تعليق صحفي

العمال بين مطرقة إجرام كيان يهود وسندان سوء رعاية السلطة!

رغم هواجس الإصابة بالفيروس فإن نحو خمسين ألف عامل فلسطيني -من أصل 150 ألفاً بحوزتهم تصاريح- دفعتهم الظروف المعيشية الصعبة وقلة فرص العمل في الضفة الغربية المحتلة للتواجد منذ بداية الأسبوع في أماكن العمل في الداخل المحتل في ظروف أشد قسوة من الجوع ومخاطر تزيد مع احتمال إصابتهم بالفيروس.

لكن مصير هؤلاء العمال -وإن ضمنوا لقمة العيش- سيكون في مهب الريح ببدء كيان يهود تطبيق الإغلاق الشامل، يقول أحد العمال: "كورونا والموت أفضل من هذه العيشة، فلا يوجد شيء مما وعدنا به؛ الورشة بالنسبة لنا هي مكان العمل والمبيت أيضاً، ومع ذلك تفتقد لأبسط المقومات"، ولا توجد أي جهة تراقب وتطبق التعهدات التي التزم بها المقاول عند الموافقة على طلبه بإحضار العمال والمبيت (بإسرائيل) لشهر أو شهرين. (الجزيرة نت-بتصرف)

هذه الظروف السيئة و"الفخ" الذي وقع فيه العمال من قبل مُشّغليهم ومن ثم عنصرية كيان يهود الغاصب الذي يخلو من الأخلاق والإنسانية وتفوح منه رائحة العنصرية والكراهية التي تجلت في كيفية التعامل مع مالك غانم وهو أحد العمال اشتبه بإصابته بفايروس كورونا، وفي التفاصيل التي يرويها غانم للجزيرة نت يقول إنه أصيب بعدوى إنفلونزا "عادية" من أحد العمال الذين يبيتون معه في المسكن، ويسرد تفاصيل معاناته التي كانت آخر مراحلها تقييد يديه وقدميه وإلقاءه داخل سيارة عسكرية، ومن ثم نقله لحاجز بيت سيرا قرب مدينة رام الله، ومن ثم يقول غانم "طلبوا مني السير باتجاه الضفة وحدي رغم أنني لا أقوى على الحركة، إذ ارتفعت درجة حرارتي لأربعين مئوية وأعاني من مرض في الكبد"، كل ذلك دفع العمال إلى مغادرة الداخل المحتل والعودة إلى الضفة ولكنهم وجدوا أنفسهم دون رعاية واهتمام بل ضحية تقصير وسوء رعاية من قبل السلطة الفلسطينية وهجوم من قبل بعض الجهات.

كان الأصل مطالبة العمال بعدم الذهاب إلى الداخل عند حدوث الأزمة وأن يتم العمل على تأمين احتياجاتهم واحتياجات أسرهم لا أن يتم إعطاؤهم مهلة ثلاثة أيام لترتيب أمورهم والذهاب إلى العمل لتأمين لقمة عيش أبنائهم، والسلطة بذلك كانت قد خيرتهم بين الجوع وخطر الإصابة بالمرض بشكل دفع العمال بعد حصولهم على وعود وتعهدات بتأمين ما يضمن سلامتهم إلى الذهاب للعمل، ومن ثم كانت المفاجأة كما ورد في تقرير الجزيرة واكتشف العمال أنهم قد خدعوا وأصبحوا في خطر وعندها بدأ العمال بالعودة، وهنا كان الواجب على السلطة أن تقوم بحصرهم في المدارس ومن ثم إجراء الفحوصات اللازمة لهم وتوفير حجر صحي مناسب يضمن سلامتهم وكرامتهم لا أن يتم تركهم في الشوارع دون توجيه صحيح وإجراءات صحية ضرورية ومن ثم تركهم يعودوا إلى بيوتهم بحيث من كان مصاب منهم ينقل العدوى لأهله ومن حوله فهذا تقصير وسوء رعاية وجريمة بحق العمال وأهل فلسطين.

إن الواجب تجاه العمال هو الرعاية الصحيحة وليس تحميلهم المسؤولية، فهؤلاء مسؤوليتهم تجاه السلطة التي تحاول أن تتنصل من ذلك وتلقي باللوم على أناس لو وجدوا رعاية حقيقية واهتمام فعلي ما خرجوا وخاطروا بأنفسهم وابتعدوا عن أسرهم.

27-3-2020