بحضور حشد كبير من الوجهاء والمخاتير، والعديد من المثقفين والمهتمين والمؤيدين، وطلبة الجامعات والمدارس وأئمة المساجد، وأبناء الحركات الإسلامية والوطنية، والعديد من أساتذة ومدراء مدارس ، عقد شباب حزب التحرير في الخليل يوم أمس الجمعة 20/1/2012م، ندوة عامة في صالة المنى. بعنوان: "الثورات في البلاد الإسلامية بين الدولة الإسلامية والدولة المدنية".

افتتحت الندوة بتلاوة عطرة من القرآن الكريم، ثم بدأ الأستاذ فخري المحتسب ندوته باستعراض محاور الندوة الستة، واحدا تلو الآخر، تخللها عرض صور ثابتة، ومقاطع تصوير فيديوكمادة توثيقية، لفتت انتباه الحضور.

تحدث الأستاذ المحتسب في محورها الأول عن الأسباب التي أوصلت الأمة للثورات، ذكر منها: حب المسلمين لدينهم والرجوع إليه، والفقر والتجويع، وسلب ونهب ثروات الأمة وممتلكاتها الخاصة والعامة، وما تتعرض له من  الاضطهاد والتنكيل، وموالاة حكامها لأعداء الله وتمكينهم من المسلمين وبلادهم.

ثم تحدث الأستاذ المحتسب في محورها الثاني: عن خصوصية كل ثورة، وعمومية الثورات ، وعن المرشح من البلاد لثورات جديدة.

فبين أن الأمة الإسلامية في حالة مخاض: تم إجهاضها في تونس ومصر، وكانت قيصرية في ليبيا واليمن، وتضرع إلى الله أن تكون في سوريا ولادة طبيعة لدولة إسلامية تهز العالم، بإذن الله تعالى، وقال عن نتائجها: بأنها هدمت حواجز الخوف والرهبة عند الناس، وأوجدت ثقافة النزول إلى الشارع عند الناس ، للمطالبة بحقوقهم، والعمل للتغيير،كما وثَبَّتَتْ أن هذه الأنظمة عميلة وحارسة لنفوذِ الغرب.. وحامية لدولة يهود، وقال: بدأت الثورة بمطلب إسقاط النظام: وستنتهي بمطلب الدولة الإسلامية.. وتحكيم الإسلام، واجتمعت الثورات، على شعار الأمة جسد واحد، وتطالب بوحدتها، وقال بأن  النظام دفع بثوار الثورة ..للالتجاء إلى الله والرجوع إليه، وطلب العون والنصر منه.

ثم قال ان العالم الإسلامي كله مرشح للثورات.. والعالم كله مرشح لقيام الثورات فيه من شدة ما يعاني من تفشي الفقر والبطالة والحرمان، وتكدس الأموال في يد فئة قليلة جدا لا تتعدى اثنين بالمائة، ورأيتم وسمعتم عن التظاهرات والاحتجاجات التي خرجت في أكثر من ألف مدينة غربية، تثور على النظام الرأسمالي الذي تسبب للبشرية بكل هذه الأزمات الاقتصادية، وشدد الأستاذ المحتسب: أنه لا يوجد بديل حضاري عند الغربيين لينادوا به ويطرحوه، فمن غير المتوقع أن تكون هذه الثورات ذات استمرارية (وستبقى المعاناة والاحتجاجات كلما ضاق بهم الحال)، بخلاف الثورات في بلاد المسلمين فإن الإسلام هو البديل الحضاري وصاحب الجدارة لقيادة العالم والبشرية قاطبة، وحضارته مزودة بثقافة بديلة ومشروع حضاري من شأنه أن يحل محل حضارة الغرب الرأسمالية.

وفي المحور الثالث:  تحدث المحتسب عن دور النخب المثقفة بكل أطيافها في الثورات: فقسمها إلى ثلاثة نخب:

1-      النخب العَلمانية (الليبراليون): حيث قال: العلمانيون الآن يكافحون من أجل البقاء.. وظهرت خسارتهم

الكبرى وبانت حقيقتهم، وأضاف أن العلمانيين: ينادون بتطبيق الديمقراطية العلمانية والحريات، وبفصل الدين عن الدولة وعن السياسة، وعن الحياة والتشريعات، أي يؤكدون على الدولة الديمقراطية المدنية على غرار الدول الغربية.

2-      النخب الإسلامية المعتدلة (الإسلاميون المعتدلون)):وتتمثل هذه النخب: ببعض الحركات الإسلامية، وبعض الإسلاميين المستقلين المحسوبين على هذه الحركات الإسلامية، الذين ينادون بالدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، حيث تحدث المحتسب عن ظاهرة وصول "الإسلاميين" عن طريق الانتخابات وصناديق الاقتراع، إلى مراكز الحكم، أو إلى بعض مؤسساته البرلمانية في بعض البلاد، مثل: تونس والمغرب ومصر، وقد يتتابع الأمر إلى دول أخرى.. مثل اليمن وسوريا وغيرها، وعقب المحتسب قائلا:

لم يَسمعْ الناس بمصطلح الدولة المدنية إلا حديثا، وهو مصطلح في أساسه مبني على العلمانية التي تفصل الدين عن الحياة، بحسب نظام الحكم الديمقراطي، إلا أن واضعيه كانوا يعلمون حساسية المسلمين من العلمانية.. فزينوه وجملوه لخداع الناس، على أنه يعني دولة مؤسسات حديثة متطورة، يتساوى فيها المواطنون أمام القانون الذي يختارونه، دون تمييز في العرق أو اللون أو الدين، وأنها دولة حرية لا مكان لقانون الطوارئ أو مثله فيها، وانه لا يفرض شخص أو حزب رأيه على غيره، وأنه يجب احترام الآخر، فصناديق الاقتراع هي الحَكَم،

