بسم الله الرحمن الرحيم

نداء من حزب التحرير إلى كل الأطراف

كفاكم تمرّداً وتجرّداً لأغراض لن تجدي نفعًا، بل تمرّدوا وتجرّدوا لله، لتطبيق شرعه بإقامة دولة الخلافة!

يتحسب الناس ويتخوفون من السيناريوهات المتوقعة ليوم 30/6، الذي تحشد له المعارضة تحت شعار "تمرد" في محاولة لإسقاط الرئيس، خصوصًا وأن بعض فصائل التيار الإسلامي انتفضت هي الأخرى تحت شعار "تجرد"، وهددت وتوعدت كل من سيشارك في هذه التظاهرات، فسمعنا دعوات لقتل المتظاهرين والدعاء عليهم، وكأنهم "كفار حربيون" والعياذ بالله!

لقد أوجدت هذه التصريحات والتصريحات المضادة من مثل قول أحدهم "الإسلام سينتهي من مصر يوم 30/6" حالة من الاحتقان الشديد في الشارع المصري، زادها وأشعلها أكثر وأكثر وسائل إعلام غير مسئولة، تحركها وتقف وراءها دول استعمارية كافرة تنفخ في النار لتزيدها اشتعالا، ليكون بيدها أدوات ضغط قوية تستعملها لزيادة سيطرتها وتحكمها في مفاصل وزوايا الحكم في مصر.

أيها الأهل في مصر الكنانة!

إننا في حزب التحرير نتوجه للطرفين بالنصيحة المخلصة، نصيحة الأخ المحب لأخيه، فنقول لهم جميعا: دعوكم من هذا الاستقطاب والتباغض والتشاحن، والكفاح الرخيص الخادع، الذي لن يسمن ولن يغني من جوع، فالمشكلة ليست في شخص الرئيس، نسقط فلاناً ونأتي بفلان، بل هي في النظام بأسره والدستور المطبق، الذي يحمل عيشة الخزي والضنك - التي انتفضتم من أجل التخلص منها - في ثناياه، لبعده كل البعد عن أحكام الإسلام وشريعته.

لقد حُشد الناس منذ أيام باسم الإسلام لنصرة الرئيس، وها هم سيحشدون مرة أخرى... وكأن المعركة هي الدفاع عن الإسلام في مواجهة الكفر... مع أنها في الحقيقة دفاع عن نظام كفر يطبقه رئيس في مواجهة نظام كفر سيطبقه رئيس آخر، وليس للإسلام في كل هذا ناقة ولا جمل!

إنه تكرار للسيناريو نفسه الذي شاهدناه من قبل، عندما حُشد الناس أيام الاستفتاء على الدستور باسم الإسلام أيضًا، وسمعنا حينها نفس ما يقال هذه الأيام: "نحن نعلم أن الدستور مخالف للإسلام ولكننا سندعمه"، واليوم يقولون: "نحن نعلم أن الرئيس لم يطبق الإسلام ولكننا سندعمه". لقد قسموا الشارع إلى فريقين، فريق يريد الإسلام والشريعة، وفريق كأنه يرفضهما! ونحن نسألهم: أين هي الشريعة في هذا النظام وفيما طبقه الرئيس حتى تجعلوا المفارقة على هذا الأساس؟! فتجعلوا من أطاعكم من أبناء الأمة في خانة الإسلام ومن خالفكم منها في خانة الكفر؟! فما لكم كيف تحكمون؟!

وعلى الصعيد الآخر نجد أنصار المعارضة ينتفضون رفضاً لهذا الرئيس "الإسلامي" بعد فشله في حل مشاكل البلاد، وينساق البعض منهم عن جهل خلف المغرضين الذين يريدون أن يلصقوا هذا الفشل زورًا وبهتانًا بالإسلام، في محاولة منهم لصرف الناس عن المشروع الإسلامي الحقيقي والمطالبة بتطبيقه كاملاً في كل شئون الحياة.

ألا يرى هؤلاء أن رموز المعارضة يصارعون حتى آخر نفس؟ لا لشيء سوى الطمع الشديد في السلطة التي يسيل لعابهم من أجلها، وهم لا يمتلكون أي مشروع تغييري حقيقي، ولا هَمَّ لهم سوى تقاسم السلطة أو الانفراد بها، لنستمر في الدوران في حلقة مفرغة! ولو فكروا قليلا لأدركوا أن أسَّ البلاء ومكمن الداء هو في صلب النظام الجمهوري العلماني المطبق، والبعيد عن عقيدة الأمة وحضارتها، فالإسلام الحق هو ما يجب علينا جميعا أن نسعى لتمكينه في دولة تعبر عن تطلعات الأمة الحقيقية، وهذه الدولة هي دولة الخلافة لا غير، فهي التي ستوحد الأمة وتمنع هذا التمزق والتشرذم، وهي التي لديها الحلول الصحيحة لكل مشاكل مصر الاقتصادية والسياسية وغيرها، وهي التي ستحفظ للأمة كرامتها، وتعيد لها عزتها ومكانتها بين الأمم والشعوب، وهي التي ستقطع يد كل كافر مستعمر عن التدخل في شئوننا، وهي التي ستخلصنا من التبعية لأمريكا، تلك الدولة المجرمة التي استطاعت أن تحرف ثورة 25 يناير المباركة عن مسارها الطبيعي.

أيها الأهل في مصر الكنانة!

إن عدونا الحقيقي هو أمريكا التي تصول وتجول سفيرتها باترسون ودبلوماسيوها وسياسيوها في بلادنا دونما حسيب ولا رقيب، يشترون الذمم ويضعون الخطط للسيطرة التامة على مصر والحيلولة دون انعتاقها. فلا تمكنوها من ذلك واقطعوا يدها عن التدخل في شئوننا! واعلموا أن ثورة 25 يناير ما قامت ضد الظلم والقهر الذي جثم على صدورنا لعقود طويلة فحسب، بل قامت أيضا ضد الهيمنة الأمريكية على البلاد والعباد، فلا تكونوا أداة طيعة في يد أمريكا، عدوة الله ورسوله والمؤمنين!

إننا في حزب التحرير ندعو أبناء الأمة في كل التيارات أن يجعلوا تمرّدهم وتجرّدهم لله! من أجل إقامة شرعه وتمكين دينه، ونقدم لهم مشروعًا تغييريا حقيقيا يختلف عن كل ما هو مطروح على الساحة السياسية اليوم، مشروعًا ينبع من عقيدة الأمة، عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، مشروع الخلافة العظيم التي بشرنا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - بعودتها بعد هذا الملك الجبري، مشروع الخلافة التي ملأت الدنيا عدلا، وأخضعت للأمة الشرق والغرب، فكانت في ظلها بحق خير أمة أخرجت للناس، وبها وحدها ستعود الأمة لمكانتها هذه من جديد. وحزب التحرير قد أعد لهذه الدولة دستورا جاهزا للتطبيق مكونا من 191 مادة، مستنبطة كلها من الكتاب والسنة ومما أرشدا إليه من أدلة.

فإلى هذا المشروع وإلى هذا الهدي الرباني ندعوكم أيها المسلمون! فهلموا ولبوا هذا النداء من حزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، وإياكم ودعوة الفتنة والتناحر! فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه»، ويقول: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»!

﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما﴾

18 من شـعبان 1434

الموافق 2013/06/27م

حزب التحرير

ولاية مصر

للمزيد من التفاصيل