نشرت مجلة الفورين بوليسي مقالا للكاتب كريستيان كيريل، في تاريخ 22/12 يتحدث فيه عن حزب التحرير وعدم إمكانية حظر الغرب له في الوقت الذي يشكل فيه تهديدا حقيقياً لهم ولمصالحهم.
بدأ الكاتب مقاله بالسؤال، هل يشكل حزب التحرير الإسلامي تهديداً للمجتمعات الغربية؟ ويجيب قائلا: يمكن أن يكون الجواب نعم، لكن هذا لا يعني وجوب حظر الحزب.
خلال هذه الأسابيع تورط حزب العمال البريطاني والمحافظون المعارضون في شحن العداء ضد الإسلام، ولكي نكون أكثر دقة ضد تنظيم إسلامي يسمى حزب التحرير. هاجم ديفيد كامرون، قائد منظمة "توري" حكومة غوردون براون بسبب زعمه أنّ الحكومة تنفق أموال دافعي الضرائب على مدرسة يعمل فيها اثنان من حزب التحرير، حيث يعلّمون الطلاب الأيديولوجية الإسلامية. وفي سؤال وجّه إلى وزير التعليم، أكد على أنّه لا علاقة للمدرسة بحزب التحرير. ويصف كاتب المقال الوضع، بالمعقد والمتشابك لأنّ الكثير من البريطانيين داخل الحكومة وخارجها يطالبون باستمرار بضرورة حظر حزب التحرير.
ثم يحاول الكاتب إعطاء لمحة موجزة عن الحزب قائلا: هناك شئ مؤكد وهو أننا سوف نسمع الكثير عن حزب التحرير في الأعوام المقبلة. لقد تأسس حزب التحرير قبل حوالي  56 سنة في القدس التي كانت تحت الحكم الأردني، ويقدّر بعض الخبراء عدد أعضاء الحزب حول العالم بمليون، حيث يقبع الكثير منهم في السجون. حزب التحرير محظور في دول عديدة، منها دول دكتاتورية مثل أوزبكستان وسوريا ودول أخرى مثل باكستان والأردن وتركيا وبنغلادش، ومنها دول أوروبية غربية ديمقراطية مثل ألمانيا والدنمارك. لكن الدول تحكم وتقيّم الحزب بناء على كثرة وضخامة أدبياته التي يستمر في إصدارها عن طريق النشرات والكتب وآلاف المواقع الاليكترونية التي تبدو مزدهرة ومتفوقة. لقد تناولت الصحافة الأمريكية اسم الحزب حديثاً، عندما كُشف عن مشاركة المسلمة داليا مجاهد – مستشارة الرئيس أوباما الدينية – في بث إذاعي لحزب التحرير.
ويضيف، لا شك أنّ نجاح الحزب عبر السنين يرجع إلى وضوح ما يريد أن يصل إليه في النهاية، وهو بناء الخلافة، الدولة الإسلامية التي توحد جميع المسلمين في العالم. على خلاف القاعدة التي تدعو إلى غايات غير واضحة وغير محددة. إنّ حزب التحرير يركز في عمله على السياسة بدلاً من الأعمال  المادية، ويقول أنّه يجب على المسلمين أن ينهضوا عن طريق التثقيف والدعوة والأعمال السياسية حتى يفهموا حاجتهم إلى أخذ زمام الأمور في بلادهم وتوحيد الأمة الإسلامية. ويستشهد الكاتب، بما يقوله الحزب من خلال آلاف النشرات التي تفيد أنّه: إذا ما استطاعت الأمة الإسلامية النهوض كأمة إسلامية، فإنّها سوف تكون قادرة على حماية العالم من قوى الشر التي تتحكم بها وتستعبدها وتجعلها تعيش حياة بؤس وشقاء.
ثم يتحدث الكاتب عن سبب المشاكل التي وقع فيها الحزب، والأسباب التي أدت إلى حظره في بعض الدول قائلا، إنّ هذه الصراحة التي يتحدث بها الحزب هي التي أوقعته في المشاكل في كثير من الدول الديكتاتورية، التي يخالف الحزب فيها القانون. وعلى الرغم من ادعاء الحزب عدم دعوته إلى العنف، إلا أنّ الحزب ما زال يتعرّض إلى الأذى في كثير من المجتمعات الليبرالية لأنهم ينظرون إليه على أنّه حزب متطرف ومتعصب. لقد أصبح الحزب محظورا في ألمانيا على سبيل المثال، حين تم تشبيه الحزب بالنازيين الجدد. وفي الوقت الذي يصر المسئولون في الحزب على أنّهم ضد الصهيونية وليسوا ضد السامية، إلا أنّ هناك عدة دراسات لأدبيات الحزب أظهرت أنّ هذا التفريق لا يشكل مانعاً من حظر الحزب لأنّه غير مطابق للواقع. لقد تم حظر الحزب في الدنمارك بسبب أمور عديدة، منها توزيع نشرات تحث المسلمين على قتل اليهود أينما وجدوهم، "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم". ويضيف الكاتب، عندما قرأت بعض نشرات الحزب في وسط آسيا صدفة في سنة 2001 صدمت بسبب تسميتهم الرئيس الأوزبكي "إسلام كريموف"  "باليهودي كريموف". مع أنّه لا يوجد له أي خلفية يهودية على الإطلاق . بالإضافة إلى ذلك، هناك نشرة للحزب تقول أنّ المسلم إذا ارتد عن الإسلام فإنّه يواجه عقوبة الإعدام. – إنّه من الصعب قبول حكم مثل هذا الحكم وتطبيقه في المجتمعات التي تؤمن بالحرية والديمقراطية - .
ويسترسل الكاتب قائلاً، هناك مصدر قلق آخر وهو دور الحزب في تثقيف وتجهيز الأعضاء، حيث يقوم الحزب ببناء وحشد أعضاء أصوليين، ومن ثم استعمال هؤلاء الأعضاء بشكل علني في المشاركة في أعمال عنف. من بين هؤلاء الأعضاء البارزين في الحزب كان عمر بكري محمد، مؤسس جماعة المهاجرين، والذي ساءت سمعته بسبب مدحه وتأييده للمهاجمين في عملية 11/9، وكذلك بسبب إخفائه عناصر منظمة ليتم استخدامهم لاحقا في عمليات إرهابية، لقد تم كشف ذلك عندما قام المسئولون في الاستخبارات البريطانية بتفتيش بيت البريطاني عمر شريف، الذي حاول تفجير نفسه في حانة في تل أبيب سنة 2003، حيث وجدوا عنده نشرة لحزب التحرير. بالإضافة إلى ذلك، هناك صحفي بريطاني اسمه شيف مالك يدّعي أنّ هناك اثنين على الأقل من الشخصيات البارزة في القاعدة لها علاقة وارتباط بالحزب، وهم خالد شيخ محمد وأبو مصعب الزرقاوي.
بعد ذلك يحاول الكاتب نقل موقف ورد الحزب على الاتهامات قائلاً، إلا أنّ الحزب ما زال يصر على أنّه لا يمكن أن يتحمل مسؤولية أعمال كل شخص يرتبط به، وأنّ الحزب متمسك بطريقته للوصول إلى غايته والتي لا يستخدم فيها أي أعمال مادية.
ويضيف مستشهداً، قال عبد الوحيد "العضو الإداري في الحزب": " إنّ ثقافتنا السياسية تركز على عدم جواز استخدام العنف، وعلى أهمية إيجاد حلول فكرية وسياسية لمشاكلنا، نحن نقول ذلك لأننا نعتبر أنّ المشاكل في العالم الإسلامي هي نتيجة لعدم فهم أفكار الإسلام التي تقود إلى حل سياسي".
بعد ذلك يعود الكاتب ليتحدث عن صلب الموضوع الذي طرحه في بداية المقال، وهو تخبط الغرب وحيرتهم بين حظر الحزب الذي لا يوجد عندهم دليل واحد على أنّه يستعمل العنف أو أي أعمال مادية، وبين إدراكهم أنّ الحزب يشكل خطراً وتهديداً حقيقياً لهم، حيث يقول بالرغم من المراجعات التي قامت بها حكومتان في بريطانيا إلا أنّها فشلت في إصدار قانون يحظر الحزب، لأنهم اعتبروا أنّ الأفكار المتطرفة التي يدعوا لها الحزب غير كافية لحظره. وبنفس هذا المنطق ما زال حزب التحرير يعمل بشكل قانوني في كندا واستراليا والولايات المتحدة، حيث قام الحزب حديثاً بتنظيم مؤتمرات له في هذه الدول. يقول بعض المناهضين للحزب ربما تكون هذه السياسة أفضل طريقة للتعامل مع الحزب. من بين هؤلاء المناهضين حنّا ستيوارت وهي تعمل في مركز الترابط الاجتماعي البريطاني، حيث كتبت عن دراسة حديثة قامت فيها بالتحري عن مبدأ الحزب بالتفصيل. فيما يتعلق بالحظر تقول:" إنّ موضوع حظر الحزب يعني زيادة شعبيتهم والترويج لهم وتلميعهم". وتقول إنّ أفضل طريقة لمقاومة أفكار الحزب، هي سياسة "حشد الناس ضدهم" عن طريق تثقيف الناس وتوعيتهم على التطرف والتعصب وتفهيمهم ماذا يعني عدم قبول الآخر، بنفس الطريقة التي استعملت ضد الحزب الوطني البريطاني الفاشي، فعلى الرغم من أنّ هذا الحزب قانوني، فإنّ جميع السياسيين يعاملونه باشمئزاز. وتدلل على صحة ما ذهبت إليه بمثال من الموقف الذي اتخذه اتحاد الطلاب البريطاني والذي نصح الكتل الطلابية بوجوب عدم المشاركة في مناظرات حزب التحرير. وتقول أنّه يجب على جميع أفراد المجتمع أن يقفوا ضد أفكارهم وأهدافهم. وتضيف، يجب على الحكومة أن لا تقوم بدعم نشاطاتهم أو تقديم أي نوع من الدعم لهم.
وفي النهاية يأتي الكاتب إلى الخلاصة قائلاً، بعد كل ذلك يمكن القول أنّ حظر الحزب له مساوئ. حيث يشير إلى كلام فليكس كورلي، الذي يعمل كمراقب للحريات الدينية في بلدان الاتحاد السوفييتي السابق، حيث قال: أنّ حظر حزب التحرير في تلك البلاد لا يبدو أنّه كان حلا لإنهاء مشكلة التطرف الديني، بدليل أنّ الحزب بقي يعمل بنشاط منقطع النظير، حتى في الدول التي تم حظره فيها.
وفي مقارنة سريعة بين الحزب والقاعدة يقول كورلي:  يجدر القول بأنّه من الملاحظ أن القاعدة – التي تعتبر جماعة صغيرة نسبيا بالنسبة إلى عدد أعضائها، حتى أنّه في هذه الأيام تم محاصرتها أكثر وتحجيمها – بدأت تروج لفكرة الخلافة قبل حوالي 20 سنة. بينما حزب التحرير الذي يدعو إلى فكرة الخلافة لأكثر من نصف قرن ما زال يتقدم وبقوة.
ويضيف كورلي، من مساوئ حظر الحزب أنّه سيعطي مصداقية لما يقوله الحزب من أنّ الدول الغربية وعملاءهم الدكتاتوريين في العالم الإسلامي يشاركون في الحرب على الإسلام.
وأخيرا يقول الكاتب أنّ كورلي يؤكد على رأيه الذي يقول فيه: " إنّ أفضل طريقة لمقاومة التطرف الديني هي إعطاء الحرية الدينية. في الوقت الذي يقر فيه كورلي ويعترف قائلاً: إنّه من الدقة في الكلام أن أحزاب مثل حزب التحرير تضع الغرب في امتحان صعب أمام مبدأ الحرية الدينية.
30/12/2009