Taqarop

 

بحرقة بالغة شاهدنا وصول وفد حماس والفصائل الفلسطينية برئاسة خليل الحيّة في زيارة رسمية هي الأولى عقب إعلان حركة حماس في 15 أيلول الماضي إعادة علاقاتها مع النظام البعثي العميل والعودة إلى حضن بشار المجرم بعد قطيعة استمرت منذ العام 2012، حيث قال وقتها رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنيّة مبرراً سبب المقاطعة: "إننا لا يمكن أن نكون إلى جانب نظام يقتل شعبه، ومن وقف معنا في الحق لا نقف معه في الباطل".
هذا التصريح من هنيّة كان في بداية مسيرة إجرام نظام الطاغية بشار، ولم يكن حينها بعْدُ قد قَتلَ من أهل سوريا أكثر من مليوني مسلم، ولم تكن كلابه البشرية قد اغتصبت آلاف المسلمات في سجونه، ولم يكن قد ألقى آلاف البراميل المتفجّرة ودمّر حواضر ومدن سوريا، ولم تكن قد سرّبت صور آلاف القتلى تحت التعذيب من شخص تابع للنظام باسم "قيصر"، وغير ذلك من الجرائم البشعة التي لا تقوم بها إلا وحوش بشرية ممعنة في عدائها لله ورسوله والمؤمنين، ولا زالت جرائمهم مستمرة لم تتوقف.
وإنا نتساءل ما الذي تغير حتى تغير حركة حماس موقفها؟ وإنا نسألها بوصفها حركة إسلامية ما هو الحكم الشرعي تجاه هذا النظام الإجرامي الذي انتهك أعراضنا وسفك دماءنا ودمر بيوتنا وهجرنا من أرضنا؟
إننا نخاطبكم ونحن نعتصر ألماً لأنه لم يكن هذا ظننا فيكم، أهكذا هي أخوة الإسلام؟! أهذا هو حق المسلم على المسلم؟! قال رسول الله ﷺ «‌الْمُسْلِمُ ‌أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ» رواه البخاري، وعند الترمذي بإسناد صحيح: «‌المُسْلِمُ ‌أَخُو المُسْلِمِ، لَا يَخُونُهُ وَلَا يَكْذِبُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ»، أليس ما قمتم به هو خذلانا لأهل الشام؟!
إننا لا نعلم كيف طوعت لكم أنفسكم أن تضعوا أيديكم في يد المجرم بشار الذي ما زال يسفك دماء أهل الشام، فهل هذا ما يوجبه عليكم إسلامكم؟!
أيها الإخوة: إن أعداء الإسلام يعملون على إعادة دمج هذا الطاغية في المنطقة تنفيذاً لسياساتهم الإجرامية بحق المسلمين، وأنتم بفعلتكم هذه تشاركون في هذه الجريمة، بل ظهرتم كأنكم تؤيدونه في جرائمه، فكيف ستلقون ربكم بهذا؟!
يا إخوتنا: إن ما يليق بالحركة المجاهدة في سبيل الله، هو أن تكون نصيرة لله ورسوله والمسلمين، وأن تتبرأ من أعداء الله ورسوله ﷺ، وإن ما يليق بالحركة المجاهدة في سبيل الله هو أن تغضب لله عندما تنتهك حرماته، والطاغية بشار لم يترك حرمة لله إلا وانتهكها، فما لكم لا تغضبون لله تعالى؟!
يا إخوتنا: إن مقتلكم هو في أنكم رهنتم أنفسكم للحكام العملاء، فصارت قراراتكم السياسية مرتبطة بقطر وإيران اللتين تخدعانكم بالمال السياسي القذر الذي تشتريان هما وأسيادهما به مواقفكم، ولذلك لا تستطيعون التعبير عن الإسلام تعبيراً صادقا، ولا تملكون الإرادة الحقيقية لتقفوا المواقف التي يوجبها الإسلام، فأنتم متأكدون أن الأرض المباركة لا يحررها من يهود إلا استنصار الأمة الإسلامية وجيوشها لإقامة الخلافة والزحف بجيوش المسلمين إلى بيت المقدس محررين مكبرين، فما الذين يمنعكم من ذلك؟! أليس ارتهانكم للحكام العملاء ومالهم السياسي القذر؟!
يا إخوتنا: إن بلاد الشام واحدة؛ بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وعدونا واحد؛ كيان يهود وزمرة الحكام العملاء المجرمين الذين ينفذون سياسات أعداء الإسلام، والواجب عليكم هو أن تعادوا من يعادي الله ورسوله ﷺ والمسلمين.
يا إخوتنا: إننا نحب لكم الخير؛ ولذلك فنحن ننصحكم أن تتقوا الله حق تقاته، وأن تتوبوا إليه توبة نصوحاً يغفر لكم خطيئاتكم، واعلموا أن نصر الله لا يدرك إلا بالاعتصام بحبله المتين، والزموا الحكم الشرعي الذي يوجب عليكم البراءة من الحكام العملاء وجرائمهم بحق أمتكم، تبرأوا منهم قبل أن يتبرأوا هم منكم، وندعوكم لتدبر قول الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ ‌تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾.
وفي الختام: قد يكون خطابنا هذا لكم فيه بعض القسوة ولكنها ليست قسوة بحجم الألم الذي ملأتم به صدورنا وصدور أبناء أمتكم وخاصة أهل سوريا عندما رأيناكم تصافحون يد الطاغية بشار وتبتسمون في وجهه، ولقد خاطبناكم بما يوجبه عليكم الإسلام، وما جاء في القرآن من آيات الله والحكمة، سائلين الله تعالى أن يشرح صدوركم للتوبة والإنابة إلى الله تعالى فتحملوا الإسلام حملاً قوياً صادقاً، فتكونوا في فسطاط الإسلام والمسلمين تجابهون أعداء الإسلام وعملاءهم من حكام الطاغوت، وثقوا بالله القوي العزيز الذي بيده وحده النصر، فأسباب النصر ليست بيد قطر أو إيران أو الطاغية بشار، بل إن من الأخذ بأسباب النصر البراءة منهم ومن جرائمهم، والإنكار عليهم والعمل على تغييرهم وإزالة منكراتهم، فاصدقوا الله يصدقكم وإن لم تفعلوا فأذنوا بغضب وحرب من الله تعالى لا قبل لكم بهما.
اللهم يسر سبل الهدى لإخواننا واشرح صدورهم لطاعتك ونصرة دينك، والحمد لله رب العالمين.

المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير