المكتب الإعــلامي

ولاية مصر

التاريخ الهجري   11 من صـفر 1436                                                                                                                              رقم الإصدار: 30/14

التاريخ الميلادي   2014/12/03م

بيان صحفي

يا شيخ الأزهر؛ الخلافة فرض من رب العالمين فلتكن من الداعين لإقامتها

لو كان المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي يعقده الأزهر الشريف يومي الثالث والرابع من شهر ديسمبر الجاري لمكافحة إرهاب أمريكا وعنجهيتها وتجبرها وسفكها لدماء المسلمين في العراق والشام لصدقنا ادعاء وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان الذي قال إن «الإمام الأكبر الدكتور الطيب قرر أن يكون تنظيم ملتقى الأزهر لمكافحة التطرف والإرهاب أزهريا خالصا، ليكون بعيدا عن خدمة أي أغراض سياسية أو غير سياسية في الداخل أو الخارج»، ولكن أن ينعقد المؤتمر للحديث عن التطرف والإرهاب في العالم العربي، فهذا يجعله خادما لأغراض سياسية وغير سياسية خبيثة في الداخل والخارج، خصوصا وأن النظام الحالي يعتبر محاربة ما يسميه بالإرهاب شغله الشاغل والأولوية القصوى له، كما تشن أمريكا حربا صليبية جديدة على المسلمين في العراق والشام تحت نفس ذريعة الحرب على الإرهاب، ومؤتمر جدة لمكافحة الإرهاب الذي عقد في سبتمبر الماضي ليبرر لأمريكا تلك الهجمة الشرسة على أبناء الأمة في العراق والشام ليس عنا ببعيد.

لقد تناول شيخ الأزهر في كلمته الافتتاحية مسألتين مهمتين هما اللتان ترعبان الغرب الكافر ويحسب لهما ألف حساب، ألا وهما الجهاد والخلافة. فقال "إن الجهاد لم يُشرَع في الإسلام إلا للدِّفاع عن النفسِ والدِّينِ والوطَنِ، ... وأنَّ علةَ القتالِ العدوانُ لا الكُفرُ.. وإن إعلانَ الجهادِ ومُباشرتَه لا يجوزُ أن يتَولَّاه أحدٌ إلا وليّ الأمرِ". ونحن هنا لن نخوض نقاشا في تفنيد فرية أن الجهاد شُرع للدفاع فقط، فهي من الأفكار الطارئة على الفكر الإسلامي ولم يقل بها أحد من المتقدمين من علماء الأمة، وإنما هي من لوثات الغزو الفكري والثقافي لبلاد المسلمين في القرنين الأخيرين، ولكننا سنقول لفضيلته؛ إذا كانت علة القتال في الإسلام هي العدوان كما تقول، فلماذا لم تطالب من تعتبرهم ولاة الأمور بإعلان الجهاد لرد عدوان يهود على فلسطين وتدنيسهم للمسجد الأقصى، إلا إذا كنت تراهم غير معتدين أو أصحاب حق، أو جيراناً وأصدقاء تربطنا بهم علاقة حسن جوار، أو أنك ترى أن لا شأن لأهل مصر بما يجري لأهل فلسطين؟! أليس ما تقوم به أمريكا في العراق والشام عدوانا يجب أن يُرَدّ؟! أم أنكم لا ترون الأطفال والنساء والشيوخ الذين تقتلهم أمريكا وحلفها اللعين؟!.

أما قولك في الخلافة أنها ليست من العقيدة وأصول الدين وأنها من فروع الشريعة، فأنت مصيب في ذلك، ولكن هل يعني ذلك أن لا قيمة لفروع الشريعة؟!، هل يعني ذلك أن نهملها ولا نعمل على إقامتها؟!، أليست الخلافة حكماً شرعياً؟!، أليست الخلافة فرضاً فرضه الله على المسلمين؟!، فالأدلة على ذلك مستفيضة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

أما الكتاب؛ فقد قال تعالى: ﴿فاحْكُمْ بَينَهُمْ بِما أنْزَلَ اللهُ ولا تَتَّبِعْ أهْواءَهُمْ عَمّا جاءَكَ مِنَ الحَق﴾، وقال سبحانه: ﴿وأنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِما أنْزَلَ اللهُ ولا تَتّبِعْ أهْواءَهُمْ واحذَرْهُمْ أنْ يَفْتِنوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أنْزَلَ اللهُ إليْك﴾.

وأما السنة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَلَعَ يَدًا من طاعة لَقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ لا حُجّةَ لهُ، ومَنْ ماتَ وليسَ في عُنُقِهِ بَيعة ماتَ ميتةً جاهلية» [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «كانت بنو إسرائيلَ تَسُوسُهم الأنبياء، كلما هَلكَ نبيٌّ خلفهُ نبي، وإنهُ لا نبيَّ بعدي، وسَتَكونُ خُلفاء فَتَكْثُر»، قالوا فَما تأمُرُنا؟ قال: «فُوا بِبَيْعةِ الأول فالأول وأعطوهمْ حَقّهم، فإن اللهَ سائلهم عمّا استَرعاهُم» [رواه مسلم].

وأما إجماع الصحابة؛ فإنهم رضوان الله عليهم، أجمعوا على لزوم إقامة خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وأجمعوا على إقامة خليفة لأبي بكر، ثم لعمر، ثم لعثمان بعد وفاة كل منهم. وقد أخروا دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتين حتى بايعوا أبا بكر خليفة للمسلمين، وأنتم يا شيخ الأزهر تعلمون ذلك جيدا.

والغريب أن يترك شيخ الأزهر الدكتور الطيب الخلافة التي هي نظام الحكم في الإسلام وعنوان وحدة الأمة، ليبحث عن شكل آخر للوحدة على غرار الاتحاد الأوروبي إذ يقول: «أن أمَّتنا رغمَ ما خَصَّنا اللهُ به من بينِ سائرِ الأُمَمِ بمُقوِّماتِ الوحدةِ والاتِّحادِ، من لغةٍ وجنسٍ وعِرقٍ ودِينٍ وتاريخٍ وجُغرافيا أيضًا، وبرغم جامعتِنا العربيَّةِ ومُنظَّمةِ التعاوُنِ الإسلاميِّ، وقد مضى على إنشائِهما أكثرُ من نصف قرنٍ، فلا نزالُ نفتقرُ إلى اتِّحادٍ يُشبه الاتحادَ الأوربيَّ»، فتراه يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، بل ويتجاهل الخلافة التي أقر في كلمته الافتتاحية تلك أنها من الشريعة.

فيا شيخ الأزهر ويا علماء الأزهر ويا علماء الأمة، إن الطريق واضح لا لبس فيه، والحل بين أيديكم لكل ما تعانيه الأمة من ويلات ومصائب، وهو أن تنضموا للصوت العالي في الأمة الذي يطالب بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي وحدها التي ستمنع الاعتداء والتهجير القسري لأبناء الأمة، وهي التي ستحفظ دماء المسلمين وتقطع دابر أمريكا والغرب من بلاد المسلمين، فالإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به. فكونوا بحق ورثة الأنبياء وارفعوا راية الإسلام عالية، وخذوا على يد الظالمين وأطروهم على الحق أطرا، وقولوا كلمة الحق ولا تخافوا في الله لومة لائم، ولتعلموا أن الله سائلكم يوم القيامة عن عملكم بما علمتم من الكتاب والسنة، فلتبيّنوه للناس ولا تكتموه.

﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾

 

شريف زايد

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

للمزيد من التفاصيل