 وأضاف لقد أصبحوا يتغنَّونَ بهذا المصطلح، وإمعانا في الخداع والتضليل، صار يروج لهذه الدولة على أنها دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية !!.وقد أقرّت الحكومة في مصر، وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور، والتي تدعو لمدنية الدولة، وَتَشترط ألّا تُرفع شعارات دينية في هذه الدولة!! وقد ورد فيها بند - لذرِّ الرماد في العيون -  ظَنَّ كثيرٌ من الناس، أن فيه خيرا، لأنه يعتبر الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع، وهو في الحقيقة يعني أنه يسمح لمصادر غير الإسلام في التشريع، وقد رافق هذا عرض مقاطع تصوير فيديوكمادة توثيقية، لفتت انتباه الحضور بشدة.

3-      النخب الإسلامية :وهم ما يطلق عليهم الغرب (الراديكاليون :أو الإسلاميون المتشددون)): وهم المنادون

 بتطبيق الشريعة كاملة من خلال دولة إسلامية، وهؤلاء يرون أنَّ الثورات وإن بدت في انطلاقتها كحركة الذبيح يتلوى من الألم.. إلا أنها في حقيقتها عودة الحياة إلى جسد كان قد اعتراه الموت.. فبدأ يعبر عن إرادته وينشط جهازه العصبي.. وأهم من ذلك كله أنه بعد أن استعاد ثقته بقدرته على تقرير مصيره واستعادة زمام أموره يلتفت إلى مخزونه الثقافي والحضاري.. ليجد بين يديه مشروعاً سياسياً متكاملاً ينبثق من عقيدته الإسلامية ويتوافق مع نظرته إلى الحياة.. هو المشروع السياسي الإسلامي، بكل ما تحويه الكلمة من معانيها الفكرية والدستورية والتشريعية.. من هنا امتازت هذه الثورات بمستقبلها الواعد، وآفاقها المرتسمة في أذهان المستنيرين من أبناء هذه الأمة، لا بين دفات الكتب فقط..  وقال المحتسب: إن هؤلاء الإسلاميون يرون أن "ثورةَ الأمةِ وأزمات الغربِ: هي احتضارُ إمبراطوريةٍ وانبعاثُ حضارة". احتضارُ إمبراطورية الغرب.. وانبعاثُ حضارة الإسلام. وتم عرض مقاطع تصوير فيديوكمادة توثيقية، لفتت انتباه الحضور. 

وفي المحور الرابع: قال الأستاذ المحتسب بأن الخوف والأمل يمتزجان أمام نتائج الثورات: فبين أن هناك خوف من الإلتفاف على الثورات، ومن الخضوع للتجارب في الوصول، ومن إرسال قوات غربية (إحتلال جديد)، لدعم الأنظمة، وخوف من وصول الإسلاميين  للحكم وعدم وصول الإسلام ، وخوف من رحيل الطغاة وبقاء أنظمتهم، كما في مصر وتونس واليمن.

وأما عن الأمل فقال: الأمل بوعد الله تعالى وبنصره لعباده، وببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: الأمل كذلك بجيوش الأمة وبرجالها المخلصين، وبمطالب الأمة بتحكيم الإسلام، وبالأحزاب السياسة المخلصة الواعية، وفي معرض حديثه عن نتائج هذه الثورات قال: أوجدت هذه الثورات تفاؤلا وأملا عند الأمة في عودة الخلافة الراشدة الثانية التي وعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم انتقل المحتسب إلى المحور الخامس: وتحدث عن مطلب الأمة الحقيقي هو العزة بالإسلام،  وقال: من مسميات أيام الجمعة ومن الشعارات التي رفعت والهتافات التي علت، ظهر مطلب الأمة الحقيقي، فكانت غالبيتها إسلامية،

وفي المحور السادس والأخير :تحدث المحتسب  عن التغيير المنشود وطريقه الصحيح: حيث بين أن التغيير الحقيقي لا يكون إلا بالتقيد بأحكام الإسلام وفقط، وأردف قائلا: بأن هذه الثورات المباركة، ستساعد على التغيير، وهذا التغيير  سيكون حسب أحكام الإسلام.. بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم.. بطلب النصرة واستلام الحكم من أهل القوة والمنعة من الجيوش لإقامة الخلافة، مؤكدا على ضرورة الوعي على الأحكام الشرعية المتعلقة بها، وضرورة إلتفاف الجيوش حول هذه الفكرة ونصرتها، فهي الطريقة الشرعية التي بينها عليه الصلاة والسلام للتغيير،

ووجه المحتسب نداءا للأمة بقوله: لا تستسلموا لما يحاك ضدكم من الالتفاف على ثوراتكم، حتى لا تُجرّبوا عقودا أخرى من الزمن تحت نفس الحكم الجبري الظالم، وتوجهوا لأبنائكم الجنود والضباط في الجيوش .. لنصرة العاملين لإقامة الخلافة، واطلبوا منهم أن لا يسيروا في مخططات أمريكا ومن والاها.

وبعدها أجاب الأستاذ فخري المحتسب على عدد من أسئلة الحضور، وأنهى مدير الندوة بالدعاء والإبتهال إلى الله أن ينصر هذه الأمة، ويعجل لها بالاستخلاف والتمكين.

المزيد من الصور

21/1/2012