تعليق صحفي

أوروبا وصفقة ترامب...صراع مصالح وتنافس استعماري

قال الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت إن المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهي إحدى العقبات التي تحول دون التوصل إلى حل دولتين قابل للتطبيق. وأدانت فرنسا القرارات الجديدة التي اتخذتها السلطات "الإسرائيلية"، بالسماح ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية ودعتها للتخلي عن هذه الاستراتيجية من أجل الحفاظ على حل الدولتين.

وفي سياق متصل صرح الرئيس الأمريكي بالقول بأن ملف القدس سحب عن الطاولة وأن نقل سفارة بلاده إلى القدس كان أمرا عظيمًا إلا أنه سيترتب على "إسرائيل" أن تدفع بسبب ذلك ثمنا باهظا في إطار المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين. وأشار إلى أن الفلسطينيين سيتلقون شيئا جيدا جدا عندما يحين دورهم حسب تعبير ترامب.

تظهر هذه المواقف والتصريحات التباين الحاصل بين أوروبا وأمريكا، وتظهر حقيقة التنافس الاستعماري بينهما، وأن كلا منهما يسعى لتحقيق أجنداته الخاصة في المنطقة، تلك الأجندات التي لا تكترث بأهل فلسطين ولا بمقدساتهم وأرضهم، بل تتعامل معهم كما لو كانت تتعامل مع مزارع وقطعان لها.

فأوروبا تتمسك بحل الدولتين ليس حباً بأهل فلسطين أو شفقة بهم بل كخيار تسعى من خلاله للمشاركة في صياغة المنطقة للحفاظ على مصالحها، وأمريكا تطرح صفقة ترامب لتستفرد بالتحكم في قضية فلسطين وتهمش أي دور أوروبي.

لذا فما يردده بعض قادة السلطة وحكام المسلمين من التمسك بحل الدولتين أو جنوح بعضهم لصفقة ترامب، لا يعدو كونه صدى لأسيادهم واتباعاً لتلك الأجندات، وكاذب من يدّعي منهم بأنه صاحب موقف أو مشروع أو أنه يملك قرار الرفض أو القبول.

إن الحقيقة الساطعة أن حل الدولتين وصفقة القرن هما مشروعان استعماريان، خرجا من مشكاة واحدة، ومن الخطأ بل التضليل المتعمد أن يصور حل الدولتين بأنه الخيار الأمثل لأهل فلسطين وأن التصدي لصفقة القرن لا يكون إلا بالتمسك بحل الدولتين، فذلك كالمستجير من الرمضاء بالنار.

إن حل الدولتين كصفقة القرن في تضييع فلسطين والاعتراف بشرعية الاحتلال وإن اختلفت نسبة الأراضي المضيعة والتسميات، وهما سواء في الترويج للتطبيع مع المحتل الغاصب وحفظ أمنه، وهما سواء في المرجعية الاستعمارية، وهما سواء في الركون للكافرين، وهما سواء في تحكيم المستعمر في قضايا المسلمين.

إن الخيار الأصيل لقضية فلسطين هو تحريرها، واقتلاع كيان يهود منها، وإرجاعها لحياض المسلمين، وهو واجب جيوشِ الأمة وأهلِ القوة والمنعة فيها.

وهذه دعوة متجددة لأهل الأرض المباركة فلسطين لنبذ الحلول الأمريكية والأوروبية والانفضاض عن الأدوات الاستعمارية والأنظمة العميلة، والتمسك بالحل الأصيل لقضية الأرض المباركة. ودعوة متجددة لجيوش الأمة لتطبيق هذا الحل الذي نزل من فوق سبع سماوات ﴿وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾، فهل هم فاعلون؟!