الأحد، 07ذو القعدة 1441هـ                          28/06/2020م                                      رقم الإصدار: ب /ص – 1441 / 12

 

كتاب مفتوح من المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين

إلى وكالة وطن للأنباء ووسائل الإعلام وإلى الكتاب والصحفيين

السادة وكالة وطن للأنباء المحترمين

السادة وسائل الإعلام والكتاب والصحفيين المحترمين

تحية طيبة وبعد:

لقد تابعنا في الآونة الأخيرة بكل أسف حجم المساحة التي تمنحها وكالاتكم ومواقعكم الإخبارية للشخصيات والمؤسسات النسوية الممولة من الغرب وللبرامج ذات الصلة بتحقيق أهداف تلك المؤسسات التي أخذت على عاتقها الترويج لحضارة الغرب وثقافة الاستعمار في بلاد المسلمين، خاصة فيما يتعلق بموضوع تسويق وتمرير اتفاقية سيداو الآثمة ومخرجاتها الخبيثة، ومؤخرا ما يسمى بقانون حماية الأسرة من العنف.

إننا نخاطبكم بهذا الكتاب المفتوح ونخاطب أمثالكم من منابر الإعلام الأخرى وزملاءكم في وسائل الإعلام من صحفيين وكتاب ومفكرين، لتكونوا في صف أمتكم ومنافحين عن الإسلام وأحكامه، ولتكشفوا للأمة ما يكيده لها أعداء الإسلام، ولتحذّروا الأمة من خطورة الانجرار وراء المؤسسات والجمعيات الممولة من أعداء الإسلام أو تلك الشخصيات المضبوعة بالغرب وثقافته البالية، والتي تعمل على هدم الأمة وهدم قيم الإسلام فيها، وتسعى نحو تغريب بلادنا الإسلامية وحرمانها من هويتها وعفتها وطهارتها النابعة من الإسلام، لتبقى الأمة ممزقة ضعيفة تابعة للغرب.

وإنه لا يخفى عليكم حجم السموم التي تبثها تلك الجمعيات والشخصيات التي لا تنكر شراكتها وتعاونها الوثيقين مع الدول الغربية الاستعمارية حاملة لواء العلمانية والديمقراطية والرأسمالية والتي كانت سبب استعمار البلاد الإسلامية وشقاء العالم كله، وكانت المرأة من أبرز ضحاياها وأعمقها جرحا.

أيها الإخوة الكرام:

لقد أعلنت تلك المؤسسات والشخصيات عن عداوتها الصريحة للإسلام، وأكدت على تبنيها للقيم الغربية العلمانية، وإمعانا منها في عداوتها تستغل كل حادثة شاذة للهجوم على أحكام الإسلام تضليلاً وقلباً للحقائق رغم أن تلك الحوادث التي تتعرض لها المرأة في بلادنا سببها غياب تطبيق الإسلام، وتطبيق أنظمة الكفر الرأسمالية، ووصل الحال بهؤلاء إلى ازدراء الإسلام وتاريخ الأمة ومهاجمة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ووصف قانون الأحوال الشخصية الذي فيه بقية باقية من الأحكام الشرعية بأنه يعطي تصريحا بالعنف (كما جاء في برنامج وكالة وطن "ضد الصمت")، ثم بكل وقاحة وجرأة يصفون المسلمين المتمسكين بالإسلام بالتخلف والرجعية والظلامية من على شاشات الفضائيات وبين أظهر المسلمين. وبالطبع يستغل هؤلاء ما يسمى بحرية الرأي والتعبير للنيل من كل ما هو مقدس وعزيز على المسلمين وللإساءة لحضارة الإسلام ومفاهيم المسلمين!

ونحن نؤكد على أن ما يشاهد من ممارسات سلبية تجاه بعض النساء في بلاد المسلمين سببه إنما هو غياب الإسلام وأحكامه، وتطبيق الأنظمة الوضعية التي لا تقوم على رعاية المجتمع رعاية صحيحة، بل تعمل على نشر الفساد وإشاعة الرذيلة بين الناس، وهو أيضا بسبب تلك المؤسسات والجمعيات الممولة من أعداء الإسلام التي تهدف إلى نشر الفساد والتحلل، وهدم الأسرة.

أيها الإخوة الكرام:

إنّ الإسلام الذي تهاجمه تلك المؤسسات والشخصيات تحت ذريعة مناصرة المرأة وحمايتها هو نفسه الدين العظيم الذي حفظ المرأة وحفظ لها مكانتها عبر قرون مديدة، وأخرجها من حالة العبودية والامتهان التي كانت فيها قبل الإسلام إلى حياة الكرامة والعفة والطهارة، وجعلها أمّاً تُطاع وتُبرّ وتُرجى من تحت أقدامها الجنّة، وزوجاً تُصان وتُراق من أجل الدفاع عنها الدماء، وبنتاً رفيقة لأبيها يغمرها بحبه وحنانه ورعايته وعطفه حتى آخر لحظة في حياته. وهو الفكر الإسلامي نفسه الذي نجابه به اليوم الرأسمالية والديمقراطية العفنة التي امتهنت المرأة وحولتها إلى سلعة للمتعة وهتكت كرامتها وعفتها على أبواب الدوائر وأحضان الحانات وخلف مكاتب المدراء، تحت مسمى "تمكين المرأة".

