التاريخ الهجري     08 من جمادى الأولى 1432                                                رقم الإصدار: 1432 هـ / 22 
      التاريخ الميلادي     2011/04/11م
 
حظر النقاب في فرنسا دليل آخر على فشل العلمانية
 
"مترجم"
 
دخل حظر النقاب في فرنسا حيز التنفيذ يوم الاثنين الحادي عشر من نيسان عام 2011م، حيث يجرم القانون الجديد كل من تلبس النقاب في الأماكن العامة، بما فيها وسائل المواصلات، والمتنزهات والشوارع. وبموجبه ستضطر أي امراة مسلمة ترتدي النقاب في الأماكن العامة أن تكشف وجهها، أو أنها ستتعرض لعقوبة؛ إما دفع غرامة 150 يورو، أو أن تأخذ دروساً في المواطنة الفرنسية عن "الفضائل" المفترض وجودها في قيم الجمهورية العلمانية!! وأي زوج أو أب يجبر الإناث في أسرته على لبس النقاب سيدفع غرامة مقدارها 300,000 يورو أو يسجن سنة.
 
يأتي هذا بعد أسبوع على قيام الحزب الحاكم الفرنسي بتنظيم ندوة عامة عن "التأثير السلبي" للإسلام على المجتمع الفرنسي، وعن المخاوف المتعلقة بتقديم اللحم الحلال في مقاصف المدارس، ووجود مطاعم خاصة فقط باللحم الحلال، وصلاة المسلمين في الشوارع نظراً لعدم وجود مكان كافٍ في المساجد. وقد وصف كلود جيون وزير الداخلية الفرنسي ازدياد عدد المسلمين في فرنسا بأنه مشكلة.
 
 
إن مثل هذه التعليقات والندوات ومشروع قانون مكافحة النقاب ما هي إلا محاولات من قبل الحزب الحاكم لاستغلال ارتفاع نسبة الهجرة المضادة وكراهية الفرنسيين للأجانب، في محاولة لركوب موجة العنصرية المعادية للإسلام خدمةً لساركوزي الذي أظهرت استطلاعات الرأي الانتخابية لما قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2012 ضعف موقفه. وهي أيضاً محاولات لكسب أنصار لوبان اليميني المتطرف، حيث أظهرت الانتخابات المحلية في الشهر الماضي ارتفاعاً ملحوظاً في شعبيته بين الناخبين.
 
 
وقد علقت الدكتورة نسرين نواز عضو المكتب المركزي لحزب التحرير على ذلك بالقول: "إن فرنسا تحاول، وبشكل مثير للسخرية، أن تقدم نفسها كمحرِّرة لليبيا وساحل العاج من الديكتاتورية، بينما هي تفرض الدكتاتورية على النساء المسلمات داخل حدودها، وترغمهن على التخلي عن معتقداتهن الدينية. وتحت مسمى "تحرير المرأة" السخيف وحرية الاختيار فإن العلمانية الفرنسية جعلت المرأة المسلمة منبوذة في المجتمع الفرنسي لمجرد لباسها المتواضع، وهي تعتبرهنّ أسيرات في بيوتهن بسبب معتقداتهن الدينية."
 
 "ومن المؤسف أن العلمانية الفرنسية تتخذ النساء المسلمات طعماً لتملّق الناخبين العنصريين، وكأداة انتخابية لتجاوز المعارضين السياسيين العنصريين واللعب على وتر الصراع بين المسلمين وغير المسلمين من أجل تحقيق أهداف سياسية تبين انتهازية وتهاوي العلمانية. هذا هو الذي يقسّم المجتمعات ويعزلها وليس قطعة ملابس. وكيف لأيدلوجية تحرض على التحيز ضد الأقليات الدينية أن تكون عادلة في المنافسة السياسية، وأن تدعي أنها نظام رائد في إنشاء مجتمعات متماسكة ومستقرة ومنسجمة؟!"
 
 "إن هذا الفصل العنصري والانقسام المعادي للمرأة إن هو إلا جزء من التشريعات العنصرية الخالصة التي تتخفى وراء الأمن والاهتمام بحقوق المرأة. ومن الواضح أن هذه البلطجة ضد المسلمين هدفها هو جعلهم يتخلون عن معتقداتهم الدينية الراسخة واعتناق القيم الليبرالية العلمانية، وذلك على خلفية ازدياد عدد الذين يعتنقون الإسلام في أوروبا.
 
 
"إن التحدث عن سياسة الدمج ما هو إلا ستار تختفي وراءه محاولة "تطهير" مسلمي فرنسا من أي مظاهر واضحة خاصة بالإسلام، ولا يجب أن تكون كذبة "التأثير السلبي" للإسلام على المجتمع الفرنسي هي محور النقاش، بل يجب أن يكون محوره هو افتقار العلمانية للإنسانية، وعدم قدرتها على استيعاب حقوق الجميع، والتراجع السريع والواضح لزعمها الكاذب بأنها النظام الأمثل في تنظيم شؤون البشرية جمعاء."
 
 
"أما الإسلام فهو عقيدة سياسية تمقت العنصرية والسياسة الانتهازية واستهداف الأقليات. إن نظام الإسلام هو نظام له تاريخ حافل يبرهن على ضمان الحقوق لجميع الأديان تحت راية الخلافة. إنه طراز عيش لا يعاني من الهشاشة أو انعدام الأمن الذي تشعر به، بل وتعيشه، الأقليات الدينية الذين يحتاجون إلى حماية قيمهم الخاصة.
 
"وفي هذا الوقت الحرج فإننا ننادي النساء المسلمات في فرنسا، في أوروبا، وفي كل بلاد الغرب للوقوف بحزم والتمسك بمعتقداتهم الإسلامية بقوة في وجه تكتيكات التخويف الصبيانية التي تهدف إلى صرفهم عن معتقداتهم الدينية بالقوة."
 
 
الدكتورة نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير
للمزيد من التفاصيل