بسم الله الرحمن الرحيم

عيد الجمهورية ليس عيداً للمسلمين

 (مترجم)

يتم في كل سنة في تركيا الاحتفال بعيد الجمهورية التي تأسست في 29 تشرين الأول 1923م، حيث تقوم وسائل الإعلام فتقدم خلالها إلى الشعب المسلم برامجَ عن فضائل الجمهورية وتُلقى الخطب والكلمات المتعلقة بذلك، ويحملوا الأطفال على القيام بإجراء الاحتفالات في المدارس كما يتم تنظيم مهرجانات مختلفة بهذه المناسبة. ولماَّ كان الإسلام قد حرَّم هذه الاحتفالات كان لا بد من تبيين الأمور التالية ذات الصلة:

أولاً: قبل كل شيء فإن الجمهورية ليست عيداً، إذ إنَّ المسلمين ليس لهم سوى عيدين أحدهما عيد الفطر والآخر عيد الأضحى، فعندما وصل الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة ووجد الناس يتخذون يومين عيداً فقال: "لقد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما، يوم الفطر والأضحى".

ثانياً: لقد قام النظام الجمهوري على أنقاض دولة الخلافة العثمانية، فهو الذي قام بمحاربة الإسلام والمسلمين جهاراً نهاراً، وهو الذي قام بإيجاد الأفكار الهدامة بين المسلمين والتي ما زال تأثيرها عليهم مستمرا مثل إلغاء شعار "السيادة للشرع" ورفع شعار بدله "السيادة للشعب". إن مصطلح السيادة الذي هو مصطلح سياسي يقتضي القوانين والأفكار والمعالجات المتعلقة بتنظيم العلاقات بين الناس، وأخذ هذه الأمور حسب النظرة الواقعية من وضع الإنسان هو أمر ليس صحيحاً. وهذا كله فضلا عن كونه يتناقض كليا مع الإسلام الذي يقتضي أن تكون "السيادة للشرع" فإنها من الناحية العقلية أيضا لا يمكن أن تكون صحيحة.

ثالثاً: إن الجمهورية هي شكل نظام الحكم الذي حدَّده المبدأ الرأسمالي الغربي الكافر، حيث ظهر هذا في أوروبا أثناء العصور الوسطى بعد مزجه بفكرتَيْ الديمقراطية والعلمانية (اللادينية)، وهكذا تشكلت أسس المبدأ الرأسمالي. أليس كل ما يحصل اليوم للمسلمين في العالم كله هو من إفرازات هذا المبدأ الرأسمالي؟ على هذا الأساس فإن الجمهورية استُخدمت -وما زالت تُستخدم- كسلاح استعماري قوي ومؤثر على مستوى العالم وخصوصا في العالم الإسلامي. لا سيما أن القوى التي تحكم الناس ووصلت إلى الحكم عن طريق انتخابات ديموقراطية أو انتخابات شكلية، وقاموا بسن القوانين التي يريدونها في البرلمان باعتبار أنهم ممثلون عن الشعب وجعلوا من البلاد بلدا تابعا يدور في فلك الدول الأخرى. وإذا ما نظرنا إلى ما حولنا فبإمكاننا أن نرى أمثلة كثيرة تدل على ذلك.

إن مما يجب أن لا ينساه المسلمون دائماً هو أن الجمهورية نظام الحكم الذي كان يطبقه صدام حسين الذي حوكم بالإعدام وقُتل شر قِتلة، وهي أيضاً النظام الذي اعتمده حسني مبارك الذي يحاكم اليوم من على سريره، وهي النظام نفسه الذي عمل به معمر القدافي الذي تعرض للضرب وانتهت حياته بعاقبة وخيمة، وهي كذلك النظام الذي حكم به زين العابدين بن علي الذي ترك بلده هارباً لا يلوي على شيء، وهي نظام الحكم الذي يعمل به بشار الأسد وعلي عبد الله صالح اللذان يحاربان شعبيهما هذه الأيام ويقومان بقتل العشرات منهم بكل وحشية كل يوم، كما أن الجمهورية هي نظام حكم طاغية أوزبيكستان كريموف الذي أذاق الناس الأبرياء في السجون أشد أصناف التعذيب مما يندى له الجبين...

إن كثيرا من الدول التي لم تُذكر تتبنى أيضاً الجمهورية التي هي أسُّ بلاء الشعوب، وأداة الاستعمار، والوسيلة لأعمال القتل الجماعي. كما أن الحكم الجبري -الديكتاتورية- الذي استمر في تركيا لعشرات السنين اتخذ من المحافظة على الجمهورية وترسيخها أساساً له، أما فترة ما يُسمى (التغيير والاصلاح) التي تمر بها البلاد في الآونة الأخيرة فإن القصد منها هو المحافظة على بقاء النظام الجمهوري بوضع تحسينات زائفة. إنه من حيث الأساس فلا يوجد أي فرق بين نظام الجمهورية في تركيا ومثيله في مصر مثلاً كما يظن البعض، لأن المصدر واحد والنموذج واحد والتطبيق واحد والدور واحد، وما يظهر من فرق فهو في أسلوب الانتخاب، وهو لا يؤثر في طبيعة النظام الجمهوري من حيث الأحكام لأن أساس التشريع في النظام الجمهوري هو واحد.

أما نحن في حزب التحرير فإننا نحذِّر الشعب المسلم في تركيا مرة أخرى من المشاركة في هذه الاحتفالات التي حرَّمها الإسلام، وندعوه للعمل على إقامة الخلافة من جديد التي ستكون عيد المسلمين الحقيقي.

أيها الإخوة الأعزاء:

نرجو أن تكون هذه السنة هي السنة الأخيرة التي نُحكم فيها البلاد بأنظمة الكفر كالجمهورية، وتُفسد فيها البشرية من رائحة الرأسمالية العفنة، وتُسفك فيها دماء المسلمين في بلادهم، وتُنتهك فيها الأعراض، وتصعد فيها إلى السماء أصوات الثكالى مع آلامهم ومعاناتهم، وأن يتحول الربيع العربي إلى ربيع الأمة، وأن يسقط نظام الجمهورية ويُدفن في مزابل التاريخ وأن تقوم بإذن الله ومَددٍ منه دولة الخلافة الراشدة بأسرع وقت ممكن. وما ذلك على الله بعزيز. ( لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) الروم 4-5.

29 من ذي القعدة 1432

الموافق 2011/10/27م

حزب التحرير

ولاية تركيا

للمزيد من التفاصيل