تعليق صحفي

حرية الرأي والتعبير أكذوبة، والسلطة تتصرف بنهج فرعوني!

أصدرت محكمة صلح رام الله، برئاسة القاضي محمد حسين، قرارا يقضي بحجب 59 موقعا الكترونيا في فلسطين، بناء على طلب من النائب العام. وجاء في حيثيات القرار "بأن الجهة المستدعى ضدهم، قد أقدمت على نشر ووضع عبارات وصور ومقالات عبر الشبكة العنكبونية من شأنها تهديد الأمن القومي والسلم الأهلي والاخلال بالنظام العام والآداب العامة واثارة الرأي العام الفلسطيني".

فيما طالبت حكومة السلطة جهات الاختصاص والنائب العام بالتراجع عن القرار وفق الإجراءات القانونية واجبة الاتباع والتسلسل.

وللتعليق على ذلك نذكر الأمور التالية:

1.    إن اظهار السلطة لهذا الحظر كقضية قضائية وتقمص الحكومة لدور البريء والمدافع عن الحريات هو مسرحية هزيلة سخيفة الإخراج، وكل من يعيش في فلسطين يدرك حجم تحكم السلطة بجهاز القضاء وأن مثل هذا القرار هو قرار سياسي بامتياز وان ألبس ثوب القضاء، والسلطة بمستوياتها السياسية هي من تقف خلفه.

2.    إن الحديث عن "الأمن القومي" مثير للسخرية، فعن أي "أمن قومي" تتحدث السلطة في ظل الاقتحامات اليومية لقوات الاحتلال لكافة مدن الضفة واعتقالها العشرات، وفي ظل اعتداء المستوطنين على المواطنين ومنعهم من قطف ثمار الزيتون؟! فهل تهتم سلطة التنسيق الأمني بحق ب"الأمن القومي" للناس؟! أم هي تتدثر بهذه العباءة لملاحقة المعارضين لها؟! ثم أيهم أخطر؛ المستوطنون وجنود الاحتلال أم من ينشر بوستا على الفيس بوك أو خبرا خلاف رغبات السلطة على موقع إليكتروني؟! إن هذا لأمر عجاب!!

3.    إن هذا القرار يفضح أكذوبة حرية الرأي التي تتشدق بها السلطة، وأنها تتصرف بنهج فرعوني وبعقلية (ما أريكم إلا ما أرى)، وتخشى من انكشاف أمرها، وأن هامش الحرية المسموح به عند السلطة هو الرأي الذي يتملقها ويجامل رموزها ويبجل قادتها رغم ما يرتكبونه من جرائم وخيانات فاقت الأولين والآخرين.

4.    يأتي هذا القرار على يد حكومة زعم رئيسها من أول يوم حمايته لحرية الرأي والتعبير وعدم الملاحقة السياسية، لترتكب حكومته ما لم تقترفه سابقاتها من قبل، ولتؤكد حقيقة الانفصال التام بين السلطة والناس، وأن السلطة تتخذ من الناس أعداء لها وتتربص بهم الدوائر.

5.    إن السلطة بمضيها في سلوكها الفرعوني المتصاعد لم تتعظ بما يحدث في دول الجوار، وهي لم تتعلم الدرس، فالناس لا تسكت على الضيم أبد الدهر، فلتتعظ ولتكف شرورها عن الناس إن كانت تعقل.

22-10-2019