بسم الله الرحمن الرحيم
﴿‌شَهْرُ ‌رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾


أقبل عليكم شهر رمضان يحمل إليكم من نفحات رحمة الله تعالى فتعرضوا لنفحات الله بصالح أعمالكم، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلهِ ‌نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ، يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ» رواه الطبراني.
أقبل عليكم شهر الفرقان يحمل إليكم نفحات من يوم الفرقان "يوم بدر" ونفحات من فتح مكة وفتح بيت المقدس وعين جالوت، إنها نفحات نصر الله للمؤمنين المتقين، فتعرضوا لنفحات نصر الله بنصرة دينه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌إِنْ ‌تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.
أقبل عليكم شهر الفرقان الذي يوجب عليكم أن تكونوا فرقاناً بين الحق والباطل، فتوالوا الله ورسوله وتتبرؤوا من الكفر والكافرين والنفاق والمنافقين، فلا حكم إلا لله ﴿‌إِنِ ‌الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ولا خشية إلا من الله تعالى ﴿‌أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
لقد جاءكم شهر رمضان يستشرف أنصاراً كأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرون الله ورسوله، جاءكم شهر الصوم لينفث في روعكم عزة الإسلام وقوة المؤمنين وثبات المتقين، جاءكم شهر الجهاد في سبيل الله ليستنهض همم جيوش المسلمين لعلها تلبي نداء الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾
أيها الأحبة المؤمنون:
يفد علينا شهر رمضان منذ نحو مئة عام، وهو يشهد على فرقتنا وتعطيل كتاب ربنا، وضياع مسرانا، بل ويتفرق المسلمون في بدء صيامه وفي يوم عيده، وفي هذا العام يشهد على مجازر المغضوب عليهم في الأرض المباركة، عشرات آلاف الشهداء والجرحى، وينقل إلى الله تعالى استغاثة الأطفال والنساء والثكالى، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
آه يا أمة محمد! أهكذا تستقبلون شهر الله؟! أتستقبلونه بفرقتكم وحكم الطاغوت، وخذلان المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى ومعارج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى؟!
آه يا أمة محمد! كيف بكم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمن على دعاء جبريل عليه السلام «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ، ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ» رواه ابن حبان؟! فأنى للقاعدين عن نصرة الله ورسوله أن يدركوا رحمة الله ومغفرته؟ أتعلمون ما هي موجبات رحمة الله ومغفرته؟ إنها إخلاص لله، وقيام على أمر الله ورسوله، إنها حكم بما أنزل الله وجهاد في سبيل الله، إنها دولة الخلافة التي تقيم الدين وتقيم الشهادة على الناس، فتبرأ ذمة المسلمين عند الله تعالى.
يا أمة الشهادة خير أمة أخرجت للناس:
إن مسؤوليتكم عن الإسلام مسؤولية عظيمة، وهي توجب عليكم بذل أنفسكم وأموالكم ابتغاء مرضاة الله تعالى، وتوجب على أبناء المسلمين في الجيوش والقوات المسلحة أن يطيحوا بالحكام العملاء والأنظمة الخائنة، ويزيلوا الحدود التي تمزق بلاد المسلمين، وتوجب عليهم إعطاء النصرة لحزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة وعد الله سبحانه وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإن مسؤوليتكم تجاه المسجد الأقصى توجب عليكم العمل بكل قوة لاستنفار الأمة الإسلامية وجيوشها للجهاد في سبيل الله من أجل تحريره، وسحق الأنظمة العميلة التي تمد كيان يهود بأسباب الحياة والبقاء، وجعل المشاريع الغربية والأمريكية القائمة على حل الدولتين أثراً بعد عين.
فأهل الأرض المباركة لا يتسولون فتاتاً من المساعدات وهم تحت القصف والإبادة، وإنما يتوقون إلى عزة يعانقون بها جيوش المسلمين وهي تدخل الأرض المقدسة تحقيقاً لوعد الله تعالى في بني إسرائيل ﴿فَإِذَا جَاءَ ‌وَعْدُ ‌الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾
أيها الأهل في الأرض المباركة:
اصبروا وصابروا ورابطوا فإن صبركم ورباطكم وثباتكم ليس له جزاء إلا الجنة، ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ ‌رَوْحِ ‌اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ ‌رَوْحِ ‌اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾، فإن خذلكم أهل الأرض فإن رب السماوات والأرض لن يخذلكم، وحسبكم في هذا بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ‌ظَاهِرِينَ ‌عَلَى ‌الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» رواه مسلم، وعند الإمام أحمد والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي ‌ظَاهِرِينَ ‌عَلَى ‌الحَقِّ، لِعَدُوِّهِم قَاهِرِينَ، لا يَضُرُّهُم مَن خَالَفَهُم، حَتَّى يَأتِيَهُم أَمرُ الله عز وجل وَهُم كَذَلِكَ»، قالُوا: «يَا رَسُولَ الله! وَأَينَ هُم؟»، قال: «بِبَيتِ المَقدِسِ وَأَكنَافِ بَيتِ المَقدِسِ»
إن الأرض المباركة على موعد مع نصر الله تعالى، فاستنزلوا نصر الله عليكم بصدق ثباتكم على أمر الله وأمر رسوله، وتبرؤوا من حكام الطاغوت وأولياء الشيطان، وتدبروا قول الله تعالى ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ‌فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾
فقضية الأرض المباركة قضية أمة وعقيدة، وستبقى الأرض المباركة موقداً يشعل الإسلام في نفوس المسلمين حتى تنهض الأمة الإسلامية من كبوتها، أما زمر الخائنين لله ورسوله أولياء يهود وعملاء أمريكا فهؤلاء قد حقت عليهم لعنة الله ورسوله والمؤمنين، وستجري عليهم سنة الله تعالى في المستكبرين ﴿مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١) ‌سُنَّةَ ‌اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ ‌لِسُنَّةِ ‌اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾.
ونختم بنداء الله إلى المؤمنين، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (٨) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (١٠) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ ‌مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا ‌مَوْلَى لَهُمْ﴾.
نعم، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ ‌مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا ‌مَوْلَى لَهُمْ﴾ فاعتبروا يا أولي الألباب.
1 رمضان 1445ه حزب التحرير
الموافق 11/3/2024م الأرض المباركة فلسطين