بسم الله الرحمن الرحيم

الخلافة

نصر من الله وفتح قريب

تمر بنا الذكرى الثامنة والتسعون لهدم الخلافة، وقد عصفت بالأمة الإسلامية وأهل فلسطين الخطوب واشتدت الكروب وتزايدت المؤامرات وعظم كيد الأعداء، وإننا في هذه الذكرى نؤكد على الحقائق التالية:

أولاً: إن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للناس، فلا يجوز القبول بغيره من المبادئ والأنظمة الوضعية، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾ وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.

ثانياً: الإسلام دين أمرنا الله بإقامته وتنفيذ أحكامه، فلا تجوز المساومة عليه أو التهاون في تطبيقه، ولا يجوز تعطيل شيء من أحكامه، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً﴾ وقال سبحانه: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

ثالثاً: إن الإسلام محفوظ بحفظ الله له، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، وقد تكفل سبحانه بإظهاره على الدين كله، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.

رابعاً: الأمة الإسلامية هي خير أمة أخرجت للناس، اجتباها الله لإقامة دينه في الأرض والشهادة على الناس، قال تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.

خامساً: إن وحدة الأمة الإسلامية هي من فروض الإسلام العظيمة، ولا يتأتى للأمة أن تقيم الإسلام وتنشره كما أوجب الله تعالى إلا إذا اجتمعت على رجل واحد يقيم فيها الدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ» رواه مسلم.

سادساً: إن الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام، وهو الطريقة الشرعية والعملية لنشر الإسلام وحمله إلى الناس كافة لإخراجهم من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإسلام وعدله، قال تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾.

سابعاً: الخلافة، هي الفريضة العظمى التي تتحقق بها الفروض الثلاثة الكبرى، إقامة الدين، وتوحيد المسلمين، ونشر الإسلام في العالمين، وبالخلافة تحرر بلاد المسلمين المحتلة، ويعز المسلمون، وتحل مشاكلهم بل ومشاكل العالم، نعم، هي دولة الإسلام التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي بدونها يحيا الناس حياة جاهلية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رواه مسلم.

 

أيها المسلمون، يا أهلنا في الأرض المباركة:

هذه سبعٌ من حقائق الإسلام التي عليها مدار عزة المسلمين، ويقابلها حقائق أُخر يجب الوقوف عليها وهي:

أولاً: إن الدول الاستعمارية هي عدوة للإسلام وأهله، ويجب أن تكون العلاقة معها علاقة حرب، وهذه الدول لا تدخر جهداً في قتل المسلمين ونهب ثرواتهم وتكريس الفرقة بينهم، وصدق فيهم قول الله تعالى: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ وقوله سبحانه: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾.

ثانياً: حكام الدول العربية والعالم الإسلامي، هم عملاء للكافر المستعمر وأتباع له، وهم أعداء للأمة ولدينها، وهم رأس حربة الكافر في بلاد المسلمين، فلا يدخرون جهداً في محاربة الإسلام ونشر الفساد والرذيلة، وإبقاء الأمة رهينة لأعداء الإسلام.

ثالثاً: المؤسسات الدولية من هيئة الأمم ومجلس الأمن...الخ، والمؤسسات الإقليمية كالجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي هي من أدوات الدول الغربية الاستعمارية لإبقاء هيمنتها وتنفيذ مخططاتها والتي على رأسها محاربة الإسلام وإبقاء الأمة الإسلامية ممزقة ومنهوبة الثروات.

رابعاً: إن تحرر الأمة من الاستعمار لا يكون إلا بتحرك قوى الأمة الحقيقية لتخلع حكام الطاغوت وأنظمة الطاغوت، وتجتث نفوذ الاستعمار من جذوره، وهذا يقتضي أن تتضافر قوى الأمة فتكون جيوش الأمة منحازة للإسلام وتنضم إلى صفوف الأمة، وتعلن براءتها من هذه الأنظمة العميلة الخائنة، وتسارع إلى خلعها وتخليص الأمة من شرورها.

أيها الأهل في الأرض المباركة:

إن فلسطين يُدبر لها جريمة كبرى وخيانة عظمى لا تقل عن خيانة اتفاق أوسلو، ولا تختلف عن خيانة الحكام في عام 67 أو خيانتهم في عام 48، بل يريدونها أكثر إجراماً وأشد خيانة، ورموز الخيانة هذه المرة، ثالوث الخيانة والإجرام، هم حكام مصر والأردن و"السعودية"، يشاركهم في ذلك من لا خلاق لهم من المنتفعين والمرتزقة من أقزام فلسطين، لذا فإننا نحذر أهل فلسطين والمخلصين من أبنائها من الوقوع في ألاعيبهم أو الوثوق بأي طرف من هذه الأطراف، فالسلطة الفلسطينية تشربت الخيانة حتى أضحت سجية من سجاياها، وحكام المسلمين أذل من الطريق التي تُداس، ورأس الكفر أمريكا وأعداء الإسلام لسان حالهم يقول إما أن تقبلوا بالذل وتدنيس المقدسات ونهب الثروات والخضوع للعملاء أو سيكون مصيركم القتل والتشريد والتدمير والخراب.

يا أهلنا وأحبتنا: إن أعداء الإسلام استهدفوا ديننا وأبناءنا وأعراضنا ومقدساتنا ولم يبقوا حرمة إلا وانتهكوها، وهذه الجرائم تمت بغطاء ومعاونة من حكام المسلمين المتآمرين، ولا سبيل لرفع الذل عنا إلا بالاعتصام بحبل الله المتين، والبراءة من المجرمين والخائنين، وإعادة قضية فلسطين إلى حضنها الأصيل، الأمة الإسلامية، واستنصار الأمة وجيوشها لإقامة الخلافة وتحرير بيت المقدس.

فثقوا بالله القوي العزيز، وثقوا بأمتكم فهي أمة اجتباها الله للإسلام، فإن كبت اليوم كبوة فإنها بهمة رجالها المخلصين ستنهض من كبوتها وتعيد سيرة الراشدين... فنحن على موعد مع نصر الله وتحقيق بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزول الخلافة ببيت المقدس، وتدبروا قول الله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾.

اللهم بلغ عنا هذا الخير للمسلمين واشرح صدورهم إليه، وأعنا على إقامة دينك... والحمد لله رب العالمين.

29 رجب 1440هـ                                                                                  حزب التحرير

الموافق 5/4/2019م                                                                          الأرض المباركة فلسطين

للاستماع: