تعليق صحفي

الحل لا يكمن في تغيير المرجعية الوطنية للانتخابات

وإنما في إعادة القضية إلى أصلها الشرعي والسياسي!

معا قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش إن موضوع المشاركة في الانتخابات مرهون بتغيير المرجعية الراهنة للانتخابات. وأشار البطش إلى أن موقف الجهاد الرسمي سيعلن بعد لقاء القاهرة على قاعدة: "التمسك بتغيير مرجعية الانتخابات السياسية الراهنة، والتوافق على برنامج سياسي وطني يشترك فيه الجميع، وضرورة الفصل بين المجلس التشريعي والمجلس الوطني"، وقال "إن المأمول من المشاركين في العملية الانتخابية سواء شاركت الحركة أم لم تشارك أن تفضي هذه الانتخابات لحكومة وحدة وطنية".

 

إن الناظر إلى قضية فلسطين بوعي سياسي ومن زاوية العقيدة الإسلامية يجد بكل وضوح أن فلسطين أرض مغتصبة، وأن العمل الحقيقي يكون بتحريرها، والاجتهاد يكون في كيفية تحقيق هذا التحرير، أما موضوع الانتخابات والمشاركة في السلطة فهو طريق للتنازل والتفريط وليس للتحرير إلا إن كان المقصود بالتحرير مشروع حل الدولتين الذي يعطي جل فلسطين لكيان يهود!!

 

وذلك أن المشكلة لا تكمن في آلية الانتخابات أو نزاهتها، ولا في عدم الفصل بين المجلس التشريعي والوطني، ولا في عدم وجود حكومة وحدة وطنية، ولا في اعتماد اتفاقية أوسلو كمرجعية، وإنما تكمن في أن قيام منظمة التحرير وما انبثق عنها من سلطة ومجالس وما تبعه من انتخابات كان أساسه مشروع حل الدولتين الأمريكي القاضي بالتنازل عن ثلثي فلسطين لكيان يهود، ولذلك فإن المشكلة في المنظمة ووجودها من الأساس، والعمل يجب أن يكون منصبا على فضحها وإنهائها سياسيا، وليس بترميمها وإعادة الشرعية لها وتعزيز موقفها!

 

أما عن اجتماع القاهرة والتعويل عليه في خدمة القضية، فهو ضرب من الخيال، فالسياسي المتابع يدرك أن التحرك المصري جاء برغبة أمريكية لاستئناف المفاوضات وفق مشروع حل الدولتين الذي تقره اتفاقية أوسلو، فكيف يُتصور بعد ذلك أن يتم تغيير تلك المرجعية للانتخابات في أحضان السيسي عميل أمريكا؟! ثم إن الحديث عن مجلس وطني لتحرير كامل فلسطين ومجلس تشريعي لإدارة أمور المواطنين فهذا فوق أنه كلام بعيد كل البعد عن الواقع في الوضع الطبيعي -فكيف الحال في أرض محتلة وسلطة تحت ظل الاحتلال وإرادة المحتل- فإنه أيضا تجاوز لحقيقة السلطة بأنها أداة سياسية بيد أمريكا لتصفية القضية وأداة خدماتية تريح كيان يهود من تبعات الاحتلال وتنسق معه أمنيا، ولولا ذلك ما قبل بها كيان يهود وما أوجدها الغرب وما حصلت انتخابات ولا وجدت حكومات.

 

آن الأوان لقادة الفصائل ليعترفوا ويقروا بحقيقة منظمة التحرير وسلطتها، وأن لا يحاولوا تحسين صورتها أو ترميم عظامها، وأن يتوقفوا عن الحديث من منطلق وطني يقزم القضية ومشروع وطني متفق عليه، فحتى لو اتفقت كل الفصائل على التنازل عن شبر من الأرض المباركة فإن ذلك تفريط وخيانة واتفاق باطل لأن أرض فلسطين ليست ملكا للفصائل بلهي ملك لأمة الإسلام، وحلها مسطور في كتاب الله بتحريرها وإعادتها لأصلها، وذلك ليس بحاجة لتصويت أو استفتاء أو توافق!

 

إن قضية فلسطين قضية إسلامية، ومرجعيتها كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وهي ليست يتيمة المرجعية ليتم البحث لها عن مرجعية هنا أو هناك، وتلك المرجعية الإسلامية توجب علينا جميعا العمل على استنهاض الأمة الإسلامية وجيوشها للقيام بواجبها والتحرك لتحرير فلسطين رغم أنف الأنظمة الحاكمة، لا أن يتم الالتفاف على ذلك بسلطة وحكومة وممثل "شرعي ووحيد" والارتماء في أحضان عملاء أمريكا من السيسي وغيره!

1-2-2021