمعة 21/5/2010 مساء في منطقة شمال قطاع غزة، والتي تحدث فيها الأستاذ أبو محمد السعيد في كلمة بعنوان "حقنا في فلسطين حق شرعي أم تاريخي" أوضح خلالها أنه لا يصح لنا كمسلمين أن نتحاكم إلى الحق التاريخي أو نقرنه بالحق الشرعي في فلسطين، فهنا المرجعية في تقرير الحق لابد أن تكون للإسلام الذي هو مرجعيتنا الوحيدة كمسلمين، معتبرا أن حقائق الإسلام لا نقاش فيها بينما الـتاريخ عرضة للأخذ والرد، وأن هذه الأرض قد تقررت ملكيتها للأمة الإسلامية ولا قيمة لأي تفريط فيها، وأوضح أن الارتباط بمفهوم الحق التاريخي بدلا من الحق الشرعي إنما يعبر عن حالة من التيه والرضوخ للأمر الواقع من قبل الداعين لهذا "الحق"، وهو كان نتيجة لسلوك مفكري كيان يهود المحاولين ربط أنفسهم بهذه الأرض.
ومن ثم تكلم الدكتور حسن حمودة في محاضرة بعنوان "حقنا في فلسطين أن نعود إليها أم تعود إلينا" أوضح خلالها خطورة مصطلح "حق العودة" ذلك أن هذا المصطلح يترافق مع المشاريع والتسويات السياسية التي تقر ببقاء كيان يهود في فلسطين، علاوة على استغلال الفكرة من قبل الحكام في بلاد المسلمين للتنغيص على حياة من هم من أهل فلسطين بحجة الإبقاء على جذوة القضية، وكأن هؤلاء اللاجئين المحرومين من سبل الحياة الكريمة هم وحدهم من يتحمل مسؤولية تحرير فلسطين، كما وأضح أن المصطلح بحد ذاته فيه نوع من التغرير، فالقول أن العودة حق سواء أكان حق فردي أم جماعي، يعني إمكانية التنازل مقابل التعويض عن هذا الحق سواء بشكل فردي أو بشكل جماعي من خلال استفتاءات أو انتخابات تفرز سلطة ممثلة عن أهل فلسطين، بينما أن الحقيقة أن إعادة فلسطين ليس حقا فقط بل هو فرض من الله أن تعود كل فلسطين إلى المسلمين، وحول مفهوم النكبة أوضح د.حسن أن اعتبار النكبة قد حدثت عام 1948، هو اعتبار يدل على قصر النظر، ففلسطين ما كانت لتضيع لولا النكبة الأكبر التي مني بها المسلمون والمتمثلة بهدم الخلافة الحامية للمسلمين.
 
هذا وقد شارك الحضور بشكل كبير في إلقاء العديد من المداخلات والأسئلة التي أجاب عنها المحاضران، ومن ثم اختتمت الندوة بكلمة لأحد الحضور من كبار أهل فلسطين، تكلم فيها عن ذكرى المجزرة التي حضرها والتي وقعت في قطاع غزة في الخمسينات من القرن الماضي حيث وقفت أميركا ضد قرار الإدانة لكيان يهود، وأعرب عن فقدانه الثقة بل وأعاب على من يلجأ للقوانين الدولية في أخذ الحقوق، حيث أن الحقوق تنتزع انتزاعا ولا تعطى هبة، وقد عبر عن كلامه من خلال مضمون الأبيات التي ألقيت كتعليق على فقدان الثقة بالهيئات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن، حيث ارتجل الضيف هذه الأبيات متمنيا إعادة فلسطين إلى المسلمين وداعيا بأن يمكن الله للمسلمين في إقامة دول الخلافة التي ستمحو كيان يهود.
ومن المعلوم عن حزب التحرير ربطه لقضية فلسطين بإقامة الخلافة، فهو كما ينص في كثير من فعالياته على أهمية إعادة الاعتبار لقضية فلسطين باعتبارها قضية إسلامية فقط وليست عربية أو حتى وطنية، أو قومية.
22/5/2010