ونظرة سريعة خاطفة إلى حال المرأة في الغرب الذي يتخذه المضبوعون، أو قل المنتفعون، قِبلة لهم تُري حجم الضنك والمأساة التي تحيا فيها المرأة الغربية، وما تتعرض له المرأة عندهم من جرائم وحشية أسرية واعتداءات جنسية وجنائية وامتهان على قارعة الطريق هو مما لا تخطئه العيون إلا من أعمته الدولارات الأمريكية واليوروهات الأوروبية عن رؤية الحقيقة شديدة الوضوح، فالمرأة في الغرب تتعرض للاغتصاب والتحرش والقتل والاعتداء في كل دقيقة من اليوم، بل ووصل الأمر أن تُحصى الحالات بالثواني، والأسرة في الغرب باتت عبارة عن أقطاب مغناطيس متنافرة متشاحنة خاوية من العفة والحنان والسكينة.

إنّ هذا النموذج الذي يتخذه أولئك المضبوعون قِبلة لهم هو ما يريدون أن يسوقوا المسلمات والمسلمين إليه سوقا، من خلال التشريعات والقوانين التي يسنها الحكام العملاء المجرمون، ومن خلال مناهج التعليم التي يفرضونها على أبنائنا، ومن خلال حملات التضليل والكذب في وسائل الإعلام والبرامج التي يستهدفون بها شريحة واسعة من أبناء المسلمين.

إنّ إنقاذ البشرية (المرأة والرجل والطفل والشيخ والمجتمع) لا يكون إلا بتطبيق الإسلام وأحكامه، ولهذا نحن نصل ليلنا بنهارنا من أجل إقامة الخلافة لنحكم العالم بمنهاج النبوة ليعيش العالم كله في طمأنينة، فالخلافة على منهاج النبوة التي بشرنا بها رسول الله ﷺ لن تنقذ المسلمين فحسب بل ستنقذ البشرية وتخلصها من جشع الرأسماليين وتجار البشر، وتصون المرأة ليس في بلادنا فحسب، بل في العالم أجمع.

وأنتم كإعلاميين ووسائل إعلام جزء من هذه الأمة الإسلامية العظيمة، فدينها دينكم، وبلادها بلادكم، وأعراضها أعراضكم، فواجب عليكم أن تنحازوا إلى أمتكم ودينكم، ومن الكبائر أن تكونوا أداة بيد الدول الغربية وأعداء الإسلام لنشر القيم والأفكار الغربية وضرب الإسلام، وعليكم أن تكونوا في مقدمة الأمة للدفاع عن هويتها وحضارتها وثقافتها، ودحض كل فكر يخرج من مشكاة الغرب، ومحاربة كل دعوة لتطبيق أحكام الكفر في بلاد المسلمين، وينبغي أن تكون سهامكم أول السهام ورماحكم في مقدمة الرماح التي تدافع عن المسلمين في وجه الأعداء والمستعمرين وكل من يريد سوءا وشرا بأمتكم. وليكن قول الرسول ﷺ لحسان بن ثابت «اهْجُهُمْ، وَرُوحَ الْقُدُسِ مَعَكَ» نبراساً لكم.

وإننا ندعوكم إلى أن تكونوا واعين يقظين على ما يُكاد لكم وبكم، وأن تكونوا سدا منيعا أمام كل أولئك المرتزقة من أبواق الغرب وأدواته الذين باعوا دينهم وعرضهم بأموال بخسة، وتنكّروا لحليب أمهاتهم اللاتي أرضعنهم وباتوا يرون في باريس ولندن وواشنطن مهوى لأفئدتهم!

 أيها الإخوة الكرام:

إن السلطة الذليلة أمام أعداء الله قد فرطت بالبلاد والعباد وباعت دينها ورهنت نفسها خدمة لمشاريع الغرب وتطبيق أنظمته، وقد عملت جاهدة في السنوات الماضية لإفساد المرأة والأسرة والمجتمع، وإنها تريد منكم أن تحذوا حذوها وأن تكونوا أداة من أدوات حربها على الإسلام وإشاعة الفاحشة في المسلمين، فاتقوا الله في أنفسكم وأمتكم ولا تتابعوها في هذا الأمر، فإن فيه خزي الدنيا والآخرة ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

وإن السلطة تدرك أنّ أهل فلسطين يقفون ضد هذه الثقافة الفاسدة، وأنّ وقفة أهل فلسطين في هذا هي وقفة ثابتة البنيان راسخة الأركان، ولكن السلطة تريد منكم أن تكونوا حائط الصد دونها، وهي لا تبالي بمؤسساتكم وسمعتكم وإقبال جمهوركم عليكم أو إعراضهم عنكم، ما دمتم لها ذلك الحائط، فلا تطيعوها وكونوا أمام مشاريعها سدا منيعا تدفعون عن الإسلام والمسلمين كل عدو، وكونوا مع الأمة في تطلعها لتطبيق الإسلام ودحر الاستعمار وثقافته، ونسأل الله أن يرزقكم حسن الإنابة والاستجابة لأمر الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين